إذا كان العتب على قدر المحبة، فمن حق كاتب هذه السطور أن يمارس عتبه على الصديق السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، وعلى قيادات في المجلس ربطتنا بهم علاقات حميمة طيلة السنوات الماضية.
مصدر العتب هو هذا التحول العنيف في المواقف في مسألة التدخلات الايرانية في العراق، وتحول عدد من قيادات المجلس إلى مجرد مدافعين عن ايران في وسائل الاعلام، وبشكل عنيف وأحيانا تختلط فيه الولاءات الوطنية بالتحالفات الاقليمية.
إن شخصا مثل السيد بيان جبر وزير الداخلية، وأحد قيادات المجلس الذي عرفناه هادئا متوازنا طيلة السنوات الماضية، تحدث بلغة منفعلة وكارهة مدافعا عن ايران، وبدلا من تبيان الحقائق راح يتحدث بلغة تبعد العراق عن محيطه العربي، وتجعله متأزما مع جيرانه واهله.
وشخصيات نافذة في المجلس بدأت تظهر أمام الراي العام العراقي والعربي، وعبر الفضائيات، وكأنها ناطقة باسم الجمهورية الاسلامية في ايران، والفرق كبير بين أن تتعاطف مع الموقف الايراني، وان تحاول ان تعطي الحقائق لإثبات عدم التدخل في الشان العراقي، وبين الحديث بلغة منفعلة تنكر كل التدخلات، وتظهر ايران كحمل وديع، وتغفل حقائق على الارض في المحافظات الجنوبية العراقية..!
ان المبالغة والانزلاق في هذا الموقف ربما يضران بالعملية السياسية في العراق، وربما يجعلان الناس تختلف على قضايا المصلحة الوطنية التي يجب الا يختلف العراقيون عليها، ويجب ادراك حساسية الموقف الايراني ضمن التركيبة الاجتماعية والقومية والطائفية في العراق.
لست ممن ينقلون عن الأموات، وهو عرف صحفي منتشر في الصحافة العربية، ولكن يشهد الله حجم المرارة التي سمعتها من الشهيد السيد محمد باقر الحكيم، خلال لقائي معه في مكتبه في طهران قبل سنوات قليلة، وهو يشكو التدخلات الايرانية في قوات بدر، وكل الخوف هو أن تستمر هذه التدخلات وان يعزل المجلس الاسلامي نفسه، اذا تحول الى واجهة للسياسة الايرانية، وتحول عدد من قيادته إلى محامين للسياسات الايرانية، وهي ليست دعوة للقطيعة مع طهران، بل هي دعوة لوضع خط احمر بين الموقف الوطني والتحالفات الخارجية.
التعليقات