... وطلب مني التوسط لترتيب لقاء مع الأسد
موسكو ـ من سلام مسافر:
كشف رئيس الوزراء الروسي السابق يفغيني بريماكوف، عن ان رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، كان طلب منه التوسط لترتيب لقاء مع الرئيس السوري بشار الاسد, وقال بريماكوف، الذي يعرف في الدوائر الروسية، على انه «خبير بارز في شؤون الشرق الاوسط»، في حديث مع صحيفة روسية، انه التقى الحريري قبل اغتياله باسبوع على «إفطار في وقت مبكر من الصباح في منزله, وابلغني رغبته في لقاء بشار الأسد، وكان يعلم بأني متوجه الى دمشق للقاء الرئيس السوري».
واعلن رئيس الوزراء السابق من ناحية ثانية، ان الاميركيين، «لن يحاكموا» الرئيس العراقي المخلوع صدام «على غزو الكويت لان ذلك سيفتح ملفات تتجنبها واشنطن، التي لم تعارض غزو الكويت عام 1990».
وحسب بريماكوف المعروف بصلاته القوية مع عدد من القادة العرب، فان الحريري «اشتكى من تدخلات الأجهزة السورية في لبنان، وقال لي ان الحكومة اللبنانية لا تستطيع تعيين رئيس لمستشفى من دون موافقة الاستخبارات السورية», ويذكر انه سأل الحريري عن ما اذا كان السوريون لا يوفرون له الحماية الكافية، وان رئيس الوزراء الراحل، رد مبتسما «لا تقلق لدي حراسات جيدة وأمينة».
واعلن بريماكوف، ان الحريري طلب منه ان ينقل الى السوريين بان مخاوفهم من ان يعقد لبنان صفقة منفردة مع اسرائيل «لا اساس لها», واوضح: «طلب مني ان انقل للسوريين ان الحكومة اللبنانية على استعداد لادخال مادة في الدستور تنص على ان لبنان لن يعقد اتفاقية للسلام مع اسرائيل الا حين تقوم دمشق بذلك ».
وقال رئيس الوزراء الروسي السابق لصحيفة «فريميه نوفوستي»، انه لمس من الأسد ترحيبا بلقاء الحريري «الأمر الذي يعزز قناعتي بان بشار الأسد لا يتحمل المسؤولية عن اغتيال الحريري».
وروى بريماكوف، من ناحية ثانية، آخر لقاء له مع الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين, فقال ان الرئيس فلاديمير بوتين، استدعاه ليلة 23 فبراير 2003 وطلب منه التوجه على الفور الى بغداد، لنقل رسالة شفوية الى صدام, ويقول: «وصلت بغداد يوم 24 فبراير وطلبت لقاء صدام مباشرة، لكنهم اقترحوا لقاء طارق عزيز، فرفضت ملحا على لقاء صدام شخصيا، وكنت أدرك ان الرئيس العراقي السابق كان يسعى الى معرفة ما لدي عبر طارق عزيز لتحضير الرد», ويضيف: «أخيرا وافقوا على لقاء صدام، لكني فوجئت بوجود طارق عزيز ورئيس البرلمان سعدون حمادي وعدد من الحراس الشخصيين لصدام في مكان الاجتماع، فطلبت من صدام الانفراد به، ووافق على مضض وخرج الآخرون».
ويذكر بريماكوف، الذي اخفق خلال رحلاته المكوكية عام 1991، في إنهاء احتلال العراق للكويت بالطرق السياسية، انه نقل لصدام مقترح بوتين بـ «الاستقالة», وقال: «لم اعرض عليه التنحي من كل المناصب، بل الانزواء لفترة في الظل والسماح بإجراء انتخابات رئاسية تعددية وعندها سيحافظ على استقرار العراق», ويروي ان صدام «استمع باهتمام، وسألني هل يمكنك اعادة الكلام نفسه أمام طارق وسعدون، فقلت له، إذا وجدت ذلك ضروريا لا مانع, واضاف: «دخل طارق عزيز وسعدون حمادي واخرون، فاعدت الاقتراح، وكان صدام يدون شيئا على ورقة، واعتقدت حينها انه وافق على المقترح وانه يكتب بيان تنحيه لعرضه على اعضاء القيادة، لكنه قام فجأة ورتب على كتفي وخرج، وعندها التفت نحوي طارق عزيز وخاطبني باسمي، يفغيني، ستعود بعد عشر سنوات، وسترى من كان على حق، أنت أم رئيسنا الغالي».
وعلق بريماكوف على محاكمة صدام، التي بدأت اول من امس، بان الولايات المتحدة «خلعت صدام بذرائع اتضح انها غير صحيحة»، حسب تعبيره, وقال «اذ يحاكم صدام فيجب محاكمة كثيرين، واقصد بهؤلاء اعوان صدام واركان حكمه».
ويرى رئيس الوزراء السابق، الذي يوصف في بعض وسائل الاعلام الاميركية، بـ «الجندي القديم في الحرب الباردة»، ان واشنطن «لم تعارض غزو صدام للكويت عام 1990». واوضح: «إما بسبب عدم خبرتها أو لأنها خبيرة، فان السفيرة الاميركية في بغداد غلاسبي نوهت لصدام عشية العدوان على الكويت، بان واشنطن لن تعارض العمل العسكري ضد جارة العراق».
ويشير بريماكوف الى ان صدام لم يستمع الى نصائح موسكو آنذاك بالانسحاب من الكويت مع ان آخر رئيس سوفياتي، ميخائيل غورباتشيوف، كلفه مهمة المبعوث الشخصي وزار بغداد قبل الحرب وخلالها ثلاث مرات, وقال: «لم يوافق صدام على الانسحاب الا حين اقتربت قوات التحالف الدولي من حدود العراق وكنت حينها في بغداد وابلغني صدام قبوله الانسحاب، وقال سيأتي طارق عزيز اليوم الى سفارتكم ويوقع على وثيقة رسمية بهذا الصدد».
ويروي بريماكوف انه استقبل عزيز في مبنى السفارة تحت القصف الجوي على بغداد «وجلسنا لبعض الوقت حتى إنا شربنا عدة كؤوس مع طارق واتفقنا على ان يزور موسكو في غضون اقل من أسبوع عبر طهران».
ويعتقد بريماكوف ان الاميركيين لن يحاكموا عزيز، كما يعتقد بانهم «لن يحاكموا صدام على غزو الكويت لان ذلك سيفتح ملفات تتجنبها واشنطن».
التعليقات