الفاتيكان: يطرح الدخول المفاجئ للبابا فرنسيس المستشفى هذا الأسبوع تساؤلات جديدة حول مستقبله على رأس الكنيسة الكاثوليكية، ويحيي أملًا لدى المحافظين الذين يرغبون في رؤية تغيير في المنصب البابوي، بحسب خبراء في شؤون الفاتيكان.

المشاكل الصحية للحبر الأعظم "تعطي بعضًا من الأوكسجين" للمحافظين الذين يقدّمونه على أنه بابا ضعيف ويرغبون في رؤيته ينتحّى كما فعل سلفه البابا بنديكتوس السادس عشر في العام 2013، حسبما قال المحرر في صحيفة "لا كروا" روبرت ميكنز لوكالة فرانس برس.

ولطالما ترك البابا فرنسيس المجال مفتوحًا أمام إمكان التنحّي.

العام الماضي، اضطر البابا فرنسيس مرارًا إلى إلغاء أنشطة أو اختصارها بسبب آلام في الركبة، وأقر في مقابلة أجريت معه في تموز/يوليو 2022 بأنه يحتاج إلى تقليص أنشطته.

لكنه أكّد في شباط/فبراير أن الاستقالة غير واردة "على جدول أعماله في الوقت الحالي".

غير أن بقاءه ثلاثة أيام في مستشفى جيميلي في روما أحيا التكهّنات، ما أثار "حركة محمومة" في صفوف حلفائه كما أشدّ منتقديه، حسبما رأى خبير شؤون الفاتيكان في صحيفة كورييري ديلا سيرا ماسيمو فرانكو.

وقال الأخير الجمعة "لم تعد التكهنات حول مستقبل البابوية مجرد نظريات".

مشاكل صحية مزمنة
ويعاني البابا الأرجنتيني مشاكل صحية مزمنة وبات يستخدم كرسيًا متحركًا بسبب آلام في الركبة. وفي تموز/يوليو 2021، خضع لعملية جراحية في القولون.

الأربعاء، أُدخل اليسوعي الأرجنتيني البالغ 86 عامًا إثر إصابته بالتهاب الشعب الهوائية الى الجناح المخصص للبابوات في الطابق العاشر من مستشفى جيميلي الجامعي الذي أدخل اليه مراراً البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، والذي انشىء في عام 1981.

بعد ثلاثة أيام من العلاج، خرج البابا فرنسيس من المستشفى السبت عائدا الى الفاتيكان حيث يرأس قداس أحد الشعانين الاحد إيذانا ببدء احتفالات عيد الفصح.

وعند خروجه من المستشفى، قال البابا ممازحا للصحافيين والعديد من المؤمنين الذين حضروا للاطمئنان الى صحته، "ما زلت على قيد الحياة".

"نهج فرنسيس"
ولطالما أثار البابا فرنسيس منذ تعيينه في العام 2013 جدلًا بالنسبة الى مواقفه الليبرالية بشأن الميول الجنسية، خصوصًا بعد مقولته الشهيرة "من أنا لأحكم؟" في تموز/يوليو 2013.

في أواخر كانون الثاني/يناير، قال البابا فرنسيس، في رسالة نشرها موقع "أوتريتش" Outreach المتخصص في نشر مقالات ومعلومات قد تفيد الكاثوليكيين من مجتمع الميم-عين، إن الأشخاص الذين يجرّمون المثلية الجنسية "مخطئون"، في محاولة لتوضيح تعليقات سابقة له حول كون الممارسات الجنسية المثلية "خطيئة".

وتأتي المشاكل الصحية التي تصيب البابا فرنسيس مع تزايد الانتقادات في الفاتيكان لكيفية إدارته للكنيسة وخصوصًا بعد وفاة البابا السابق بنديكتوس السادس عشر في 31 كانون الأول/ديسمبر.

لم تمض بضعة أيام على وفاة بنديكتوس حتى دشن سكرتيره الخاص المونسنيور يورغ غانسفاين حملة الانتقادات للبابا، مؤكدًا أن فرنسيس "حطّم قلب" سلفه عبر حدّه من استخدام اللغة اللاتينية في القداس.

ولم تكن الانتقادات الصادرة عن الأسقف الألماني معزولة بل تندرج ضمن خط يتبعه بصورة خاصة المحافظون في الفاتيكان حيال ما يعرف بـ"نهج فرنسيس"، متهمين اياه بالتساهل في العقيدة وباعتماد قدر من التسلط.

في تشرين الأول/أكتوبر 2015، وسط دعوات من البابا للمحافظين لتفهّم وضع المطلّقين والمتزوجين أكثر من مرة، اضطرّ الفاتيكان إلى نفي شائعات مفادها أن البابا يعاني ورماً دماغياً.

لعبة "الشائعات هذه انطلقت مجددًا"، بحسب الصحافي المتخصص في شؤون الفاتيكان ياكوبو سكاراموتزي، في ظلّ انتشار شائعات مفادها أن البابا مصاب بسرطان منتشر في كل جسمه منذ خضوع لجراحة القولون.

وقال البابا حينها "البعض يريدني ميتًا!".

نقص الشفافية
واعتبر ياكوبو سكاراموتزي أن أعداء البابا فرنسيس يجعلون من مشاكله الصحية "ساحة معركة عبر المبالغة في بعض المعلومات واختراع أخرى بالكامل".

وأوضح المحرر في صحيفة "لا كروا" روبرت ميكنز "لم نعد نعلم إذا كان البابا يعاني مشاكل صحية أكبر أو إذا كان مصابًا بورم كما رجّح البعض"، لأنه يتحفّظ عن إعطاء الكثير من المعلومات عن نفسه.

لكن نقص الشفافية هذا يغذّي التكهّنات حول الفترة المتبقية له على رأس الكنيسة الكاثوليكية.