موسكو من كريم سليم المظفر: أثارت زيارة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري لروسيا الأسبوع الماضي اهتماماً غير مسبوق في الساحة السياسية الروسية، فقد رافقها جدل حول تصريحات نسبت إليه عن طلبه من روسيا المشاركة في القوات الأجنبية التي تحتل بلاده. كما جاءت الزيارة في وقت تشعر فيه روسيا بالغضب من استبعادها من صفقات إعمار العراق. وحرص زيباري على إيضاح تلك الجوانب في حوار مسهب أجرته معه "الخليج"، وأكد فيه عدم صحة ما يتردد عن وجود "إسرائيلي" في شمال بلاده. وقال إن العراق طرح في مقابل عقد مؤتمر دولي فكرة توسيع آلية مؤتمر دول الجوار العراقي لتشمل الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وألقى الضوء على سياسة اجتثاث البعثيين، مؤكداً أن الاستبعاد اقتصر فقط على البعثيين الذين شاركوا في القتل والاعتقالات والتخريب. وفي ما يأتي نص الحوار:
في البداية نريد أن ننطلق من حقيقة التصريحات التي أدليتم بها في مطار موسكو حول الطلب من روسيا إرسال قوات إلى العراق للعمل ضمن القوة المتعددة الجنسيات...
- حقيقة إن هذه التصريحات غير صحيحة. لم أصرح بذلك قط. وان زيارتي لموسكو ليست في شأن المطالبة بإرسال قوات روسية إلى العراق وأي شيء نسب إلينا في هذا الإطار غير دقيق. نحن نعرف الموقف الروسي من هذه المسألة ومن السذاجة السياسية أن تطلب شيئا وتعرف مسبقا إجابته وأنه غير ممكن التحقيق. لم نأت إلى موسكو لهذا الغرض، وإنما جئنا بدعوة رسمية من الحكومة الروسية لبدء بحث آفاق التعاون وتأسيس العلاقات الدبلوماسية ومراجعة العلاقات التاريخية بين العراق وروسيا. والمبادرة في الحقيقة جاءت منهم، وقد تقبلناها لأن ما يهمنا في العراق هو إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول وخصوصاً روسيا، كونها صاحبة قرار مؤثر في الأسرة الدولية وهذا تأكيد لاستقلالية وصدقية سياستنا الخارجية، وان علاقاتنا لن تكون محصورة في جهة أو طرف معين، لا، هذا ليس في مصلحة العراق إطلاقا. أما هذا الموضوع فقد حصل بسبب التباس لغوي، لان بعض الإعلاميين الروس الذين كانوا في المطار كانت لغتهم الإنجليزية "تعبانة جدا".

لكن الخبر لم تورده وسائل الإعلام الروسية فقط، بل حتى الغربية...
- أود أن أكون واضحا وليس الدفاع عن شيء خطأ، ولكن عند وصولنا إلى المطار سئلنا عن المجالات التي سنناقشها مع روسيا للتعاون المستقبلي، وأشرت إلى أننا سنقوم ببحث جميع المجالات، بما فيها الاقتصادية والسياسية والأمنية. إلا أن أحد الصحافيين ركز على كلمة الأمنية، وسألنا: حتى الأمنية؟ فأجبته: نعم لكن لم نقل إننا سنطلب من روسيا إرسال قوات إلى العراق. والظاهر أن للصحيفة أغراضها الشخصية من تأويل الحديث.
والحقيقة إن هذا الموضوع لم نطرحه ولم نقم ببحثه خلال لقاءاتنا التي أجريناها. ولكن ما تم بحثه في الجانب الأمني هو أن الطرف الروسي أعرب عن استعداده لدراسة تدريب رجال الأمن والشرطة العراقية بطلب من الحكومة العراقية. وهذا بالطبع تطور إيجابي في الموقف الروسي. وهذا الشيء الذي تم بحثه للأسف الشديد الناس السذج يقفزون رأسا على رأي مفاده أن الوزير جاء إلى روسيا لطلب إرسال قوات لذلك فان الزيارة فاشلة. ولكن أقول لك إن هذا لم يدخل في هدف زيارتي، لقد جئنا لإدامة العلاقة بيننا.

ربما كان ذلك يعود إلى تسرب خبر قبيل زيارتكم مفاده أن الولايات المتحدة طلبت من روسيا إرسال 40 ألف جندي إلى العراق وأفغانستان وجاءت زيارتكم لتكون مكملة لربطها بالمطلب الأمريكي...
- أود أن أوضح لك شيئاً، هناك مسألتان يجري الخلط بينهما في الإعلام العربي بصفة خاصة: إن قوات الاحتلال أو القوات المتعددة الجنسيات وغير ذلك من التسميات التي يحلو للإعلام التركيز عليها هذا موضوع. أما الموضوع الآخر، فإن الاخوة الإعلاميين يخلطون الأمور حتى عندما لا يوضح بعض المسؤولين العراقيين المسألة: وهي أن مجلس الأمن في قراره الأخير حول العراق أشار في إحدى فقراته إلى ضرورة توفير مواقع الحماية لأفراد ومنشآت وعمليات الأمم المتحدة في العراق، يعني قوة حماية لوجود الأمم المتحدة، هذه غير متوفرة بعد، ونحن نطلب من مصر ودول الخليج والدول الإسلامية والروس على وجه الخصوص استخدام نفوذها لدى بلدان رابطة الدول المستقلة لتوفير مثل هذه القوة التي لن تكون قوة حفظ للسلام أو ضمن القوة المتعددة الجنسيات، بل قوة لحماية الأمم المتحدة، ولذلك هنا يحصل الخلط لدى الاخوة الإعلاميين.

منذ الإطاحة بنظام صدام حسين صدرت تصريحات كثيرة عن حرمان الدول التي ساندت ذلك النظام أو دعمته من المشاريع المستقبلية في العراق وبالطبع من ضمنها روسيا. ما هو التغيير الحاصل الذي جعلكم تعيدون النظر في العلاقة مع روسيا؟
- نعم. حقيقة كانت هناك مثل هذه التصريحات. ولكن مثل هذه التصريحات غالبا ما تطلق في مجال التغيير، وربما لا تعبر عن المصلحة الحقيقية، وأحيانا تدخل فيها الأمزجة والحوادث والخلفيات. نعم الشعب العراقي عموما كان متحسساً من الدول التي ساندت نظام صدام وسلحته أو أيدته أو لم تتحدث بصوت عال عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرض لها. وروسيا كانت من ضمن هذه الدول. وظل الانطباع الموجود بأنها مؤيدة لهذا النظام، ولكن هذه الفكرة لم تكن من قبل الحكومة العراقية، بل من قبل قوات الاحتلال السابقة التي كانت الإدارة الأمريكية بقيادة السفير بول بريمر هي التي تدير العراق وتحكمه، وهي التي أعدت قائمة بمنح العقود إلى الدول التي ساهمت وشاركت في عملية التحرير واستثنت الدول التي لم تشارك، وقلنا إن هذه الأموال أمريكية وهم أحرار في إعطائها لمن يريدون، ولكن ليس نحن، ولا ينطبق علينا كعراقيين، لأننا أحرار في مواردنا ومصالحنا ونحن الذين نتحكم بها. فهناك قواعد للمناقصات وسنعطيها للذين يقدمون الأفضل والأرخص، ولا نفرق في ذلك سواء أكانت روسيا أم اليابان أم غيرهما.
من هذا المنطلق نحن نستبعد التمييز، يعني نحن في الحكومة العراقية وبعد إعادة السلطة والسيادة الحقيقية رغم كل ما يقال أو يشاع، وان قدومنا إلى موسكو تأكيد لهذا الاستقلال وتهمنا مصلحة بلدنا وشعبنا التي تقضي بناء علاقات متوازنة مع جميع الدول وبألا تكون محصورة مع أمريكا وبريطانيا. إذن في المستقبل، وهذا رأي الحكومة الحالية أو حتى بعد الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة، وأعتقد بأن ذلك سيكون رأيها أيضا وانه لن يكون هناك تمييز في إعطاء الصفقات والعقود التجارية على أساس مواقف سياسية سابقة، لأننا أولاد اليوم ولسنا أولاد البارحة.

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في ختام محادثاته معكم انه تم تبني فكرة عقد مؤتمر دولي لكنه لم يوضح ما إذا كان الجانب العراقي قد وافق على هذا الاقتراح، هل ستوافق الولايات المتحدة على عقد مثل هذا المؤتمر بمبادرة روسية؟
- كان لنا حوار مستفيض في هذا الشأن مع المسؤولين الروس، واستفهمنا منهم عن المخزى أو الغاية التي ينشدونها من عقد مثل هذا المؤتمر وطلبنا إعطاءنا التفاصيل، وقدمنا أسئلة حول هذه الفكرة أو المبادرة المطروحة منذ فترة. أنا شخصيا شاركت في المداولات والمباحثات التي جرت قبيل صدور قرار مجلس الأمن الدولي 1546. كان هذا الموضوع مطروحا من قبل الوفد الروسي لإدخاله ضمن بنود القرار الجديد، فنحن ناقشنا هذا الموضوع وأكدنا انه باعتقادنا كان من الأنسب عقد مثل هذا المؤتمر مباشرة بعد عملية تحرير العراق مثلما حصل في أفغانستان ومؤتمر "بون" في شأنها. كانت هنالك عملية دولية مشتركة لكن منذ ذلك الوقت اتخذنا سلسلة من الخطوات والإجراءات السياسية والميدانية، وحصل الاتفاق النهائي في الموضوع في مجلس الأمن على ترك أمر تنفيذها للحكومة العراقية، إن رأت أن فيها مصلحة للوضع الأمني والسياسي والإقليمي أو لا، لكن أردنا من خلال اللقاءات الاستفهام منهم، ولكن لم يتخذ قرار في شأنها.

بالنسبة للموقف العراقي نحن طرحنا فقط أسئلة واستفسارات على الجانب الروسي وأشرنا إلى أننا سنقوم بدراسته ومتابعته لاحقا في شهر سبتمبر/أيلول عندما سيكون لنا لقاء آخر وحسب الاتفاق معهم في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية لمتابعة الموضوع. كانت لدينا فكرة قريبة لهذا الطرح. لدينا الآن آلية تتمثل في اجتماعات دول الجوار العراقي والعراق إضافة إلى مصر. وعندنا فكرة لتطوير هذا الإطار إلى شيء أوسع، بإضافة الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى بعض المنظمات الدولية والإقليمية المهمة كالجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي. هذه الآلية بمنزلة مؤتمر دولي أو لجنة اتصال دولية. والدول المعنية بالشأن العراقي لها مخاوف وهواجس معينة حول تطورات الوضع والوجود الأجنبي في العراق وانعكاساته عليهم. يمكن أن توفر هذه اللجنة قناة للتحاور والاتصال المباشر مع أصحاب الشأن لتبديد هذه المخاوف ولضمان تعاملهم الإيجابي مع الوضع العراقي. هذه الفكرة رحب بها الجانب الروسي واتفقنا على دراستها بشكل موسع في اللقاءات المقبلة، أما فكرة عقد مؤتمر دولي فهي لم تحسم بعد من قبلنا لانها بحاجة إلى المزيد من البحث والتشاور.

أعلن عدد من المنظمات العراقية نيتها مقاطعة المؤتمر الوطني الذي دعوتم اليه ألف شخصية عراقية. كيف تقيمون أثر هذا المؤتمر في تطوير العملية السياسية في العراق؟
- فكرة المؤتمر الوطني جاءت لتوسيع المشاركة السياسية للعراقيين في العملية السياسية وإدارة البلاد. ربما إن هذا المجلس الوطني الانتقالي لن يكون برلمانا بمعنى البرلمان، بل هو اقل من البرلمان واكثر من مجلس استشاري، وستكون لديه الصلاحيات المحددة من قبل قانون إدارة الدولة وفي الملاحق التي صدرت عنه.
بالتأكيد لن نستطيع إرضاء الكل لكن فكرة عقد المؤتمر ودعوة هذا العدد الكبير من الشخصيات الوطنية العراقية بمختلف أطيافها جاءت لتوسيع دائرة المشاركة أساسا، والحماس والاندفاع كبير جدا في هذا الاتجاه. لكن هناك قوى وشخصيات ربما تقول إن هذه هي فترة انتقالية ولننتظر إلى حين إجراء الانتخابات العامة ونجرب أنفسنا في هذه الانتخابات. وبالطبع هذا الشيء مشروع ولا نستطيع أن ننفيه. ولكن الفكرة هي إشراك الجميع وعدم غلق الباب وحكر الموضوع على شريحة معينة. لا.. تصور احتمال مشاركة قيادات بعثية وكذلك مقتدى الصدر والقوميين وهيئة علماء المسلمين الحريصين على البلاد، لكن طبيعة المؤتمرات أنه لا يمكنك جمع الكل، لكنك تستطيع جمع القواسم المشتركة وستكون بالطبع هناك معارضة، حتى بالنسبة للأشخاص الذين يقومون بهجمات وقتل وذبح فانهم ليسوا أصحاب برنامج سياسي ولا توجد لديهم جهة ممكن التحاور معها للوصول الى مطالبهم.

لو ظهرت شخصية سياسية تمثل ما يسمى "المقاومة العراقية"، هل ستحاورونه؟
- لو ظهرت مثل هذه الشخصية في اعتقادي سيكون هناك شرط رفض استخدام القوة والعنف، لان العراق الذي نريد أن نبنيه مفروض أن يكون مختلفا عن الدبابة أو الانفلات ولغة التهديد والقوة والوعيد. المفروض إذا أردت أن يكون لك دور أو تأثير، فتفضل، إذ إن الساحة مفتوحة لتأسيس معارضة أو صحيفة أو تنظيم مظاهرات أو الحشد أو الاتصالات أو التعبئة. أما أن تفرض علينا ذلك بالقوة فسنرفض بشدة.

تواترت الأنباء عن ازدياد الوجود "الإسرائيلي" في العراق. ما حقيقة ذلك؟
- كل مرة عندما يحصل تحسن او تطور في الوضع العراقي، ويتمسك العراقيون بوحدتهم الوطنية وبناء بلدهم الجديد تظهر هذه التهمة المشرعة بوجههم دائما وهي ورقة جاهزة وحاضرة في كل المناسبات والأوقات والأزمان. في اجتماعات القاهرة طرح علينا هذا الموضوع بأن هناك تغلغلاً "إسرائيلياً" في العراق تحت غطاء الشركات، خصوصاً في الشمال العراقي. وقد أشارت إلى ذلك الوجود إحدى الصحف الأمريكية.
في الحقيقة نحن نفينا هذه الاتهامات والمعلومات والتقارير. ولكن ربما النفي لا يكفي بالنسبة لكم، أو ربما لديكم شكوك حول ما نقوله. ندعوكم لإرسال فرق أمنية لتقصي هذه الحقائق ميدانيا ونحن مستعدون كحكومة عراقية أن نوفر لهم جميع التسهيلات لزيارة كل المناطق من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. يعني إذا كان هنالك وجود "إسرائيلي" بتواطؤ وبتعاون وبموافقة من السلطات العراقية، فهذا غير صحيح إطلاقا وهو افتراء. و إذا كان هناك وجود استخباري غير مكشوف، وضباط "موساد" يتجولون وهم طبعا موجودون في كل البلدان ولكنهم غير ظاهرين، فان ذلك موضوع آخر. ونحن لا نستطيع التحكم به. و إذا كانت لديكم معلومات نرجو تزويدنا بها ليتسنى لنا تعقبهم. أما أن يكون أمر وجودهم بموافقتنا أو برضانا أو بتواطئنا فان هذا غير صحيح. وهو ليس من مصلحتنا. ما هي مصلحة العراق الذي يريد أن يبني نفسه؟ هذا الأمر مبرر لبعض الدول التي ترغب في التدخل في الشأن العراقي وتحريف القضية.
رفضنا في اجتماع القاهرة الإشارة إلى هذا الموضوع في البيان الختامي لان الكثير من الدول وقفت معنا في أن البيان الختامي يجب أن يركز على القواسم المشتركة، وليس على الخلافات، إضافة إلى أن هذه المجموعة تعمل بصيغة التوافق. ولا أريد هنا سرد الكثير من التفاصيل لكني قلت لهم "يا إخوان إنكم تحرجوننا. فهناك على الطاولة ثلاث دول لها علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل" وتعاون مكشوف وعلني ونحن في هذا الوضع الذي يقتلنا فيه الإرهابيون.

أشارت وسائل الإعلام أمس الأول إلى لقاء بين جلال الطالباني ورئيس الحكومة "الإسرائيلية" ارييل شارون...
- ما هو مصدر هذا الخبر؟ المشكلة أن هناك تقارير صحافية كثيرة حول الأوضاع في السعودية وسوريا ومصر وإيران، والرد هو دعاية صهيونية. إذن لماذا إذا ظهر تقرير في إحدى الصحف الصهيونية والتي يملكها أحد الصهاينة يصبح هذا التقرير حقيقة؟ يا أخي هنالك حملة للأسف الشديد أستطيع أن اسميها حول إبقاء الوضع في العراق تحت شتى المبررات بهذا الشكل الضعيف، غير القادر على الوقوف على قدميه، وان يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات. هذه الحجة - العلاقة والارتباط ب "إسرائيل" وإثارة العواطف القومية - تستخدم في هذا الاتجاه. وأنا سألت عن هذا الموضوع فتبين أن مصادر هذه الأخبار فلسطينية. أنا اشكك في هذه الأنباء، لان جلال رجل وطني ومن القيادات السياسية ويعرف حساسية الموضوع أمام الرأي العام العربي والإسلامي، فما هي مصلحته بذلك وفي هذه المرحلة في زيارة "إسرائيل"؟، وإذا زار "إسرائيل" فثق بأن الفلسطينيين لن يعرفوا بذلك!

أعلنت الولايات المتحدة أنها بصدد تعيين ثلاثة آلاف دبلوماسي في سفارتها في بغداد، ألا ترون في هذا العدد مبالغة؟
- ربما يحتاجون لمثل هذا العدد، لان لديهم التزامات هائلة جدا وأموالا كبيرة يجب أن تصرف بشكل صحيح ومنظم ولديهم 130 ألف عسكري وقوات تابعة ل30 دولة ضمن القوات المتعددة الجنسيات، الإدارة الأمريكية صدقيتها وسمعتها وكرامة أمريكا كلها في امتحان في العراق وتحتاج إلى عدد كبير من الكوادر وربما هذا الرقم قليل وقد يحتاجون إلى اكثر من ذلك، لان جبهتهم لمكافحة الإرهاب أصبحت الآن على الساحة العراقية. عندهم 18 مليار دولار يجب صرفها حسب القوانين. عندهم إمكانات إدارية وتجهيزات هائلة جدا عدا شركاتهم والأمور الأخرى التي يجب أن يوفروها للأمن والإعمار لاحياء البنية التحتية، لانهم هم الذين دمروا هذه الدولة وبالتالي هم الذين يجب أن يساعدونا في إعادة تأسيسها. فهذا العدد هم بحاجة إليه، لكنهم ليسوا فقط من وزارة الخارجية، بل يمثلون جميع الوزارات ومنظمات التنمية وسيحملون صفة دبلوماسية.

إذن السيادة العراقية ليست كاملة والمستشارون الأمريكيون سيشرفون على عمل الوزارات كما أشيع...
- هذا خطأ. هذه معلومات غير دقيقة. لديهم في بعض الوزارات مستشارون كوزارة الداخلية وبعض الوزارات الأخرى، ولكن مثلا في وزارة الخارجية لا يوجد أي مستشار أمريكي، ليس الآن فقط وإنما من قبل. فالمستشارون الامريكيون تركوا مواقعهم، ولكنهم أعربوا في الوقت نفسه عن استعدادهم للعودة في حالة الطلب منهم وإبرام عقود جديدة معهم. وهذا بالطبع يعتمد على الوزارة نفسها وليس هم الذين يفرضون ذلك. فهناك الكثير من المسائل التخصصية، فمثلا العراق يتفاوض للانضمام لمنظمة التجارة الدولية وهذا موضوع جديد بالنسبة للعراق وهناك مسألة الديون العراقية ومعالجة آليات نادي باريس التي تحتاج إلى تفاصيل تقنية تفصيلية والكادر العراقي الموجود لدينا لم يصل بعد إلى فهم كامل لهذه الآلية.

هناك أيضا تصريحات نسبت إليكم بأن العراق لا يمانع في شن هجوم أمريكي على دول الجوار التي لم تفرض سيطرتها على حدودها لوقف تسرب المتسللين إلى العراق.. ما حقيقة هذه التصريحات؟
- دعني أقل لك هناك بعض الإخوان الذين لا يعرفون ويلفقون الكثير من المسائل، كما هو الحال في تصريحنا في موسكو، هذا غير معقول، خصوصا انك تعرف موقف الجانب المقابل مسبقا، فما هي مصلحة العراق في هجوم أمريكا على سوريا وإيران؟ نحن قلنا إن هذه الدول مشكلتها ليست مع الشعب العراقي مباشرة بل هي مع التواجد العسكري الأمريكي - البريطاني. وحاليا القوات المتعددة الجنسيات التي اكتسبت شرعيتها من قرار مجلس الأمن الدولي، خوفهم من هذه الدول وهذا الوجود، تحركهم لإفشال هذه التجربة لإفشال الجانب الأمني في العراق ولإفشال الهجوم عليهم. لاحظ كيف تكون المعادلة، قلنا طبيعي أن هذه المسألة إذا استمرت فربما تكون لها عواقب ولكن ليس بتشجيع منا، يعني الأمريكي يعرف أن إرهابياً جاء من جهة ما وعند التحقيق معه يظهر انه مدفوع من قبل ضابط ما في دولة ما. إذن فان أمريكا ستضرب هذه الدولة وعندها لا نستطيع أن نعمل شيئاً، ولكن نحن لا نشجعهم، بل على العكس نحن لجمناهم خلال الفترة الأخيرة، ونصحناهم بأنه ليس من مصلحة العراق أو مصلحتهم المواجهة او الاستفزازات أو التصادم مع أي دولة من دول الجوار العراقي. مصلحتنا هي الأمن وتعاونهم الإيجابي مع الحالة العراقية. أعود واكرر بأني أبدا لم أطالب أو أشجع القوات الأمريكية على مثل هذا العمل.
*الخليج الإماراتية