قال الأمين العام للأمم المتحدة،أنطونيو غوتيريش، إن التقرير الأممي الجديد الرئيسي عن تغير المناخ هو "دليل بقاء للبشرية".

ويقول التقرير إنه يمكن استغلال الطاقة والتكنولوجيا النظيفة لتجنب كارثة المناخ المتزايدة. لكن علماء المناخ حذروا، من أن الهدف الرئيسي لعدم تجاوز درجات الحرارة العالمية حد معين، قد لا يتحقق أثناء اجتماع عُقد في سويسرا للاتفاق على النتائج التي توصلوا إليها. كما يوضح هذا التقرير كيف يمكن أن يجنب التقليص السريع لاستخدامات الوقود الأحفوري أسوأ آثار لتغير المناخ.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رداً على نتائج التقرير، إنه يتعين على جميع البلدان طرح خططها التي تهدف إلى الوصول إلى تخفيض الانبعاثات إلى مستوى صفر لمدة عقد.

ومن المفترض أن تؤدي هذه الأهداف إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي ترفع حرارة الغلاف الجوي لكوكب الأرض على وجه السرعة.

ويذكر التقرير أن "النافذة التي تفتح فرصة لتأمين مستقبل قابل للعيش سريع ومستدام للجميع، تضيق بسرعة".

وكانت الحكومات قد وافقت في السابق على العمل لتجنب ارتفاع درجة الحرارة العالمية بما يتجاوز 1.5 درجة مئوية. لكن العالم قد ارتفعت درجة حرارته بالفعل بمقدار 1.1 درجة مئوية.

ويقول الخبراء الآن، إنه من المحتمل أن تخترق درجات الحرارة العالمية حاجز 1.5 درجة مئوية في ثلاثينيات القرن الحالي.

وقد وافقت جميع الحكومات المعنية بهذا التقرير، الذي أصدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي الهيئة العلمية التي تقدم المشورة للأمم المتحدة بشأن ارتفاع درجات الحرارة.

وتهدف الدراسة الجديدة التي أجرتها الهيئة إلى اختصار النتائج البارزة حول أسباب وتأثيرات وحلول تغير المناخ التي أصدرت منذ عام 2018 عبر مجلد صغير. كما أنها تحدد كذلك التأثيرات الكبيرة الناجمة بالفعل عن تغير المناخ على العالم، موضحة أنها ستزداد سوءًا.

فمن المتوقع حدوث، بحلول عام 2100، فيضانات ساحلية شديدة كانت تحدث مرة كل قرن على الأقل سنويًا في نصف مواقع قياس المد والجزر في العالم، وهي الأماكن التي يتم فيها تسجيل مستويات سطح البحر.

وقد وصلت تركيزات غازات الاحتباس الحراري لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى على مستوياتها منذ مليوني عام.

وأصبح العالم الآن أكثر دفئًا من أي وقت مضى خلال 125،000عام الماضية، ومن المرجح أن يزداد دفئًا خلال العقد القادم.

ويذكر التقرير أنه "حتى على المدى القريب، من المرجح أن تصل درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية حتى في ظل سيناريو انخفاض غازات الاحتباس الحراري".

وقالت الدكتورة فريدريك أوتو من إمبريال كوليدج، وهي عضوة في الفريق الرئيسي الذي كتب هذا التقرير، لبي بي سي نيوز إنه "إذا كنا نهدف إلى الوصول إلى 1.5 درجة مئوية ونحقق 1.6 درجة مئوية، فهذا أفضل بكثير من القول إن الوقت قد مضى، وإنه محكوم علينا بالفشل ونحن لم نحاول حتى .واعتقد أن ما يظهره هذا التقرير بوضوح شديد،هو أن هناك المزيد للفوز به من خلال المحاولة".

ويظهر التركيب الكيميائي أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتوقعة من البنية التحتية الحالية للوقود الأحفوري، مثل آبار النفط وخطوط أنابيب الغاز، ستؤدي إلى تعطيل ميزانية الكربون المتبقية، المتمثلة في كمية ثاني أكسيد الكربون التي لا يزال من الممكن انبعاثها، للبقاء عند حد درجة الحرارة الرئيسية هذه.

وعلى الرغم من أنه لم يُذكر بشكل صريح طرح مشاريع جديدة مثل استخدام زيت الصفصاف في الولايات المتحدة أو منجم الفحم في مقاطعة كمبريا بالمملكة المتحدة، فإن العلماء المعنيين لديهم القليل من الشكوك حول تأثيرها.

وقال الدكتور أوليفر جيدن من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، وعضو أساسي في فريق كتابة التقرير، لبي بي سي نيوز "ليس هناك يوم محدد لإيقاف لاستخدام الوقود الأحفوري، ولكن من الواضح أن البنية التحتية للوقود الأحفوري التي لدينا بالفعل سوف تتفوق على الميزانية التي خُصصت لخفض انبعاثات الكربون".

ويجادل التقرير بشدة افتراض تجاوز 1.5 درجة مئوية بأنه لن يكون نهاية العالم، لأن هذا قد يكون مجرد "تجاوز مؤقت".

كما يقول معدو التقرير إنهم متفائلون من إمكانية تحقيق تغييرات جذرية بسرعة، مشيرين إلى الانخفاضات الهائلة في أسعار الطاقة المُولدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويجادلون كذلك قائلين إن التغييرات التي يقودها المستهلكون من حيث النظام الغذائي ونُفايات الطعام والتحول إلى استخدام وسائل النقل منخفضة الكربون، يمكن أن تؤدي إلى تخفيضات الانبعاثات بشكل كبير في العديد من القطاعات.

بيد أن التقرير يقر أيضا بأنه بالإضافة إلى الوصول مستوى انبعاثات صفر في أقرب وقت ممكن، ستكون هناك حاجة إلى استخدام واسع النطاق لتقنية إزالة ثاني أكسيد الكربون.

ويقول العلماء إن هذه خطة واقعية لاستعادة السيطرة على درجة حرارة الأرض، وإعادة درجات الحرارة إلى ما دون 1.5 درجة مئوية.

ويقول بعض المراقبين، الذين لديهم ثمة شكوك، إن هذه التقنيات غير مُثبتة. إذ قالت ليلي فوير، من مركز القانون البيئي الدولي، والتي حضرت جلسة المصادقة: "نحن نعلم ما الذي يتعين أن يحدث، لكن جزئية إزالة الكربون واقتراحات احتجازه وتخزينه، تُشتت الانتباه بشكل هائل. لكنني أعتقد أن مؤيدي هذه التقنيات سوف يبرعون في إثبات نجاعتها، ليقولوا إنها دعوة ضخمة للاستثمار في إزالة الكربون".

وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة البلدان إلى طرح خططها لتحقيق تخفيض صافي الانبعاثات إلى مستوى صفر بحلول عشر سنوات، استجابة لدعوة التقرير لاتخاذ إجراءات أكثر إلحاحًا.

وقال الأمين العام في بيان "إنه يتعين على زعماء الدول المتقدمة الالتزام بالوصول إلى تخفيض صافي الانبعاثات إلى مستوى صفر في أقرب وقت ممكن من عام 2040 وهو الحد الذي يجب أن يسعى الجميع إلى الالتزام به".

كما دعا دول كالهند والصين اللتين أعلنتا عن خطط للوصول إلى مستوى صفر من الانبعاثات لما بعد عام 2050، إلى محاولة تقديم موعدها النهائي.