المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن
EPA

قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة وزعت مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن" في قطاع غزة.

وأضاف في حديث صحفي خلال زيارته للسعودية "لدينا بالفعل قرار طرحناه الآن أمام مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن، ونأمل بشدة في أن تدعم الدول ذلك، وأعتقد أن ذلك سيبعث برسالة قوية".

وتتزامن جولة بلينكن الأخيرة مع المحادثات التي تجري في قطر، إذ التقى الوسطاء الأربعاء، لليوم الثالث في محاولة جديدة لضمان وقف إطلاق النار، ولكن لا يوجد مؤشر على اتفاق وشيك.

ومن شأن الخطة التي تجري مناقشتها في قطر أن توقف القتال مؤقتاً حتى يتم تبادل الرهائن بالسجناء الفلسطينيين وتسريع عملية تسليم إمدادات الإغاثة.

وكانت الحرب في غزة قد اندلعت بعد الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) وأسفر عن مقتل نحو 1160 شخصاً في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب ما نقلته وكالة فرانس برس عن أرقام رسمية إسرائيلية.

واحتجز المسلحون أيضا نحو 250 رهينة تعتقد إسرائيل أن 130 منهم ما زالوا في غزة، من بينهم 33 يفترض أنهم ماتوا.

ورد الجيش الإسرائيلي بهجوم على مدن القطاع أدى إلى مقتل ما يقرب من 32 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

ما الذي يتضمنه نص مشروع القرار الأميركي؟

نسخة مشروع القرار الأمريكي التي وزعت الأربعاء – كما تقول صحيفة الإنتدبندنت - هي الخامسة.
ووزعت الولايات المتحدة المسودة الأولى الشهر الماضي، قبل يوم واحد فقط من استخدامها حق النقض لوقف قرار في مجلس الأمن يطالب بـ"وقف إنساني فوري لإطلاق النار".
وكانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة في المجلس المكون من 15 عضواً التي صوتت برفض القرار الذي حظي بدعم واسع النطاق في شباط (فبراير)، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت.

وتدعم المسودة الأخيرة للقرار الأميركي، بشكل لا لبس فيه، الجهود الدبلوماسية الدولية للتوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، بوصف ذلك جزءاً من اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

ويتيح مشروع القرار - بحسب ما ذكرته الإنتدبندنت – الفرصة لسلام أكثر دواماً للتخفيف من حدة الصراعات الإنسانية والمعاناة.

واستخدمت المسودة الأولية وصف "مؤقت"، لكن الكلمة أزيلت في النسخة الموزعة، بحسب ما قالته وكالة أسوشيتيد برس. وما زالت المسودة، كما ذكرت الوكالة، عرضة للتغيير.

صورة كاريكاتورية لنتنياهو وبايدن
EPA
صورتين لنتنياهو وبايدن أمام مقر الأمم المتحدة وضعهما نشطاء

ويشدد المشروع المعدل، بحسب ما ذكرته وكالة فرانس برس، على "ضرورة وقف فوري ودائم لإطلاق النار لحماية المدنيين من جميع الأطراف، وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية، وتخفيف المعاناة ... بالتزامن مع إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين".

كما نصت المسودة الأولية لشهر شباط (فبراير) على وقف الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح، التي لجأ إليها نحو 1.4 مليون فلسطيني. ويقول النص، بحسب وكالة أسوشيتيد برس "لا ينبغي أن يستمر الهجوم في ظل الظروف الحالية".

أما نص المسودة الأخيرة لهذا الأسبوع فينص على أن غزو قوات الجيش الإسرائيلي لرفح "سيؤدي إلى مزيد من الضرر للمدنيين ونزوحهم، وربما إلى البلدان المجاورة، وسيكون له آثار خطيرة على السلام والأمن الإقليميين".

ويدين القرار أيضا هجمات حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر). ويطالب حماس والجماعات المسلحة الأخرى بالسماح فورا بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا في غزة.

تفادي ضرب رفح

وأفادت تقارير في وقت متأخر من يوم الأربعاء، وقبل ساعات فقط من إصدار الولايات المتحدة لمسودتها الأخيرة، بأن الجيش الإسرائيلي ضرب منشأة تابعة للأمم المتحدة في رفح، مما أسفر عن مقتل موظف إغاثة وإصابة مدنيين. وقال جون كيربي، مستشار اتصالات الأمن القومي بالبيت الأبيض، إن الإدارة "تشعر بقلق عميق" من الرد.

وفي وقت سابق، قال الرئيس جو بايدن أيضا إنه سيفكر في فرض شروط على المساعدات الأمريكية لإسرائيل إذا مضى الجيش الإسرائيلي قدمًا في غزو رفح.

ولم يحدد بعد موعد للتصويت على نص مشروع القرار الأمريكي.

ويبدو أن تكثيف المساعي الأمريكية لوقف إطلاق النار تدفعه خشية غزو رفح، وهي المنطقة الأخيرة في غزة التي لم يدخلها الجيش الإسرائيلي.

وتؤوي رفح الآن نحو 1.5 مليون فلسطيني، يحتمي العديد منهم في خيام على طول الحدود المصرية بعد فرارهم من أجزاء أخرى من القطاع الساحلي.

وتريد واشنطن أن تتراجع إسرائيل عن شن الهجوم البري الواسع النطاق، الذي أعلنت عنه. وتشير الولايات المتحدة إلى قلقها على المدنيين، لكن نتنياهو قال غير مرة إن ذلك هو السبيل الوحيد للقضاء على حماس.

وتقول مصادر دبلوماسية إن حظوظ نص مشروع القرار في الحصول على موافقة المجلس ضئيلة.

صورة من رفح
Reuters
ما زالت واشنطن تريد تراجع إسرائيل عن الهجوم على رفح

تاريخ الفيتو الأميركي لحماية إسرائيل

كانت الولايات المتحدة، وهي الداعم الرئيسي لإسرائيل، قد استخدمت في السابق حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع المنظمة الدولية من الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في الأراضي الفلسطينية.
واعترضت في شباط (فبراير) الماضي على استخدام مصطلح "فوري" في مشروع القرار الذي قدمته الجزائر.

ولكن في الأسابيع الأخيرة، كثفت واشنطن الضغوط على حليفتها، في حين أصرت على وجوب إطلاق مقاتلي حماس سراح الرهائن الذين اختطفوهم خلال هجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر) على إسرائيل على الفور.

ويتفاوض المسؤولون الأمريكيون، منذ عرقلة مشروع القرار الجزائري، الذي يدعو إلى "وقف إنساني فوري لإطلاق النار" في غزة في نهاية شباط (فبراير) الماضي، على نص بديل يركز على دعم الجهود الدبلوماسية على الأرض من أجل هدنة مدتها ستة أسابيع مقابل إطلاق سراح الرهائن.

ويتماشي موقف الولايات المتحدة من قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مع استخدامها حق النقض (الفيتو) تاريخيا لمنع أي قرارات تنتقد إسرائيل، أو تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية.

و منذ عام 1945 استخدم أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس – وهم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا – الفيتو لوقف 36 مشروع قرار لمجلس الأمن تتعلق بإسرائيل وفلسطين من قبل.

ومن بين هذه القرارات، اعترضت الولايات المتحدة على 34 قرارا، بينما اعترضت روسيا والصين على اثنين منها.

قرارت مجلس الأمن بعد 7 أكتوبر

مقر الأمم المتحدة
EPA

أوقف الفيتو الأميركي القرار الصادر في 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، والذي كان يطالب بـ"هدنة إنسانية" وإلغاء إسرائيل أمر الإخلاء الذي أصدرته في شمال غزة.

وقالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة "القرارات مهمة .. لكن الإجراءات التي نتخذها يجب أن تستند على الحقائق على الأرض وتدعم الدبلوماسية المباشرة التي يمكن أن تنقذ الأرواح"، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.

واستخدمت الولايات المتحدة في 20 شباط (فبراير) حق النقض مرة أخرى لوقف مشروع قرار آخر في مجلس الأمن، مما عرقل مطلباً بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

وصوت 13 عضواً في المجلس لصالح النص الذي صاغته الجزائر، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت.

ويعد هذا ثالث فيتو أمريكي ضد مشروع قرار منذ بدء القتال في غزة.

ولم يربط مشروع القرار الذي صاغته الجزائر واعترضت عليه الولايات المتحدة وقف إطلاق النار بالإفراج عن الرهائن، بل طالب بهذا بشكل منفصل.

وحتى الآن، تعارض واشنطن استخدام كلمة وقف إطلاق النار في أي تحرك للأمم المتحدة بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس، لكن النص الأميركي يستخدم لغة قال الرئيس جو بايدن إنه استخدمها الأسبوع الماضي في محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وهذه هي المرة الثانية منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) التي تقترح فيها واشنطن إصدار قرار لمجلس الأمن بشأن غزة. وكانت روسيا والصين قد استخدمتا حق النقض (الفيتو) لوقف محاولتها الأولى.

وتدعم واشنطن تقليدياً إسرائيل في الأمم المتحدة. لكنها امتنعت عن التصويت مرتين، مما سمح للمجلس بتبني قرارات تهدف إلى تعزيز المساعدات لغزة، ودعت إلى وقف القتال لفترة طويلة.

وفي كانون الأول (ديسمبر)، صوت أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، المؤلفة من 193 عضواً للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

وعلى الرغم من أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة، فإن لها ثقلاً سياسياً، وتعكس وجهة نظرعالمية بشأن الحرب.