تتصدر الضربة الإسرائيلية لإيران عناوين الصحف لا سيما الصحف الإيرانية والإسرائيلية والبريطانية، إذ تساءل بعض الكتاب حول ما إذا سيكون هناك رد إيراني آخر؟ بالإضافة إلى آلية وشكل الرد في حال حدوثه، وهل لدى إيران القدرة للرد؟.

نبدأ جولتنا من صحيفة إيران إنترناشونال والتي نشرت مقالاً للكاتب ماردو صغوم، بعنوان "خيارات إيران المحدودة للانتقام وسط دعوات لإنهاء الهجمات المضادة".

يقول الكاتب إنه في ظل تقليل إيران من أهمية الضربات الجوية الإسرائيلية باعتبارها "غير فعالة"، وإشادتها بالدفاعات الجوية الإيرانية، هناك من يضغط في المقابل من أجل "رد انتقامي" وهو ما قد "يخاطر بإثارة المزيد من الهجمات المتبادلة" بحسب المقال.

ويعتبر الكاتب أن الشيء الوحيد المؤكد حتى الآن هو أن الغارات الجوية استهدفت أنظمة الدفاع الجوي ومرافق إنتاج الصواريخ، ما جعل "قدرات إيران الانتقامية تقتصر إلى حد كبير على عدد قليل من أنواع الصواريخ الباليستية المتوسطة المدى، ودقة هذه الصواريخ لا تزال غير مؤكدة".

ويشير الكاتب إلى أنه بالرغم من امتلاك إيران لحوالي 3000 صاروخ يمكن أن تستخدمها لمزيد من الهجمات على إسرائيل، لكن "القضية ليست مجرد توفر الأسلحة، بل هي مسألة ردود الفعل الإسرائيلية المضادة، بينما يبدو أن سماء إيران لا تزال غير محمية"، على حد تعبيره.

ويضيف المقال أنه في الماضي القريب، كان بإمكان إيران الاعتماد على "وكلائها المسلحين تسليحاً جيداً"، مثل حزب الله اللبناني، للعب دور الرادع ضد إسرائيل، إلا أنه "بسبب قصف إسرائيل المستمر لأهداف في لبنان، لم يتمكن حزب الله من إطلاق عشرات الآلاف من الصواريخ التي يخشى الكثيرون أن تطغى على الدفاعات الجوية" على حد تعبيره.

ويختتم الكاتب مقاله بأن استراتيجية إيران طويلة الأمد والمتمثلة في مواجهة إسرائيل من خلال وكلاء في الخارج قد "تعثرت"، نظراً لوصول "الأعمال العدائية" الآن إلى أراضيها، مشيراً إلى أن "غارة جوية إسرائيلية كبيرة واحدة على أهداف اقتصادية حساسة، يمكن أن تشكل تهديدات خطيرة على الحكومة الإيرانية التي تتصارع بالفعل مع أزمات اقتصادية متعددة"، بحسب المقال.

الضربة الإسرائيلية تهدف إلى جعل إيران تفكر مرتين قبل أن تهاجم مرة أخرى"

وإلى صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية، ونقرأ مقالاً تحليلياً للكاتب رون بن يشاي، بعنوان "الضربة الإسرائيلية قد تخلق ردعاً، وتعزز المعارضة لطهران".

يرى الكاتب في مقاله أن "الضربة الإسرائيلية تهدف إلى جعل إيران تفكر مرتين قبل أن تهاجم مرة أخرى"، وفي ذات الوقت قد تشجع المعارضين داخل النظام، خاصة بين السكان الأكراد والعرب في الجمهورية الإسلامية على التحرك.

ويستعرض المقال ثلاثة اعتبارات حاسمة بشأن ما إذا كانت إيران سترد؟ وكيف سترد على الغارات الجوية الإسرائيلية؟، إذ يرى الكاتب أن أول هذه الاعتبارات تكمن في "تضرر" مكانة النظام وقدرته على الدفاع عن أراضي إيران في نظر شريحة كبيرة من السكان.

أما ثاني هذه الاعتبارات فيكمن من وجهة نظر الكاتب في أن هناك التزامات من الحرس الثوري وشخصيات سياسية إيرانية، مثل الرئيس مسعود بيزشكيان، ووزير الخارجية عباس عراقجي، للرد بقوة على أي هجوم إسرائيلي.

أما ثالث هذه الاعتبارات فتتعلق "بالجوانب العسكرية" إذ يعتقد بن يشاي أن إسرائيل قد ألحقَت أضراراً "جسيمة" بأنظمة الدفاع الجوي الإيرانية.

ويرى الكاتب أن الهجوم الإسرائيلي على إيران يعد "تحفة استراتيجية وعسكرية"، إذ أن الضربات حققت عدة أهداف في وقت واحد، منها تأثير ملموس على القدرات العسكرية الإيرانية، وإشارة واضحة للنظام بأنه "مكشوف وضعيف"، مما يعزز الردع من وجهة نظر الكاتب .

ويختتم الكاتب مقاله بأن إسرائيل لديها نظام دفاع جوي محسن كثيراً مقارنة بما كان لديها في أبريل/نيسان من هذا العام، ليس فقط لأن الأمريكيين نشروا بطارية ثاد في إسرائيل، ولكن أيضاً بسبب التحسينات والإضافات إلى مجموعة الدفاع الجوي الإسرائيلية التي كانت غائبة في الجولات السابقة، مشيراً إلى أن إسرائيل "أظهرت قدرتها على دمج الاستراتيجية والدبلوماسية والاستخبارات والتكنولوجيا وتنفيذ عمليات جوية معقدة".

"المتشددون يدعون للانتقام"

امرأة إيرانية تمشي بالقرب من لوحة إعلانية معادية لإسرائيل تصور الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل وجملة تقرأ باللغة الفارسية "إذا كنت تريد الحرب ، فنحن سيد الحرب"
EPA
طهران بعد أن شنت إسرائيل غارات على أهداف عسكرية في إيران، 26 أكتوبر 2024.

ونختتم جولتنا بـصحيفة الغارديان البريطانية، حيث كتب باتريك وينتور، مقالاً بعنوان "إيران تسخر من هجمات إسرائيل الضعيفة، والمتشددون يدعون إلى الانتقام".

وتطرق الكاتب لردود الفعل المتباينة في الداخل الإيراني على الضربة الإسرائيلية، إذ "قللت" الحكومة الإيرانية من حجم وفعالية الهجوم الإسرائيلي على مواقعها العسكرية، فيما يُصرّ من وصفهم بـ"المتشددين" في البرلمان يصرّون على أن الهجوم ينتهك الخطوط الحمراء الإيرانية ويتطلب "رداً سريعاً".

ويضيف الكاتب أن النقاش الدائر في الداخل الإيراني هو "كيف سيتم الرد على الهجوم الإسرائيلي الذي طال انتظاره"، وما إذا كان ينبغي التعامل مع "انتهاك إسرائيل للسيادة الوطنية الإيرانية" باعتباره خطيراً للغاية بحيث لا يمكن تجاهله، في مقابل رأي آخر يرجح الاستجابة للنصيحة الدولية والتراجع عن "حافة الهاوية من خلال عدم شن أعمال انتقامية" بحسب المقال.

ويؤكد الكاتب في مقاله أنه سيتعين على النخبة السياسية الإيرانية أن "توازن" بين ما وصفه بالضغوط السياسية والدولية والعسكرية "المتضاربة"، مشيراً إلى أن الرد الأولي للحكومة الإيرانية جاء تعبيراً عن "فخر وطني" بأداء الدفاعات الجوية، بدلاً من دعوات للانتقام الفوري.

ويعتقد الكاتب أن تلك النقاشات التي بدأت بالفعل في الداخل الإيراني من شأنها أن تخلق "خلافات داخل النخبة السياسة في إيران".

ويخلص الكاتب إلى أن القرار بات في يد إيران الآن، وفي حال قررت إنهاء الصراع مع إسرائيل على هذه الجبهة الثالثة و"الأكثر خطورة"، فإنه "لن يكون هناك أحد أكثر سعادة من البيت الأبيض، حيث ستُستعاد بعض الثقة في قدرته على خفض التصعيد"، وهو ما يراه الكاتب أنه "خطوة غير مرجحة" قبل الانتخابات.