اسلام اباد: اصبح شهباز شريف رئيسًا لوزراء باكستان للمرة الثانية الأحد، بعد أن انتخبه البرلمان بعد أسابيع من انتخابات تشريعية شابتها، بحسب أنصار عمران خان، عمليات تزوير.
وانتُخب شهباز شريف (72 عاما) الذي كان رئيسا للحكومة من نيسان (أبريل) 2022 إلى آب (أغسطس) 2023، بأغلبية 201 صوت مقابل 92 لعمر أيوب خان المدعوم من رئيس الحكومة السابق عمران خان، بعد ثلاثة أسابيع من انتخابات الثامن من شباط (فبراير) التي شابتها على نطاق واسع اتهامات بالتزوير.
وتوجه في أول تصريح له الأحد إلى أخيه الأكبر نواز شريف الذي شغل هذا المنصب ثلاث مرات، وأفسح المجال له هذه المرة بالقول أمام المجلس "أشكره على اختياري لهذا المنصب".
أكد عمران خان الذي لا يزال مسجوناً منذ آب (أغسطس) حيث يواجه أحكاما طويلة، أن الانتخابات تم تزويرها بوقاحة، بأمر من الجيش النافذ، من أجل منع حزبه من العودة إلى السلطة.
من أجل العودة إلى السلطة، اضطر شهباز شريف وحزبه "الرابطة الإسلامية الباكستانية" إلى تشكيل تحالف مع منافسهما التاريخي، حزب الشعب الباكستاني الذي تديره أسرة رئيسة الوزراء السابقة التي تم اغتيالها بنازير بوتو، ومع عدد من الأطراف الأصغر حجما.
بالمقابل حصل حزب الشعب على وعد بمنح منصب الرئيس لزعيم الحزب آصف علي زرداري، زوج بوتو.
وشهدت الجلسة البرلمانية الأحد نقاشات حادة وتبادل شتائم مع أنصار عمران خان الذي يتمتع بشعبية كبيرة، والذي شغل قبل شهباز شريف منصب رئيس الوزراء بين عامي 2018 و2022، قبل أن يُطاح بمذكرة لحجب الثقة.
ومن المقرر أن يؤدي شهباز شريف اليمين الدستورية الاثنين لولاية مدتها خمس سنوات.
ولم ينجح أي رئيس وزراء في باكستان حتى الآن في الاحتفاظ بمنصبه حتى نهاية الولاية.
"التغلب معاً على التحديات"
قام رئيس الوزراء الجديد بتقييم الصعوبات التي تنتظره، اذ تواجه البلاد أزمة اقتصادية خطيرة للغاية وتشهد تدهورا أمنيا منذ عدة أشهر.
وقال "إذا قررنا بشكل مشترك تغيير مصير باكستان، فعندئذ (...) سنتمكن من التغلب معاً على هذه التحديات، المرتفعة مثل جبال الهيمالايا والواسعة كالمحيطات".
في ظل حكومته الأولى، اقتربت باكستان المثقلة بالديون والمفتقرة إلى السيولة، من التخلف عن السداد ولم تتجنب الأسوأ إلا بفضل خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.
ويبدو أن لا مفر من خطة مساعدات جديدة وضعها صندوق النقد الدولي ومن المقرر التفاوض بشأنها في الأشهر المقبلة، لقاء اتخاذ تدابير تقشفية يبدو أنها لا تحظى بشعبية كبيرة.
وتساءل شريف "هل يمكن لباكستان التي تمتلك أسلحة نووية أن تستمر مع عبء الديون؟" مضيفاً "ستستمر إذا قررنا بشكل جماعي العلاج العميق وتغيير النظام".
ويناهز معدل التضخم 30 بالمئة منذ أكثر من عام، وإن بدأ في الانخفاض، ومن غير المتوقع أن يتجاوز النمو الاقتصادي 2 بالمئة في عام 2024، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
والواقع أن شرعية الحكومة المتنازع عليها وهشاشة ائتلافها مع حزب الشعب القادر على تغيير التوازن في أي وقت، اضافة الى المعارضة الحازمة لأنصار عمران خان، تجعل مهمة شهباز شريف معقدة للغاية.
تزوير واسع النطاق
وكان من المتوقع أن يتولى أخوه نواز شريف السلطة بعد عودته في تشرين الأول (أكتوبر) من منفاه الذي دام أربع سنوات في لندن.
وينبغي الآن على شهباز شريف، المعروف بحس التسوية والذي يُنتقد أحياناً بسبب تردده، المحافظة على تماسك حكومته والتعامل مع الجيش الذي هيمن بشدة على سير الانتخابات.
إذ لم يُسمح لعمران خان، بطل الكريكت السابق، بخوض الانتخابات، إلا أن المرشحين المستقلين الذين دعمهم فازوا بأكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية.
ومع ذلك، ندد حزبه "حركة الإنصاف الباكستانية" بعمليات تزوير واسعة النطاق شابت الانتخابات وبدأ إجراءات قانونية، ولكن ليس لديه أي فرصة تقريبًا للفوز بقضيته.
وانطلاقاً من اعتقاده أنه حصل على ما يكفي من المقاعد ليحكم، رفض الحزب أي تحالف مع منافسيه الرئيسيين اللذين وصفها بأنهما "لصا الولاية".
ويشبه الائتلاف الحاكم الجديد بشدة ذلك الذي قاده شهباز شريف بعد إطاحة عمران خان الذي بقي في السلطة حتى حل البرلمان في آب (أغسطس).
وكان حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية - نواز" قد تحالف بالفعل مع حزب الشعب الباكستاني الذي كان يشغل مناصب وزارية.
ولكن هذه المرة، لمح حزب الشعب الباكستاني إلى أنه سيكتفي بدعم حكومة شريف من دون الانضمام إليها. ومع ذلك، من المحتمل أن يغير موقفه في اللحظة الأخيرة.
ومن المقرر الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة خلال الأيام المقبلة.
التعليقات