إيلاف من القدس: ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كلمةً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة. ومثل بائعٍ متجولٍ عفا عليه الزمن، لجأ إلى حيله المعتادة - الرسوم البيانية، ورموز الاستجابة السريعة، والاختبارات، والحركات الاستعراضية - التي لم تعد تُجدي نفعًا.
من بين الأدوار التي يستمتع بها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، تُعد الجمعية العامة للأمم المتحدة بلا شك دوره المُفضل. فهناك، يُظهر براعته الخطابية بلغة إنكليزية سليمة، ويُشارك دون أي تناقض رؤيته للعالم ومكانة إسرائيل فيه. مع ذلك، سلطت دورة 2025 الضوء بشكل رئيسي على عزلة إسرائيل وخواء خطابه وحججه، التي قوبلت بصمت واستنكار شبه شامل.
تجلى هذا العزل بشكل ساخر تقريبًا خلال خطابه الذي ألقاه في قاعة فارغة، بينما كان المتظاهرون خارج مقر الأمم المتحدة يطلقون صيحات الاستهجان. لم تأت هذه الاستهجانات من نشطاء متطرفين مناهضين لإسرائيل فحسب، بل أيضًا من مواطنين روعتهم الحرب الدائرة - دون أن يكونوا بالضرورة كارهين لإسرائيل - وحتى من إسرائيليين يرفضون رئيس وزراء، في نظرهم، يقود بلادهم إلى الهاوية.
خطاب نتانياهو الفاشل
لوّح بخريطة لعرض إنجازات إسرائيل (الحقيقية) ضد إيران . ومع ذلك، دون أن يُفصل مخرجًا من الأزمة أو أفقًا دبلوماسيًا، فشل نتانياهو في استغلال هذه النجاحات لتعزيز إسرائيل، بل عمق عزلتها - وهو موقف يتبناه علنًا.
وعندما أشاد نتانياهو بخطاب الرئيس الإندونيسي المثير للإعجاب، تجاهل عن عمد أن انفتاح الأخير يعتمد على إنشاء دولة فلسطينية، وهو ما رفضه نتانياهو بشكل قاطع في تصريحاته.
وعلى الرغم من نبرته المتحدية، كان هناك شيء مثير للشفقة تقريبا في أجندة نتانياهو في الأمم المتحدة: لقاءات مع زعماء صربيا وباراغواي، وهو أمر بعيد كل البعد عن صورته كخبير استراتيجي جيوسياسي يتحاور مع القوى العظمى في العالم.
التوجه إلى ترامب
قبل أيام قليلة، أنقذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، في تحالف بين قوى اليمين الشعبوي وغير الليبرالي، في الوقت الذي واجهت فيه الأرجنتين هجمات في السوق. وهكذا، كان لقاء نتانياهو الحميم مع ميلي، من نواحٍ عديدة، لقاء زعيمين في حالة إفلاس - مالي لأحدهما، وجيوسياسي للآخر - يناشد كل منهما راعيه الأميركي خط ائتمان لإخراجه من المأزق.
هذا لا يترك لنتانياهو سوى ورقة واحدة ليلعب بها: ترامب، "دائنه الدبلوماسي". والواقع أن خطاب رئيس الوزراء بأكمله كان مصمما خصيصا له، وكان مليئا بالإطراءات والتبسيطات المفرطة التي يستمتع بها الرجل العظيم.
ومع ذلك، يبدو أن ترامب نفسه بدأ يشعر بالضجر، كما يتضح من رفضه القاطع السماح لنتانياهو بضم الضفة الغربية . وبعد عرض خطته لإنهاء الحرب على الدول العربية، قد يفرضها ترامب على نتانياهو خلال اجتماعهما يوم الاثنين.
سيكون هذا الاجتماع لقاءً يلتقي فيه النفاق والسخرية بالغرور والتناقض. ومن اللافت للنظر أن مصير غزة والمنطقة معلقٌ بقدرة دجالٍ عفا عليه الزمن على الاستمرار في إقناع - وخداع - رئيس تحول إلى ملك.
==============
نقلت "إيلاف" هذا المقال من صحيفة "جيروزالم بوست".. للكاتب سيباستيان ليفي.. وهو كاتب أميركي فرنسي.. عمل مراسلاً لإذاعة "راديو جيه" اليهودية الفرنسية في الولايات المتحدة، حيث يقيم منذ 15 عاماً.
https://www.jpost.com/opinion/article-868815


















التعليقات