نبدأ جولتنا في الصحف لهذا اليوم من صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية التي نشرت مقالاً لمراسلتها في الشرق الأوسط، ريا جلبي، بعنوان "العالم العربي يوجه غضبه إلى الولايات المتحدة والغرب بسبب تدمير غزة".

وتستعرض الكاتبة في مقالها آراء بعض الشباب العربي حول الحرب في غزة وكيف غيرت الحرب وجهة نظرهم عن الغرب والولايات المتحدة.

وتبدأ جلبي بالحديث عن الشاب رشاد، البالغ من العمر 26 عاما، والذي طالما اختلف مع عائلته بشأن سياسيات الولايات المتحدة. وتنقل الكاتبة عن رشاد قوله إنه كان يعتبر الولايات المتحدة "قوة من أجل الخير" عندما يحتج أقاربه ضد التدخلات العسكرية الأميركية في المنطقة، لكن "كل شيء تغير" بعد هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، كما يقول رشاد؛ عندما قدمت الولايات المتحدة دعمها المطلق لإسرائيل.

وتنقل الكاتبة عن رشاد قوله: "أدركت أن كل ما كنت أدافع عنه كان كذباً، فأميركا لا تهتم بحقوق الإنسان...، فهي لا تكتفي بمشاهدة إسرائيل وإنما تساعد في إرتكاب إبادة جماعية".

طارق حبش لبي بي سي: خابت آمالي في بايدن بسبب حرب غزة

تزايد قلق الناخبين الشباب في الولايات المتحدة بشأن سياسة بايدن تجاه الحرب في غزة

وتوضح الكاتبة أن هذه التعليقات تعكس غضب العالم العربي تجاه الولايات المتحدة، والذي تغذيه تصورات عن "معايير واشنطن المزدوجة" بشأن دعمها للهجوم الإسرائيلي مع تصاعد الأزمة الإنسانية في غزة، كما تقول الكاتبة.

وتشير الكاتبة في مقالها إلى خشية مسؤولين غربيين وعرب من أن تعمل الولايات المتحدة - القوة الأجنبية المهيمنة في المنطقة لفترة طويلة - على تنفير مجموعة كاملة من الشباب العربي، حيث شبه المسؤولون الغضب الذي أثارته حرب غزة بردود الفعل الإقليمية العنيفة التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003. وقال دبلوماسي غربي في المنطقة: "هذا أسوأ من عام 2003، عندما فقد الغرب الكثير من سلطته الأخلاقية. والآن أخشى أن نفقد الجيل القادم".

وتنفي إسرائيل بشدة مزاعم ارتكاب إبادة جماعية في غزة، وتقول إنها لا تستهدف المدنيين وإن هدفها من الحرب هو تدمير حماس وتحرير الرهائن الذين احتجزتهم الحركة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

وتقول الكاتبة إن ملايين من الشباب العربي، والذين تابعوا الحرب على مدار خمسة أشهر، أعربوا عن حزنهم وصدمتهم إزاء الدمار الذي لحق بالقطاع. وتضيف أن انتشار المجاعة والمرض وارتفاع عدد القتلى في القطاع دفع المسؤولين الأميركيين، في الآونة الأخيرة، إلى التعبير بصراحة أكثر عن مخاوفهم، حيث قالت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، إن "الناس في غزة يتضورون جوعا، والظروف غير إنسانية، وإنسانيتنا المشتركة تجبرنا على التحرك".

وترى الكاتبة أن العديد من العرب يعتقدون أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، لا يضغط بشكل كافٍ حتى توقف إسرائيل هجومها، لا سيما فيما يتعلق باستمرار بيع الولايات المتحدة أسلحتها لإسرائيل.

وأظهر استطلاع حديث لمؤشر الرأي العربي، والذي شمل 8000 شخص من 16 دولة من جميع أنحاء المنطقة، أن الغضب بشأن حرب غزة ورد فعل الولايات المتحدة بلغ مستويات قياسية، حيث قال 76 في المئة من المشاركين إن موقفهم تجاه الولايات المتحدة أصبح "أكثر سلبية"، وقال منظمو الاستطلاع إن "الجمهور العربي فقد الثقة في الولايات المتحدة"، كما نقلت الكاتبة.

وأشارت الكاتبة في مقالها إلى مقاطعة الشباب العربي للعلامات التجارية الأميركية، بسبب دعمها المزعوم لإسرائيل، حيث ألغى البعض خططه للدراسة في الولايات المتحدة، ورفض آخرون وظائف في الشركات الأميركية.

وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن الحرب في غزة خلقت أزمة عميقة عند العرب المقيمين في الغرب أيضا، وتقول إن الجنسية المزدوجة لم تؤد إلا إلى المزيد من الشعور بخيبة الأمل لهذه الفئة.

وتنقل عن أحد المصرفيين الاستثماريين العرب والذي يعيش في المملكة المتحدة قوله إنه "يجد صعوبة في الارتباط ببلد لديه سياسة خارجية غير عادلة على الإطلاق تجاه المنطقة التي ينتمي إليها، وتجاه الدين الذي يعتنقه".

الرئيس الأمريكي جو بايدن وهو يلقي خطاب حالة الاتحاد السنوي
EPA

وننتقل إلى صحيفة واشنطن بوست الأميركية، التي نشرت افتتاحية بعنوان "رسالة بايدن: استيقظي يا أميركا".

ويشرح المقال وجهة نظر الصحيفة بشأن خطاب حالة الاتحاد السنوي الذي ألقاه الرئيس الأميركي، جو بايدن، مساء الخميس.

وتصف الصحيفة خطاب بايدن بالقوي، حيث بدأه مستذكراً قول الرئيس الأميركي السابق، فرانكلين روزفلت، بأن البلاد تواجه "لحظة غير مسبوقة في تاريخ الاتحاد" مع احتدام الحرب العالمية الثانية، والآن ومع تعرض الحرية والديمقراطية للهجوم فإن بايدن يريد إيقاظ الكونغرس وتنبيه الشعب الأميركي على واقع مماثل.

وتقول صحيفة "واشنطن بوست" إن خطة بايدن لإنشاء ميناء ورصيف مؤقت على ساحل غزة من أجل تقديم المساعدات الإنسانية إلى الملايين من سكان القطاع، الذين مات منهم 20 بسبب الجوع، تعتبر خطة معقولة ومن الممكن أن تساعد، إلى جانب محاولات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، في إقناع المشككين بأنه يهتم بمحنة الفلسطينيين.

وترى الصحيفة أن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في العالم، بل وحتى دورها في الحريات الأساسية، أصبح موضع شك، فالشعب الأميركي منقسم وهناك تساؤلات عدة عما إذا كانت البلاد لديها القدرة على التمسك بالقيم التي حددتها طوال القرن المنصرم، وفي ظل هذه الظروف وجب على بايدن – بحسب المقال - أن يدافع عن قضيته، ليس فقط بسبب سجله وخططه، ولكن أيضا من أجل رؤية عالمية مبنية على القوة والتفاؤل الأميركيَين، وهو ما نجح فيه الرئيس إلى حد كبير، حسب الصحيفة.

"هذا اسمه كابوس، حرفياً كابوس": أن تكوني امرأة في غزة وسط الحرب

ما هي حالة الذاكرة لدى الرئيس الأميركي جو بايدن؟

ويختم المقال بالقول إن الجزء الأقوى من خطاب الرئيس كان عندما وصف رؤيته للعظمة الأميركية، التي ترتكز على القيم الأساسية مثل "الصدق واللياقة والكرامة والمساواة"، والبديل الذي يرتكز على "الاستياء والانتقام والقصاص" والذي يتبناه ترامب وأنصاره في كل تجمع، وهذا التناقض في وجهات النظر العالمية هو ما سيواجهه الناخب الأميركي أمام صناديق الاقتراع في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.

"تأثير الرئيس الأميركي لوقف الحرب في غزة"

دمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة
EPA

وإلى صحيفة القدس العربي، ومقال رأي للكاتب والباحث صبحي حديدي بعنوان "واشنطن وحرب الإبادة الإسرائيلية: عظام ريغان وجثة بايدن".

يتحدث الكاتب في مقاله عن مقدار التأثير الذي يملكه الرئيس الأميركي، جو بايدن، لوقف الحرب في غزة، ويتطرق إلى الحرب الإسرائيلية - اللبنانية عام 1982، عندما اتصل الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان برئيس الحكومة الإسرائيلية حينها مناحيم بيغين، وأمره بوقف الغارات على بيروت.

ويرى الكاتب أن "الركون إلى عظام ريغان يصعب أن يستنهض جثة بايدن، الهامدة لإجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار"، لكنه يدحض المزاعم الرائجة (على ألسنة صحافيين ومعلقين وأعضاء في الكونغرس) التي تقول إن البيت الأبيض لا يملك "رافعة ضغط" ملموسة وفعلية وفعالة لإجبار بنيامين نتنياهو على القبول بوقف إطلاق النار.

ويقول صبحي حديدي إن الحقيقة هي أن "القائد الأعلى لجيش الدولة الأغنى في تاريخ العالم أبعد ما يكون عن العجز"، ويعطي مثالا على ذلك بذكره للسياسي الأميركي بروس ريدل، الذي قضى ثلاثة عقود في المخابرات المركزية ومجلس الأمن القومي ونصح أربعة رؤساء، والذي يعتبر بوضوح تام أن "الولايات المتحدة تمتلك رافعة هائلة. في كل يوم نزود إسرائيل بالصواريخ، والمسيرات، والذخيرة، وما تحتاجه لإدامة حملة عسكرية كبرى مثل هذه التي تشهدها غزة".

ويرى الكاتب أن الأمر ينحصر في "حياء الرؤساء الأميركيين إزاء استخدام تلك الرافعة، تبعاً لأسباب سياسية داخلية".

ويختم الكاتب بالقول إن بايدن "كان ضمن أعضاء الكونغرس الديمقراطيين الذين أيدوا غزو العراق سنة 2003، ولا يبدل من تبعات موقفه أنه أبدى الندم عليه لاحقا، كما أنه يظل رجل وول ستريت المخلص والمدافع الشرس عن مصالح والشركات الكبرى والرأسمالية العملاقة الأكثر شراسة ضد المجتمع".