ينظر القضاء الأمريكي في طلب لاستبعاد دونالد ترامب من الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وثمة محاولة لمنع ترامب من خوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، بالاستناد إلى نص نادر الاستخدام في الدستور الأمريكي – المادة 3 من التعديل الرابع عشر.

وتتعلق المادة بمنع من "شاركوا في عصيان أو تمرد" من تولي مناصب فيدرالية.

وفي البداية، حظيت المحاولة بدعم نشطاء ليبراليين، لكنها اكتسبت زخما في الأشهر الأخيرة، حيث دعمها بعض المحافظين أيضا.

لكن منتقدين يحذرون من أنه إذا تم المضي قدما في هذا الإجراء، فإن ذلك يخاطر بحرمان الناخبين من حقهم في إصدار حكمهم بشأن محاولة عودة الرئيس السابق إلى البيت الأبيض.

مناورة قانونية

من المتوقع أن يحكم قاض في كولورادو في الدعوى القضائية المرفوعة في الولاية في الأسابيع المقبلة.

وفي ولاية مينيسوتا، رفضت محكمة يوم الأربعاء التماسا لاستبعاد ترامب من الانتخابات التمهيدية، لكنها تركت الباب مفتوحا أمام مقدمي الالتماس لتقديم طعن آخر، بشأن إمكانية استبعاده من الانتخابات العامة.

ورُفعت دعاوى قضائية في ولايات أخرى، مثل نيو هامبشاير وميشيغان.

وتعد هذه المناورة القانونية محاولة أخيرة لمنع ترشح رئيس سابق لا يزال يحظى بشعبية كبيرة بين قاعدته الانتخابية.

وقد يكون الحكم النهائي في المسألة هو المحكمة العليا المحافظة، التي ساعد ترامب في تشكيلها. هذا لو وصل الأمر إلى هذا الحد.

تم التصديق على التعديل الرابع عشر بعد الحرب الأهلية الأمريكية، وأعدت المادة 3 لمنع الانفصاليين من العودة إلى مناصبهم الحكومية السابقة، عقب عودة الولايات الجنوبية إلى الاتحاد.

واستخدمت ضد الرئيس الكونفدرالي، جيفرسون ديفيس، ونائبه ألكسندر ستيفنز، ولكن نادرا ما استخدمت منذ ذلك الحين.

الرئيس الكونفيدرالي جيفرسون ديفيس
LIBRARY OF CONGRESS
الرئيس الكونفيدرالي جيفرسون ديفيس

وسلطت الأضواء عليها مجددا في أعقاب جهود ترامب لإلغاء هزيمته في انتخابات عام 2020، والتي بلغت ذروتها في أعمال الشغب في مبنى الكابيتول الأمريكي (مقر الكونغرس) في يناير/ كانون الثاني عام 2021.

ففي أعقاب الهجوم، بدأ مجلس النواب في إجراءات لعزل الرئيس آنذاك بتهمة "التحريض على التمرد".

ولو صوت مجلس الشيوخ لصالح إدانته، لكان هناك خيار إجراء تصويت ثان بأغلبية بسيطة لمنعه من تولي منصب الرئاسة مرة أخرى.

لكن هذا لم يحدث قط. وفشل مجلس الشيوخ في الوصول إلى أغلبية الثلثين المطلوبة لإدانة ترامب.

هل تنطبق المادة 3 على ترامب؟

ترى مجموعة "حرية التعبير للشعب" أن ذلك صحيح.

وفي العام الماضي، قدمت المجموعة طعونا ضد المشرعين الداعمين لترامب الذين وصفتهم بـ "المتمردين".

أعضاء جمهوريون في الكونغرس
GETTY IMAGES
استهدفت مجموعة "حرية التعبير للشعب" المشرعين المدعومين من ترامب ماديسون كاوثورن ومارجوري تايلور غرين (في الوسط)

يقول رون فين، المدير القانوني للمجموعة، إن التعديل الرابع عشر لم يُكتب فقط لتطبيقه على حقبة ما بعد الحرب الأهلية، ولكن على التمردات المستقبلية.

وقال لبي بي سي إن أعمال الشغب في الكابيتول نجحت "في تأخير الانتقال السلمي للسلطة لأول مرة في تاريخ أمتنا، وهو أبعد مما حصل عليه الكونفدراليون على الإطلاق".

وقال فين: "المرشحون المحددون الذين لاحقناهم قضائيا في عام 2022 شاركوا أو ساعدوا في الجهود التي أدت إلى التمرد".

وقال إن قضاياهم أنشأت سوابق قانونية مهمة، يمكن تطبيقها لإظهار أن "ترامب هو المتمرد الرئيسي".

ما المتوقع حدوثه حاليا؟

تعتزم مجموعة "حرية التعبير للشعب" السعي إلى استبعاد ترامب في ولايات متعددة. كما أنها تقدم التماسا منفصلا إلى كبار مسؤولي الانتخابات، في تسع ولايات على الأقل، لاستبعاده من الانتخابات التمهيدية.

وقد تنتهي القضية بين يدي المحكمة العليا في الولايات المتحدة.

أعضاء المحكمة العليا الأمريكية
GETTY IMAGES
قد ينتهي الأمر بالطعن القانوني أمام المحكمة العليا، التي ساعد ترامب في تشكيلها باعتباره رئيسا

واكتسبت المسألة زخما منذ أغسطس/آب، عندما اتُهم ترامب بتخريب الانتخابات في قضيتين جنائيتين منفصلتين.

وفي الشهر نفسه، كتب الباحثان القانونيان المحافظان، ويليام بود ومايكل ستوكس بولسن، في ورقة مراجعة للقانون أن المادة 3 "تنفذ ذاتيا، وتعمل بمثابة تجريد فوري من الأهلية للمنصب، دون الحاجة إلى اتخاذ إجراء إضافي من قبل الكونغرس".

وخلص الاثنان إلى أن ترامب يمكن بالتالي أن يُعتبر غير مؤهل للاقتراع "من قبل كل مسؤول في ولاية أو مسؤول فيدرالي، الذي يحكم على المؤهلات".

بود وبولسن عضوان في الجمعية الفيدرالية، وهي مجموعة نشطة محافظة ذات تأثير كبير.

ويعتقد الاثنان أنه يجب تفسير الدستور على النحو الذي أراده واضعوه في ذلك الوقت، وقد حظي موقفهما منذ ذلك الحين بدعم خبراء قانونيين آخرين يتمتعون بدعم المحافظين.

وقال جيفري سونينفيلد، عميد كلية ييل للإدارة الذي يدعم وجهة نظر بود وبولسن، إنه حتى المحكمة العليا، بأغلبيتها المحافظة وثلاثة قضاة معينين من قبل ترامب، قد تتقبل حجتهم.

وقال لبي بي سي: "كل ما هو مطلوب هو أن يجد أحد مسؤولي الانتخابات في إحدى الولايات الخمسين أنه غير مؤهل".

"واحد فقط سيرسل الأمر (مسألة اعتبار ترامب غير مؤهل) إلى محكمة الولاية للمراجعة، والذي سيتم الطعن عليه من قبل أي من الجانبين، وإرساله إلى المحكمة العليا الأمريكية لاتخاذ قرار سريع".

وتوقع أنه مع توجه الناخبين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية إلى صناديق الاقتراع، أوائل العام المقبل، سيتم البت في القضية بسرعة.

ما هي الحجة المضادة؟

كبير مسؤولي الانتخابات في ولاية جورجيا
GETTY IMAGES
وصف كبير مسؤولي الانتخابات في ولاية جورجيا هذه الخطوة بأنها محاولة "لعرقلة صندوق الاقتراع"

شكك منتقدون في قابلية النظرية للتطبيق، وما إذا كان ينبغي تنفيذها الولايات المتحدة.

وفي مقال رأي لصحيفة بلومبرغ، كتب البروفيسور الليبرالي نوح فيلدمان: "من الواضح أن دونالد ترامب غير مؤهل ليكون رئيسا. لكن الأمر متروك للناخبين لمنعه. الكلمات السحرية من الماضي لن تنقذنا".

وقال كريس آجر، زعيم الحزب الجمهوري في نيو هامبشاير: "إن خلق منطق قانوني ملتو، لمحاولة منع الناس من التصويت لمن يريدون التصويت له، هو حجة على الطراز السوفييتي أو طراز جمهوريات الموز".

"أنا لست من أنصار ترامب. أنا محايد. لكن هذه المحاولة برمتها ضارة بالبلاد".

وحتى براد رافنسبرغر، كبير مسؤولي الانتخابات في ولاية جورجيا وأحد معارضي ترامب، رفض هذه الخطوة باعتبارها "أحدث طريقة لمحاولة عرقلة صندوق الاقتراع".

الطعن القانوني في نيو هامبشاير - أول ولاية تدلي بأصواتها في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري - تم الترويج له بشكل خاص من قبل براينت "كوركي" ميسنر، المدعي الجمهوري الكبير الذي ترشح لمجلس الشيوخ في عام 2020 بتأييد من ترامب.

ويريد ميسنر أن يبت القضاء في الأمر قبل أن يتخذ قرارا بشأن دعم ترامب.

وأضاف: "بالنسبة لي، الأمر يتعلق بالدستور فقط". "دستور الولايات المتحدة أهم من أي فرد، سواء كان دونالد ترامب أو أي شخص آخر".

"إذا انتهى به الأمر إلى أن يصبح مرشح الحزب الجمهوري ولم يتم استبعاده، فسأصوت له".

ماذا يقول ترامب؟

ترامب
GETTY IMAGES
يتصدر ترامب منافسيه الجمهوريين قبل الانتخابات التمهيدية للحزب

وعلى الرغم من مشاكله القانونية المتزايدة، لا يزال ترامب الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري.

كما أنه ينافس الرئيس جو بايدن في استطلاعات الرأي قبل مباراة المواجهة المرتقبة.

وقالت حملة ترامب إن هذا المسعى "توسيع لنطاق القانون إلى درجة يصعب معها التعرف عليه"، وليس له أي أساس "إلا في أذهان أولئك الذين يدفعون به".

وقال المتحدث ستيفن تشيونغ باسم حملة ترامب لشبكة سي بي إس نيوز الأمريكية في سبتمبر/أيلول إن "جو بايدن والديمقراطيين ومناهضي ترامب خائفون حتى الموت، لأنهم يرون استطلاعات الرأي تظهر فوز الرئيس ترامب في الانتخابات العامة".

لكن جينا غريسوولد، كبيرة مسؤولي الانتخابات في كولورادو، انتقدت المرشح الجمهوري لعدم رغبته في "الحضور وتقديم القصة من جانبه"، في جلسة الاستماع المقررة في ولايتها هذا الأسبوع.

وقالت لشبكة MSNBC: "إنه لا يخطط للإدلاء بشهادته، ولا يقدم إفادة، وبالنسبة لشخص يحب التحدث عن القضايا المرفوعة ضده، فإن صمته، مقارنة بما ستكون عليه شهادته تحت القسم، أمر مريب".