إيلاف من بيروت: الحرب في أوكرانيا، المستمرة منذ عام بكثافة عالية للغاية، لا تمنع روسيا من الاستمرار في تعميق سيطرتها في مناطق أخرى، خاصة في الشرق الأوسط. بعد أن اكتسبت موطئ قدم واسع النطاق في السنوات الأخيرة في سوريا، تعمل الآن على تقوية وتعميق العلاقة مع دولة أخرى قريبة في المنطقة، والتي أصبحت في الآونة الأخيرة فقط إحدى الدول الشرق أوسطية الودودة مع إسرائيل.
آخيرًا، أعلنت السلطات في السودان الموافقة على خطة إنشاء ميناء بحري للجيش الروسي على أراضيها على شواطئ البحر الأحمر في مدينة بورتسودان، بعد فترة طويلة من المفاوضات. وقال مسؤولون بالحكومة السودانية لوكالة أسوشيتيد برس إن "موسكو وافقت على تلبية معظم مطالبنا بما في ذلك توريد الأسلحة والمعدات العسكرية". وقالت المصادر نفسها إن الاتفاق لا يزال خاضعًا لموافقة حكومة مدنية بالخرطوم ينبغي تشكيلها في المستقبل القريب. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن الاتفاقية لم يتم التوقيع عليها رسميًا بعد، وتنتظر موافقة السلطات المدنية في السودان.
سيطرة روسية على البحر الأحمر
تعد الخطة جزءًا أكثر شمولاً من التحرك العام لروسيا لتعميق سيطرتها ووجودها في جميع أنحاء العالم بشكل عام، وفي القارة الأفريقية بشكل خاص. يسمح هذا الاتفاق لروسيا بإنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان تضم حوالي 300 جندي، وستكون قادرة على السماح لرسو أربع سفن حربية في نفس الوقت، بما في ذلك السفن التي تعمل بالطاقة النووية. مدة الاتفاقية 25 سنة، مع إمكانية التمديد التلقائي 10 سنوات أخرى. ومتوقع أن تضمن القاعدة الجديدة سيطرة روسيا العسكرية على البحر الأحمر وتتيح لها مخرجًا سريعًا باتجاه بحر العرب والمحيط الهندي.
في مقابل، تزود روسيا السودان بكميات كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية، لكن لم يتم الكشف عن الأرقام الرسمية. أهم عامل سوداني وراء الترويج لاتفاق إنشاء الميناء هو محمد حمدان دقلو (حميدي)، نائب رئيس السودان، وقائد ميليشيا "قوات الدعم السريع" التي أفادت المنظمات الحقوقية و هيومن رايتس ووتش أنها مسؤولة عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل المنهجي والاغتصاب في منطقة دارفور، في عامي 2014 و2015.
نشاط فاغنر
إن القوة الروسية الرئيسية العاملة في السودان، على الأقل منذ عام 2017، هي مجموعة فاغنر، وهي شركة المرتزقة الخاصة التي يملكها الأوليغارش الروسي يفغيني بريغوزين، الشريك المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. على الرغم من شهرة مجموعة فاغنر في العام الماضي كجزء من الحرب في أوكرانيا، نشاطها السري في إفريقيا مستمر منذ سنوات.
يعمل أعضاء مجموعة فاغنر بشكل مكثف في السودان، على ما يبدو منذ عام 2017، أي منذ عهد الديكتاتور عمر البشير. توصلت مجموعة بريغوزين إلى اتفاقات مع الديكتاتور، الذي أطيح في عام 2019، بشأن ترتيبات خاصة لتعدين الذهب في المنطقة الجنوبية الغربية من البلاد، قرب الحدود مع أفريقيا الوسطى. في حين أن شركات تعدين الذهب الأخرى مطالبة بتحويل ضريبة عالية بنسبة 30 في المئة للحكومة في الخرطوم، فإن مجموعة فاغنر ليست ملزمة بتحويل أي مدفوعات على الإطلاق.
وبحسب التقديرات، توصل رجال فاغنر إلى اتفاق مع نظام البشير يقضي بتزويد القوات العسكرية في السودان بالسلاح في مقابل التنقيب عن الذهب. على الرغم من إطاحة الدكتاتور الذي حكم السودان 30 عامًا، واضح أن المرتزقة الروس تمكنوا من الحفاظ على مكانتهم في البلاد، والآن يحافظون على علاقات قوية مع كبار مسؤولي الحكومة العسكرية في السودان. وأفادت أسوشيتد برس أن وحدة مجموعة فاغنر تقدم اليوم العديد من الخدمات لقوات الدعم السريع التابعة لحميدي، بما في ذلك التدريب العسكري والاستخباراتي. إضافة إلى ذلك، يقوم أعضاء الوحدة بمهام أمنية وإشرافية لكبار المسؤولين في القيادة السودانية، مقابل حقوق تعدين غير محدودة على ما يبدو. كما ساعد المرتزقة الروس في قمع التظاهرات والاحتجاجات الأخيرة في الخرطوم.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها عساف روزنزويج ونشرها موقع "القناة 12" العبرية
التعليقات