يمثل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الثلاثاء أمام محكمة الاستئناف في واشنطن للدفع بوجوب منحه حصانة من الملاحقة القضائية بتهم التآمر لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
يبذل المرشح الأوفر حظًا في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري للاقتراع الرئاسي في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 كل ما في وسعه لتأجيل محاكماته الجنائية إلى أبعد وقت ممكن وربما إلى ما بعد الاقتراع.
ورفضت القاضية تانيا تشوتكان التي ستترأس جلسات المحاكمة الفدرالية، طلبًا أول لتأكيد الحصانة مطلع كانون الأول/ديسمبر، معتبرة أنه لا وجود لنص يحمي رئيسًا سابقًا من ملاحقات جنائية.
"حصانة مطلقة"
ويفترض أن يحاكم الملياردير المتهم في أربع قضايا جنائية والساعي للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2024، اعتبارًا من الرابع من آذار/مارس على خلفية محاولته قلب نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي خسرها أمام الديموقراطي جو بايدن.
لكن محاميه يحاولون بشتى الوسائل تغيير الجدول الزمني القضائي لتجنب تزامنه مع الجدول الرئاسي، إذ بدأت الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في كانون الثاني/يناير وقد تستمر حتى حزيران/يونيو.
ومن الحجج التي قدمها محامو ترامب، أنه يتمتع بـ"حصانة مطلقة" إزاء كل ما قام به أثناء وجوده في البيت الأبيض، ولهذا السبب لا يمكن ملاحقته. ويستشهدون بسوابق قضائية للمحكمة العليا من ثمانينيات القرن العشرين تتعلق بدعاوى مدنية ضد الرئيس السابق ريتشارد نيكسون.
ويقول المحامون أيضًا إنه لا يمكن محاكمة ترامب لمحاولته عكس نتائج الانتخابات، وذلك بسبب تبرئته خلال إجراءات المساءلة البرلمانية التي كانت تستهدفه بشأن الهجوم على مبنى الكونغرس (الكابيتول) في السادس من كانون الثاني/يناير 2021 والذي حاول خلاله المئات من أنصاره اقتحام مقر الكونغرس.
خلُصت القاضية تشوتكان في قرارها إلى أن السابقة القضائية لنيكسون لا تُطبّق على ملاحقات جنائية ضد رئيس سابق وأن إجراءات العزل لا تشكّل محاكمة جنائية.
وقالت "إن السنوات الأربع التي قضاها المدعى عليه كقائد لم تمنحه الحق الإلهي الممنوح للملوك في الهروب من المسؤولية الجنائية التي يخضع لها مواطنوه".
لكن الاستئناف الذي تقدم به محاموه أوقف الإجراء ما قد يتسبب بإحداث تعديلات على الجدول الزمني لهذه المحاكمة التي من المقرر أن تبدأ في الرابع من آذار/مارس، حسبما قال المدعي الخاص المكلف هذه القضية جاك سميث.
"لوائح الاتهام الزائفة"
أعلن ترامب الإثنين على منصته "تروث سوشال" عزمه على حضور جلسة الثلاثاء أمام محكمة الاستئناف. وقال "أقلّ ما يحق لي هو الحصانة الرئاسية من لوائح الاتهام الزائفة لبايدن!"، مبررًا مرة أخرى أفعاله المثيرة للجدل بحرصه على مكافحة "التزوير" المفترض للانتخابات.
ويدين الرئيس السابق ما يعتبره "تدخلًا انتخابيًا" ويطالب المحكمة العليا في الولايات المتحدة بالحكم لمصلحته.
يقول ترامب الذي دفع ببراءته في هذه القضية في الثالث من آب/أغسطس 2023 في واشنطن، إن إدارة بايدن وراء مشاكله القانونية. ويُرجّح أن يتواجه ترامب وبايدن هذا العام في سباق انتخابي سيحاول فيه الرئيس الجمهوري السابق الانتقام من الرئيس الحالي الذي انتزع منه الرئاسة في 2020.
وحذر المدعون في مرافعاتهم المكتوبة من المخاطر التي قد يشكلها الاعتراف بحصانة دونالد ترامب. وقالوا "يمكن أن يعرّض غياب ملاحقة جنائية محتملة لرئيس يسعى بشكل غير قانوني إلى أن يبقى في السلطة بوسائل إجرامية، الرئاسة بحد ذاتها وأسس نظام حكمنا الديموقراطي، للخطر".
وفي منتصف كانون الأول/ديسمبر، لجأ المدعي الفدرالي جاك سميث إلى المحكمة الأميركية العليا، طالباً من أعلى هيئة قضائية في البلاد النظر مباشرة في هذه المسألة من دون انتظار قرار محكمة الاستئناف.
ورفضت ذلك المحكمة العليا ذات الأغلبية المحافظة والتي عيّن ترامب عددًا من أعضائها. وأثار القرار ارتياح الرئيس السابق الذي قال إنه ينتظر بفارغ الصبر عرض حججه على محكمة الاستئناف.
وسيتعين على قضاة المحكمة العليا التسعة أن يختاروا ما إذا كانوا سيغامرون بدخول الساحة السياسية، أو الامتناع عن ذلك بحذر.
وفي الوقت الحالي، لا يمكن استبعاد احتمال دخول ترامب السجن ولا إمكانية عودته إلى البيت الأبيض، وهو وضع استثنائي استفاد منه. فمع كل تطور ومنعطف في مسلسله القضائي الطويل، جمع ترامب مبالغ هائلة من التبرعات وتقدم في استطلاعات الرأي بفضل أنصاره المقتنعين بأنه ضحية اضطهاد سياسي.
التعليقات