قينان الغامدي

بمناسبة العام الدولي للفيزياء قام معهد العالم العربي في باريس وجامعة إنترديسبلن بتكريم الدكتورة السعودية المتميزة ريم الطويرقي، وهذا التكريم لواحدة من متميزات وطننا لا شك يسعد ويبهج ويدعو للزهو والفخر، فالتكريم - لا شك - جاء لتميزها العلمي وبروزها في ميدان تخصصها، وهو تميز وبروز يعرفه المعهد والجامعة اللذان كرماها، أما نحن هنا في الداخل فمنذ تكريم الدكتورة الفاضلة حتى هذه اللحظة لم نستطع أن نتبين بوضوح كاف ما هو إنجازها الذي تميزت به وبرزت فيه، وكرمت بموجبه، ذلك لأن صحافتنا والدكتورة تجاوبت بفعالية، انصرفت عن الجوهر إلى الشكل، وراحت تحدثنا عن عباءة الدكتورة ونقابها اللذين ظهرت بهما أثناء الاحتفال، وراحت أسئلة الصحفيين تتركز على الأصداء التي انعكست على الأوروبيين من العباءة السوداء والنقاب، وما هي انعكاسات هذا الشكل المحتشم على سمعة ومكانة المرأة المسلمة في العالم عامة وفي السعودية على وجه الخصوص، وكيف كان حجم المفاجأة على الأوروبيين الذين اعتادوا رؤية المرأة المسلمة بحجابها الإسلامي الطبيعي ولم يخطر ببالهم أن أستاذة جامعية سعودية ستضيف النقاب إلى ذلك الحجاب. وكيف كانت ترد الدكتورة على من يسألها عن عباءتها ونقابها، وما هي الرسالة التي كانت تتوخى إيصالها للعالم من هذا اللبس. وتبعا لهذا راح بعض الكتاب والكاتبات السعوديين ينسجون المدائح ويكيلون الثناء ليس للإنجاز العلمي الذي لم يتبينوه جيدا ولم يركزوا عليه وإنما للعباءة والنقاب وكأن الدكتورة دعيت لتبليغ رسالة النقاب، لا لنيل تكريم علمي عالمي، وكأن كشف الوجه إحدى الكبائر والموبقات التي وفقها الله فتجنبتها، والحقيقة أنني مع دهشتي مما حدث فإنني لا أعترض أبدا على نقاب الدكتورة وعباءتها، ولكنني متألم من تغييب إنجازها العلمي أو جعله هامشيا أمام عباءتها ونقابها، ومع أنه لا أحد من الصحفيين الذين قابلوها سألها ولا أحد من الكتاب والكاتبات الذين مدحوا نقابها سأل نفسه سؤالا واحدا هو: كيف تأكد المعهد والجامعة من هوية الدكتورة، وكيف تأكدت سلطات مطار باريس من هويتها عند الدخول والخروج، وما هي العقبات التي اعترضتها إذا افترضنا إصرارها على طلب امرأة للتأكد من الهوية؟، أقول مع ذلك إلا أن ألمي تضاعف وأنا أقرأ في إحدى ساحات quot;الإنترنتquot; عنوانا يقول: quot;لكل من قرأ عن الدكتورة ريم الطويرقي ومقابلتها الدخول للأهمية القصوىquot;، فدخلت، ويا للهول، لقد وجدت من كتب quot;من منا يرضى لإحدى نسائه أن تدرس في جامعات بلاد الكفر المليئة بالمفاسد، من منا يرضى لإحدى نسائه أن تعيش وسط بلاد الكفر فترى مجلات الجنس ومحلات أدواته وبها آلات الرجال معروضة في الواجهة وترى الفاحشة على قوارع الطرق... إلخquot;، وكنت سأتجاوز هذه الهرطقات لولا أنني وجدت كاتبها يقول quot;جزى الله الدكتور (....) من المدينة المنورة الذي نبه على خطورة التعاطف مع قضية حجاب الدكتورةquot;، ثم أورد مقال الدكتور الذي طلب من الكاتب فيما يبدو تعميمه على ساحات الشبكة العنكبوتية، الدكتور الذي حذر من التعاطف مع الدكتورة وجه لكمات شديدة، لليبراليين ومن حذا حذوهم ثم التفت للدكتورة الطويرقي وقال إنه مع التزامها بستر بدنها كاملا إلا أنها وقعت في محظورات شتى جعلته يخجل ويستاء، منها مجالسة الرجال في محفل عام وتصويرها بالكاميرات وإجراء اللقاءات معها، وأنها لم تكلم الرجال من وراء حجاب، فضلا عن أن صوتها عورة، وأفظع من هذا أنها سبق أن أقامت في بلاد الكفر - للدراسة طبعا - من غير ضرورة شرعية، وأفظع من الأفظع أنها تخلت عن فطرتها، ولم تقر في بيت زوجها وذهبت لأمور لا حاجة لها ولا للأمة فيها - يقصد تعلمها الفيزياء - ويختتم قائلا: quot;وقد سجل التاريخ اعترافات أمثالها وتندمهن على تضييع حياتهن في مثل ذلك حتى من نساء الكافرينquot;، ولا تعليق لي سوى أنني متألم فعلا مما عرضت الدكتورة الفاضلة نفسها له، مع أنه كان لها في سماحة الإسلام مندوحة وسعة.