إيلاف من لندن: اعتبر مراقبون أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية التي انطلقت اليوم الأحد، ربما تكون الأهم عالميا هذا العالم، نظرا للتساؤلات المرافقة حول مواقف أردوغان.

وتوجه أكثر من 60 مليون مواطن تركي للإدلاء بأصواتهم لانتخاب رئيس للبلاد، إضافة إلى 600 نائب سيشكلون البرلمان الثامن والعشرين في تاريخ الجمهورية.

وعلى الرغم من أن البرلمان فقد سلطاته لصالح الرئاسة التنفيذية لأردوغان منذ عام 2018، إلا أن السيطرة على البرلمان لا تزال أساسية لتمرير التشريعات.

وبموجب نظام التصويت النسبي في تركيا، تشكل الأحزاب تحالفات حتى تتمكن من الوصول إلى عتبة 7٪ المطلوبة لدخول البرلمان.

إردوغان ..جدل وتساؤلات
ومع توقعات بفقدان السلطة، فإن رجب طيب أردوغان، ظل طوال العشرين سنة الماضية في جدال وتساؤلات ومعارك داخلية وإقليمية ودولية في موقع القرار الأقوى في تركيا، ممسكا بقبضة فولاذية على السلطة، حاله حال كثير من الحكام الديكتاتوريين، رغم وصوله الى الكرسي من بوابة الانتخابات الديموقراطي في بلد ظل عبر عقود طويلة تحت قبضة الجنرالات.
وظل أردوغان يشغل منصب الرئيس منذ عام 2014، ممثلاً لحزب العدالة والتنمية الذي أسسه بنفسه في عام 2001، وقبل ذلك كان رئيسًا للوزراء، وهي الوظيفة التي ألغيت بدعم مقنع في التغيير الدستوري الذي فرضه بحكم اغلبية حزبه البرلمانية، قبل ست سنوات. ومنذ ذلك الحين ، أصبحت قبضته على تركيا أكثر إحكامًا.

عداء مع الجميع
وخلال تلك السنوات، وجد اردوغان نفسه في عداء مع كثير من الدول العربية، بتدخلاته من خلال الربيع العربي في العقد الماضي مستغلا جماعة الإخوان المسلمين التي طواها تحت جناحه وصار اسطنبول مقر تواجدهم ووكر مؤامراتهم على الانظمة العربية المجاورة لتركيا.
وعدا عن تدخلاته العسكرية والحزبية ودعمه للانفصاليين في بلدان مثل ليبيا واليمن ودول إفريقية وللاخوان في مصر ودول الخليج وتونس ولحركات اسلامية متطرفة وجدت في الارهاب ضالتها مثل (داعش) وقمعه المستمر للاكراد في شرق تركيا، فإن أردوغان حاول شق الصف الاسلامي بمحاولة اقامة منظمة بديلة لمنظمة التعاون الاسلامي، بالتحالف مع رئيس وزراء ماليزيا الأسبق مهاتير محمد ورئيس وزراء باكستان السابق عمران خان والرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، لكن خططهم آلت للفشل.
وحكم القبضة الحديدة الذي مارسه اردوغان، حسب تقرير لقناة (سكاي نيوز) البريطانية كان يعني مجموعة متنوعة من الأشياء، قمع الحريات، ومطاردة وسجن المعارضين، وعلاقة متصدعة مع معظم الدول الأوروبية ، لأسباب ليس أقلها علاقات أردوغان الدائمة مع فلاديمير بوتين، والقيود المفروضة على المعارضين السياسيين (وكثير منهم الآن في السجن).

حلف الناتو
كما أن أردوغان وقف موقف العداء من حلف الناتو، فهو يمنع السويد حاليًا من الانضمام إلى الحلف الناتو، على سبيل المثال، بينما يحاول أيضًا الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من روسيا وأوكرانيا.
هذا فضلا عن أن احتمالات انضمام تركيا بقيادة أردوغان إلى الاتحاد الأوروبي، والتي كانت مرشحة له منذ عقود ، تكاد تكون معدومة.

اضطراب اقصادي
وفوق ذلك، أدى حكم أردوغان مؤخرًا إلى اضطراب اقتصادي. إذ يبلغ معدل التضخم في تركيا الآن رسميًا حوالي 40٪ ، وفي الواقع ، ربما يقترب من 100٪. ولا أحد يعرف حقًا ، هذا هو التحدي في قياس أكبر 11 اقتصادًا في العالم.
لقد جعل اردوغان، على نحو مختلف، صهره وزيراً للمالية ، وأقال سلسلة من محافظي البنك المركز ، والتي تم تهميشها على أي حال ، ثم توصل إلى استنتاج مفاده أن أفضل طريقة لمعالجة التضخم المتزايد هي خفض الفائدة، حيث معدلاتها عكس معدلات أية مؤسسة مالية كبرى أخرى في العالم.
وهذا هو سبب ارتفاع التضخم ، وهذا أيضًا سبب قيام أردوغان برفع معاش الدولة والحد الأدنى للأجور بشكل كبير.

شراء ذمم
وكان اردوغان، اتخذ خطوة لشراء ذمم في وقت سابق من هذا الأسبوع، مع اقتراب موعد الانتخابات، وقرر رفع أجور مئات الآلاف من العاملين في القطاع العام بنسبة 45٪ - بشرى سارة لهم ، لكنها ليست أفضل طريقة للسيطرة على التضخم المتفشي.
وإلى ذلك، فإنه في حالة فوز أردوغان بولاية أخرى، فإن التوقع هو أن الاستبداد سيأخذ قبضة أقوى، وأن استقلال القضاء سيتعرض لمزيد من التحدي وأن تركيا ستستمر في انفصالها عن الغرب.

كيليجدار أوغلو
ويواجه أردوغان معركة بمواجهة حزب الشعب الجمهوري بقيادة كمال كيليجدار أوغلو (74 عامًا) الموظف الحكومي السابق الذي يصوره مؤيدوه الآن على أنه المفتاح لبداية جديدة.
ويحظى كيليجدار أوغلو بدعم ستة أحزاب مختلفة ، من مختلف الأطياف السياسية، متحدًا بطموح واحد للإطاحة بأردوغان. ويقول مراقبون إن طموحاته أكثر اعتدالاً وتصالحية.
ويقول دمير مراد سيريك ، كبير محللي السياسات من المؤسسة الأوروبية للديمقراطية: "إن كيليجدار أوغلو هادئ وهادئ". "يأتي على تويتر كل مساء من مطبخه لشرح سياساته. إنه متواضع لكن ربما يحتاج الناس إلى ذلك بعد الكثير من الصراخ في سياستنا".