يقول الخبراء إن الشاب المختص في مجال أمن شبكات الانترنت العسكرية، المشتبه في تسريبه وثائق أمريكية سرية، يواجه عقوبة سجن طويلة إذا أدين بالتورط فيما اعتبرته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الحاق ضرر كبير بالأمن القومي الأمريكي.

يبدو أن الوثائق تتضمن معلومات استخبارية سرية تتعلق بالحرب بين أوكرانيا وروسيا، وكذلك حول الصين وحلفاء الولايات المتحدة مثل إسرائيل وكوريا الجنوبية وكندا.

وبعد حل اللغز المحيط بهويته والتعرف عليه في 13 أبريل/نيسان، ألقي القبض على عنصر الحرس الوطني الجوي البالغ من العمر 21 عاماً.

وفقاً للمدعي العام الأمريكي ميريك غارلاند، تم القبض على جاك تيكسيرا "دون وقوع حوادث" بهدف "التحقيق في امتلاكه بشكل غير قانوني معلومات لسرية تتعلق بالدفاع الوطني والاحتفاظ بها ونقلها".

كما دفع تسريب الوثائق التي قال المسؤولون إنها شبيهة بالوثائق الموجهة لكبار القادة، إلى مراجعة البنتاغون لكيفية تبادل الملفات السرية، ومن الذي يمكنه الوصول إليها.

وقال المسؤولون إن مجموعة الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى هذه المواد صغيرة نسبياً.

قبل اعتقال تيكسيرا ، قال الخبراء إن الجاني قد يواجه عقوبة السجن بالإضافة إلى عقوبات مالية مشددة.

ونلقي الضوء على ما نعرفه عن التحقيق والعواقب المحتملة.

روسيا وأوكرانيا: الوثائق الأمريكية المسربة بشأن الحرب "تشكل خطرا" على الأمن القومي الأمريكي

الوثائق الأمريكية المسربة تكشف عن وجود خلافات روسية داخلية حول إخفاء الخسائر البشرية

كيف توصلت الحكومة إلى مصدر التسريب؟

حتى الآن يلتزم المسؤولون الأمريكيون الصمت إلى حد كبير بشأن التحقيق في تسريب الوثائق وكيف توصلوا إلى تحديد تيكسيرا كمشتبه به.

وقال مسؤولون إن التحقيق أجرته وزارة العدل بالتنسيق مع البنتاغون والبيت الأبيض ووزارة الخارجية وجهات أخرى في الحكومة الأمريكية.

قال ستيفن سترانسكي، المحامي الذي عمل سابقاً كمستشار في قسم قانون المخابرات بوزارة الأمن الداخلي ، لبي بي سي إن المسؤولين الأمريكيين سيراجعون الوثائق ومستويات تصنيفها وسيسعون إلى معرفة كيفية نقل المعلومات أو تسريبها من بيئة تكنولوجيا المعلومات في وزارة الدفاع".

وأضاف سترانسكي: "يتضمن ذلك إجراء المقابلات التقليدية وعمليات الاستجواب، فضلاً عن الضوابط الأمنية التقنية التي كانت موجودة لتحديد ما إذا كانت رسائل البريد الإلكتروني السرية قد تم إرسالها أم لا إلى الأفراد الذين لا ينبغي لهم الوصول إليها".


هل مصدر التسريب متهم بالتجسس؟

يواجه تيكسيرا تهماً بموجب قانون التجسس، وهو قانون فيدرالي صدر في عام 1917 ، وشكل الأساس لإدانات سابقة للجواسيس وأولئك الذين تبادلوا معلومات سرية مع الصحافة وعامة الناس.

قبل الاعتقال، قال سترانسكي إنه على الرغم من أن قانون التجسس "قديم وعفا عليه الزمن، لكنه يجرم بشكل أساسي جمع معلومات عن الدفاع الوطني أو الكشف عنها أو نشرها".

وأضاف أنه في حين أن مصطلح "معلومات الدفاع الوطني" له تعريف فضفاض في القانون، فإنه يعني على نطاق واسع، المعلومات التي "يمكن أن تضر بالولايات المتحدة أو تضعها في موقف ضعيف أمام دولة أخرى".

يتم تطبيق قانون التجسس من حين إلى آخر، وقد تم تطبيقه تاريخياً إلى حد كبير على الأمريكيين الذين قاموا بأعمال تجسس لحساب دول أجنبية مثل جوليوس وإثيل روزنبرغ، اللذين أعدما في عام 1953 بعد إدانتهما بنقل أسرار نووية إلى الاتحاد السوفيتي.

ولكن، تم تطبيقه أيضاً على من يكشفون عن أسرار والأشخاص الذين سربوا معلومات حساسة، مثل مصدر تسريب ويكيليكس تشيلسي مانينغ، والمقاول السابق لوكالة المخابرات المركزية، إدوارد سنودن وهنري كايل فريز - وهو موظف في وكالة الاستخبارات الدفاعية أدين بالكشف عن معلومات سرية لاثنين من المراسلين في عامي 2018 و2019.

تشيلسي مانينغ
Getty Images
مصدر ويكيليكس تشيلسي مانينغ هي من بين أولئك الذين واجهوا اتهامات بتسريب وثائق أمريكية سرية.

عندما صدر قانون التجسس في الأصل، نص على أحكام بالسجن لمدة 20 عاماً أو أقل وغرامات تصل إلى 10000 دولار عن كل تهمة.

لا تزال عقوبات السجن والغرامات ممكنة ويمكن أن تتضاعف العقوبات إذا أدين تيكسيرا بتهم متعددة حتى لو لم يقصد الإضرار عمداً بمصالح الولايات المتحدة.

وقال سترانسكي: "هناك بالتأكيد تهم جنائية للمتهم حسب [قانون التجسس] وهناك أيضًا عقوبات مالية". "إذا كانت وزارة العدل تطالب بتوجيه تهمة خرق قانون التجسس للمتورطين في مثل هذه الانشطة، فإنها غالباً ما تهدف من وراء عقوبة السجن إلى ردع من يفكر بالقيام بذلك مستقبلاً ".

وعلى سبيل المثال، حُكم على هنري كايل فريز، بالسجن لمدة 30 شهراً، بينما حُكم على تشيلسي مانينغ في الأصل بالسجن لمدة 35 عاماً، وقضت سبعة أعوام منها.

في عام 1973 ، واجه دانيال إلسبيرغ، الذي قام بتسريب وثائق البنتاغون حكماً بالسجن لمدة 115 عاماً لانتهاكه قانون التجسس وإدانته بالسرقة والتآمر بسبب نشره دراسة سرية للغاية للبنتاغون حول حرب فيتنام.


هل هناك مشكلة في تبادل الوثائق؟

وفقاً لسترانسكي، فإن النص الواضح لقانون التجسس لا يفرق بين المصدر الأصلي للمعلومات، أو المنصة التي تم التسريب من خلالها أو ما إذا كان أولئك الذين يتبادلونها موظفون حكوميون أم لا.

وأضاف: "من الناحية القانونية، هذا يعني أن أي شخص يشارك الوثائق مع الآخرين يمكن أن يكون مسؤولاً على قدم المساواة عن خرق القانون".

من الناحية العملية، من غير المرجح أن يتم توجيه الاتهام إلى الاشخاص الذين حصلوا على المعلومات إذا كانوا من خارج الحكومة الأمريكية حيث تثير مقاضاة طرف ثالث حصل على الوثائق السرية إشكالات دستورية.

نادراً ما اختارت وزارة العدل محاكمة طرف ثالث، باستثناء جوليان أسانج واثنين من الموظفين في لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية، ستيفن روزين وكيث وايزمان، اللذين حصلا على وثائق أمريكية سرية تتعلق بإيران في عام 2003.


كيف ستمنع الحكومة حدوث المزيد من التسريبات؟

في عام 2011 خلال إدارة الرئيس باراك أوباما، أعلنت حكومة الولايات المتحدة عن مبادرة إنشاء "فريق عمل وطني للتهديدات الداخلية" من بين مهامه حماية المعلومات السرية داخل حكومة الولايات المتحدة.

في إطار هذه المبادرة، طُلب من الكيانات الحكومية الفيدرالية إعداد برامج لضمان عدم حدوث تسرب للبيانات - مثل ويكيليكس وتسريب سنودن - مرة أخرى. وشمل ذلك المراقبة الصارمة للموظفين وأجهزة الكمبيوتر والشبكات السرية.

في أعقاب التسريب الأخير، ستلقي الحكومة نظرة دقيقة على تلك البرامج لمعرفة التحسينات التي يمكن إدخالها عليها.

وقال: "إنهم يتطلعون لمعرفة نوع الرقابة التي كانت مطبقة وكيف كانت هذه الجهات تمتثل لتعليمات الجهة المسؤولة عن أمن المعلومات بموجب التفويض الممنوح لها بفرض هذه القيود".

"سواء كان يتم الالتزام بهذه الشروط أم لا، فهو أمر من المحتمل أن يظل سرا، وسيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان هناك الآن أي إشراف من الكونغرس على كيفية تنفيذ فريق العمل المسؤول عن أمن المعلومات لمهامه على مدار العقد الماضي."

وفي أعقاب اعتقال تيكسيرا، أصدر مايك تيرنر، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، بياناً تعهد فيه بالتدقيق في "سبب حدوث ذلك، وسبب عدم اكتشافه لأسابيع، وكيفية منع تكرار تسريبات مماثلة مستقبلاً".