اسونسيون: يدلي مواطنو باراغواي بأصواتهم الأحد لانتخاب رئيس جديد، في اقتراع يأمل تحالف يسار الوسط في أن ينهي سبعة عقود من هيمنة حزب كولورادو اليميني الحاكم.

وتأتي هذه الانتخابات في وقت صعب بالنسبة إلى حزب كولورادو الذي حكم بشكل شبه متواصل منذ الخمسينات، من خلال دكتاتورية ومنذ عودة الديموقراطية في العام 1989، فيما عوقب العديد من قادته أخيرا من قبل الولايات المتحدة بسبب الكسب غير المشروع.

وأدى ذلك إلى تعقيد موقف المرشح الرئاسي للحزب سانتياغو بينيا، وهو اقتصادي يبلغ 44 عاما ووزير مال سابق، إذ إن مرشده السياسي هو الرئيس السابق هوراسيو كارتيس الذي يظهر اسمه بين المشتبه في تورّطهم بالفساد.

ويواجه بينيا المحامي إفراين أليغري (60 عاما) من تحالف كونسيرتاسيون لأحزاب يسار الوسط والذي يتقدم بفارق ضئيل في استطلاعات الرأي.

وقال أليغري لوكالة فرانس برس هذا الاسبوع "إنهم (حزب كولورادو) يعلمون أننا سنفوز لذلك يشعرون بالتوتر".

في الانتخابات الأخيرة عام 2018، فاز الرئيس ماريو عبدو بينيتيز من حزب كولورادو بهامش ضئيل بلغ أقل من أربع نقاط مئوية.

وتظهر استطلاعات الرأي أن سباق هذا العام سيكون أكثر تنافسية بعد في بلد لا يسمح للرئيس إلا بولاية واحدة.

وبحسب مجموعة استطلاعات الرأي "أطلس إنتل"، يتقدّم أليغري في السباق بفارق طفيف مع حصوله على 34,3 في المئة من نيات التصويت يليه بينيا مع 32,8 في المئة. وجاء حزب يميني مناهض للمؤسساتية في المرتبة الثالثة بنسبة 23 %.

وقال بينيا لوكالة فرانس برس إن "الفوز لا يتحقق عبر استطلاعات الرأي ولا عبر السير الذاتية". وأضاف أن "الفوز يتم عبر التصويت الشعبي الذي يتجلى يوم الانتخابات. أنا هادئ جدا لأنني أعلم أنني قدمت كل ما هو ممكن إنسانيا".

ورغم اختلافهما حول السياسة الاقتصادية، فإن كلا المرشّحَين الأوفر حظا محافظان اجتماعيا، ويتمسكان بمواقف متشددة مناهضة للإجهاض وزواج المثليين في الدولة ذات الأغلبية الكاثوليكية.

تنظم الانتخابات الرئاسية في باراغواي في جولة واحدة والفائز فيها يصبح رئيسا.

ويحق لحوالى 4,8 ملايين من سكان البلاد البالغ عددهم 7,5 ملايين نسمة المشاركة في الانتخابات التي ستقرر أيضا الهيئة التشريعية المقبلة وتختار 17 حاكما.

وفي النهاية، سيقرر مجلس الشيوخ المؤلف من 45 عضوا ما إذا كان بإمكان حزب كولورادو البقاء في السلطة بشكل فعال وما إذا كان بإمكانه الصمود فيها مع انقسام الحزب بين مؤيدي كارتيس وأنصار عبدو.

وقال المحلل السياسي في باراغواي سيباستيان آتشا لوكالة فرانس برس "سيحصل بينيا على أشرس معارضة، إذا فاز، إذ ستكون داخل حزبه وليس خارجه".

وبالإضافة إلى الفساد الذي أغضب المواطنين، تشمل القضايا الأخرى التي تعتبر أساسية في الانتخابات، مشكلة الجريمة المتصاعدة والفقر وانعدام المساواة الاجتماعية.

ويتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي لباراغواي بنسبة 4,8 في المئة في العام 2023 وفقا للبنك المركزي، و4,5 في المئة وفقا لصندوق النقد الدولي، وهو أحد أعلى المعدلات في أميركا اللاتينية.

لكن الفقر يؤثر على حوالى ربع السكان.

وقال الاقتصادي روبين راميريس من مؤسسة باراغواي الاستشارية للتجارة والاستثمار في أسونثيون لوكالة فرانس برس "المشكلة الكبرى في باراغواي هي عدم تحقيق توازن أكبر في توزيع الدخل لتحقيق مقدار أكبر من الإنصاف".

وتشعر الأقلية من السكان الأصليين بالإهمال بشكل خاص.

وقال الاقتصادي ستان كانوفا "باراغواي، رغم أنها من بين الاقتصادات الأقل تضررا بالجائحة... لم تنج من واقع أنها بلد ما زال فيه انعدام المساواة الاقتصادية قائما بين سكانه".

وفقد الكثير الثقة في النظام.

وقال ألبينو كوباس الذي يعيش في مسكن متداع مع زوجته وأطفاله الثلاثة في حي تاكومبو الفقير في العاصمة "لا يهمني الأمر. لن نصوت". وأضاف "لم أر اقتراحا جديا للفقراء".

وتابع "نحن على مسافة خمس دقائق من وسط العاصمة، من الكونغرس، من الحكومة، ولا يرون ما يحدث هنا. الناس بدون كهرباء والأطفال يتسكعون... يمكن بالتأكيد رؤية حاجاتنا بالعين المجردة".

وتشكّل الجريمة أيضا مصدر قلق مع قتل مدعٍ عام لمكافحة المافيا ورئيس بلدية لمكافحة الجريمة في الأشهر الأخيرة فيما تقوم عصابات التهريب بتصفية حسابات.

ويقول الخبراء إن باراغواي التي لا تملك منفذا إلى البحر والواقعة بين البرازيل وبوليفيا والأرجنتين، أصبحت نقطة انطلاق مهمة للمخدرات المتجهة إلى أوروبا.

على الساحة الدولية، قد يؤدي فوز أليغري إلى تحول ولاء باراغواي، وهي من الحلفاء الدبلوماسيين ال13 المتبقين لتايوان، إلى الصين.

وقال كانوفا لوكالة فرانس برس "العلاقات مع تايوان تعني خسارة أحد أكبر الأسواق وهي الصين".