يقول محلل استخباري أميركي إن سوء إدارة جو بايدن للحرب في غزة يحوّل حماس إلى "تهديد جهادي عالمي" جديد، فيما العلاج يكمن في وقف الحرب والتسوية بحل الدولتين
إيلاف من بيروت: كلما زاد اعتقاد الفلسطينيين بأن واشنطن تتغاضى عن الدمار غير المسبوق في غزة وقتل وجرح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، زاد احتمال أن تتوسع مقاومة حماس ضد إسرائيل لتصير جهادًا عالميًا، وأن يزيد التهديد الإرهابي ضد الولايات المتحدة.
هذا رأي إميل نخلة، الضابط السابق من أصل لبناني في وكالة الاستخبارات الأميركية ومدير برنامج التحليل الاستراتيجي للإسلام السياسي في الوكالة. يسأل في مقالة له نشرها موقع "ريسبونسيبل ستايتكرافت": "هل يؤدي غياب التسوية من خلال حل الدولتين أو أي طريقة أخرى عادلة ومنصفة إلى ظهور جيل جديد من الجهاديين العالميين العرب والإسلاميين؟ هل أخذ صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة في حسبانهم العواقب طويلة الأمد المترتبة على مثل هذا التطور المخيف؟ أليس مأساويًا أنه بعد قضاء أكثر من 20 عامًا في محاربة القاعدة وداعش، ربما تساهم الولايات المتحدة في تكوين كوادر جديدة من الجهاديين العنيفين، لم يولد الكثير منهم قبل أحداث 11 سبتمبر؟".
إجابات كثيرة
يقول نخلة إن مقاطع الفيديو المتكررة التي يبثها أبو عبيدة، المتحدث العسكري باسم حماس "بدأت تشبه إعلانات المتحدثين العسكريين السابقين لتنظيمي القاعدة وداعش، بما في ذلك الاستشهاد بسور وآيات قرآنية". في الحرب الحالية، بدأت حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من المسلحين الفلسطينيين، تنظران إلى الولايات المتحدة باعتبارها العدو الآخر، أو ما يسمى "العدو البعيد". وقد عبر أسامة حمدان، المتحدث باسم حماس، عن هذا الرأي في مؤتمر صحفي عقده يف لبنان في 26 ديسمبر الجاري.
يكتب نخلة: "بالنسبة إلى المتطرفين، أصبحت الولايات المتحدة، بدعمها الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، هدفاً مشروعاً للجهادين. ومع ترسيخ هذا الرأي داخل حماس والمقاومة الفلسطينية بشكل عام، ناهيك عن العالمين العربي والإسلامي، مرجح أن تتزايد التهديدات الإرهابية ضد الولايات المتحدة. وبسبب الفيتو الأميركي المستمر لقرارات الأمم المتحدة التي تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار، فقدت واشنطن ما تبقى لها من صدقية ضئيلة باعتبارها وسيطاً نزيهاً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وفقاً لاستطلاع للرأي العام أجري مؤخراً ، أغلبية الفلسطينيين في غزة، ـ وبشكل أكثر أهمية في الضفة الغربية، ينظرون إلى الولايات المتحدة على نحو أقل إيجابية من أي وقت آخر في السنوات الأخيرة. ومع تزايد تطرفهم وإحباطهم، ستتبنى حماس وجهة نظر مفادها أن أميركا هي العدو، وبالتالي إنهم ملزمون بشن عمليات جهادية عنيفة ضد مصالح أميركا.، بحسب نخلة الذي يضيف: "إذا استمرت الحرب في غزة بشكلها الحالي فإن حماس ستنضم إلى موجات الجهاد العالمي. وممكن أن يتحول النضال القومي الديني الذي تخوضه حماس في فلسطين إلى إيديولوجيا جهادية إسلامية عالمية سيتردد صداها بين الشباب المسلم المحروم الغاضب والعاطل عن العمل في مختلف أنحاء العالم الإسلامي وفي بعض الدول الغربية التي تعيش فيها مجتمعات إسلامية كبيرة".
تحول أيديولوجي
يقول نخلة: "أصبح الجهاد العنيف ضد العدو الجديد حلالاً ومشروعاً. وتبني مثل هذا الموقف من شأنه أن يشير إلى أن بعض قادة حماس العسكريين يمكن أن يبتعدوا عن الأيديولوجيا الإسلامية السائدة لجماعة الإخوان المسلمين مع التركيز على المجتمعات الإسلامية المحلية نحو الخطاب المتطرف لسيد قطب، المفكر الأكثر تطرفا في جماعة الإخوان المسلمين، ومن هناك إلى الجهادية السلفية".
وتحت تأثير أدبيات قطب، "ابتعد جهاديو حماس البارزون مثل الشيخ أحمد ياسين عن الإسلام الأزهري المصري، ما انعكس في المدارس الفقهية الثلاثة الرئيسية في الإسلام السني - الشافعي، والمالكي، والمدارس الحنفية - نحو التفسير السلفي الذي يلتزم المذهب الحنبلي، الأكثر تطرفًا في الإسلام السني"، كما يقول نخلة، مضيفًا: "بموجب المذهب الحنبلي، الجهاد عقيدة سادسة في الإسلام".
حان الوقت
بحسبه، من بين 114 سورة في القرآن، نزلت 26 سورة، والتي تتميز بتركيز كبير على الجهاد، على النبي محمد في المدينة المنورة بينما كان في طور تأسيس دولته الإسلامية ومحاربة المشركين والكفار. غالبًا ما يستشهد الجهاديون المتطرفون من القاعدة وداعش بآيات من هذه السور المدنية في حثهم على الجهاد ضد أعداء الإسلام.
يقول: "بالنسبة إلى حماس والفلسطينيين، كانت إدارة بايدن شريكًا أساسيًا في الحرب الانتقامية التي يشنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في غزة. الدمار الذي لحق بغزة وتهجير نحو مليوني إنسان من أراضيها يعزز دعم الجماهير العربية لحماس أو لأي جماعة ناشئة أخرى. فحماس ليست مجرد مجموعة من الجهاديين المسلحين تضم أكثر من 30 ألف مقاتل، لكنها فكرة يغذيها الواقع الفلسطيني البائس".
يختم نخلة مقالته بالقول: "حان الوقت لكي يدرك الرئيس الأميركي جو بايدن أن التدمير غير المسبوق وغير الإنساني لغزة لن يدمر حماس أو يعيد الرهائن بأمان، فعليه إنهاء تواطؤه في الحرب الإسرائيلية والعمل مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين لإطاحة نتنياهو والزعيم الفلسطيني محمود عباس من منصبيهما والعمل، وطرح مسار واضح للشعبين للعيش معاً، سواء في إطار حل الدولتين أو أي ترتيب سياسي آخر، وهكذا يتلاشى التهديد الإرهابي الذي تشكله حماس ضد الولايات المتحدة".
المصدر: "ريسبونسيبل ستايتكرافت"
التعليقات