الأمم المتحدة (الولايات المتحدة): فشل مجلس الأمن الدولي الثلاثاء في الاتّفاق على تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، وذلك غداة انتهاء مفاعيل هذه الآلية التي تتيح إيصال مساعدات حيوية لملايين القاطنين في مناطق تقع خارج عن سيطرة النظام.

ويحاول أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر منذ أيام التوصّل إلى اتفاق على تمديد مفاعيل هذه الآلية التي تتيح نقل الطعام والأدوية من تركيا إلى شمال غرب سوريا بدون تصريح من دمشق.

وفي ظلّ تنامي الاحتياجات منذ زلزال شباط/فبراير، دعت الأمم المتحدة والعاملون في المجال الإنساني وغالبية أعضاء المجلس إلى تمديد الآلية سنة واحدة على الأقل للسماح بتنظيم أفضل للمساعدات.

واقترحت سويسرا والبرازيل، المكلفتان هذا الملف في مجلس الأمن، تمديد الآلية لمدة اثني عشر شهرًا.

وفي مواجهة معارضة روسيا التي أصرت على تمديدها لستة أشهر فقط، طُرح على التصويت الثلاثاء مقترح معدّل يقضي بتمديد الآلية لمدة تسعة أشهر.

لكنّ روسيا استخدمت حقّ النقض (الفيتو) لإحباط مشروع القرار المعدّل الذي حصل على موافقة ثلاثة عشر عضواً فيما امتنعت الصين عن التصويت عليه.

كما رفض المجلس الثلاثاء بغالبية عشرة أصوات (صوتان مؤيّدان وامتناع ثلاثة أعضاء عن التصويت) مقترحاً بديلاً قدّمته روسيا ينصّ على تمديد الآلية ستة أشهر.

"لحظة حزينة"
وقالت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد بعد الفيتو الروسي "إنّها لحظة حزينة لهذا المجلس، باستثناء دولة واحدة".

بدورها، قالت السفيرة السويسرية باسكال بيريسويل عقب التصويت إنّ هذا التمديد "كان من شأنه أن يجعل من الممكن اجتياز أشهر الشتاء الصعبة"، مؤكّدة أنّها تشعر بـ"إحباط شديد" بسبب الفيتو الروسي.

بالمقابل، اتّهم السفير الروسي في الأمم المتّحدة فاسيلي نيبينزيا الغرب بـ"الاستفزاز لدفع روسيا لاستخدام حقّ النقض".

وأضاف أنّ الآلية "لا تأخذ على الإطلاق في الاعتبار مصالح الشعب السوري".

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "خيبة أمله" لفشل مجلس الأمن الدولي في تمديد العمل بالآلية.

وقال المتحدّث باسمه ستيفان دوجاريك في بيان إنّ "الأمين العام يدعو كلّ أعضاء المجلس إلى مضاعفة جهودهم لدعم استمرار تقديم" المساعدة عبر الحدود "لأطول فترة ممكنة" إلى الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في سوريا.

وقالت المسؤولة في منظمة هيومان رايتس ووتش فلوريان بوريل إنّ "المساعدات الإنسانية يجب أن تستند إلى الاحتياجات وليس السياسة"، مستنكرة الفيتو الروسي.

وأضافت أنّ الأمم المتحدة "يجب أن تستكشف على الفور وسائل بديلة لضمان حصول السوريين على ما يكفي من الغذاء والدواء والمساعدات الأخرى التي يحتاجونها بشدة دون استجداء روسيا أو الرئيس السوري".

وتسمح الآلية التي أنشئت عام 2014 للأمم المتحدة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكّان المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا من دون الحصول على موافقة الحكومة السورية التي تندّد من جهتها بهذه الآلية وتعتبرها انتهاكا لسيادتها.

آمال في استمرار التجديد
وشملت الآلية في البداية أربع نقاط عبور حدودية، لكن بعد سنوات من الضغط خصوصا من موسكو حليفة النظام السوري، بقي معبر باب الهوى فقط قيد التشغيل، وقلّصت فترة استعماله إلى ستّة أشهر قابلة للتجديد، ما يعقّد التخطيط للنشاطات الإنسانية.

ورغم انتهاء صلاحية آلية الأمم المتحدة، لا يزال هناك معبران مفتوحان وإن كانا أقل استخداماً من باب الهوى.

فقد سمح الرئيس السوري بشار الأسد بفتح هذين المعبرين بعد الزلزال، لكنّ التفويض الذي منحه ينتهي في منتصف آب/أغسطس ما لم يتم تجديده.

وقال مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث بعد لقائه الرئيس الأسد في دمشق في نهاية حزيران/يونيو "لدي آمال كبيرة في استمرار التجديد، ولا أرى أي سبب يمنع ذلك".

ومنذ زلزال 6 شباط/فبراير، مرت أكثر من 3700 شاحنة مساعدات تابعة للأمم المتحدة عبر المعابر الثلاثة بحسب الأمم المتحدة. ومرّت غالبيتها من معبر باب الهوى، من بينها 79 الاثنين.

وتقول الأمم المتحدة إن أربعة ملايين شخص في شمال غرب سوريا، معظمهم من النساء والأطفال، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية للاستمرار بعد سنوات من النزاع والأزمات الاقتصادية وتفشي الأمراض والفقر المتزايد الذي فاقمه زلزال شباط/فبراير المدمر.

والآلية التي انتهت مفاعيلها الإثنين كانت تسمح بإيصال مساعدات يستفيد منها 2,7 مليون شخص شهريا.