زينب غصن


تخفي المرأة السمراء النحيلة عزيمة قوية. تتكلم ببساطة، تعود إلى بداية قصتها التي بدأت قبل خمس وعشرين سنة بولادة ماجد ابنها الثاني. صوتها يحمل بحة محببة يبدو خفيضا في البداية وفيه الكثير من الخفر.. ربما لأنه يقف للمرة الأولى أمام جموع من الصحافيين الذين أتوا للتعرف على ندى ثابت، المرشحة المصرية لنيل جائزة نوبل للسلام، من بين ألف امرأة رشحت هذا العام بشكل جماعي للجائزة.
قبل خمس وعشرين سنة كانت ندى الألفي ثابت مجرد امرأة عادية أنهت دراستها الجامعية في التجارة وتزوجت وأنجبت ابنها الأول ثم الثاني. لكن القصة تبدأ مع ماجد الذي ولد مع عاهة عقلية نتيجة خطأ في الولادة. ولثمانية أشهر لم يكن الطفل يقوم بأي حركة كما أنه كان أعمى. تنقلت ندى بابنها من طبيب إلى آخر، داخل ومصر وخارجها، الكل أجمع أن الولد متخلف عقليا ولا يمكن علاجه إنما من الضروري معاملته معاملة خاصة.
تقول ندى إنها عاشت حالة من اليأس والغضب والعجز lt;lt;كنت أتساءل لماذا أعطاني الله هذا الطفل! فهو إن كان هدية منه لماذا أتت ناقصة؟!gt;gt;. لكن ذلك لم يضعف إيمانها واستمرت بالصلاة طلبا للعون حتى اختبرت معجزة تمثلت في تمكن الطفل من الرؤية. تقول lt;lt;في أحد الأيام رأيته فجأة ينظر باتجاه قنينة الحليب ويشير إليها!gt;gt; عاد الأمل إلى ندى وبدأت تقف إلى جانب ابنها وتساعده على التعلم lt;lt;كنت أتعلم منه ما يحتاجه طفل مثله.. وبدأ يكبر وتتحسن حالتهgt;gt;. وبعد أن كان أعمى ومن دون أي ردات فعل أصبح اليوم يتكلم ويضحك ويسبح ويرتدي ملابسه بنفسه. فبعد عشرين سنة من ولادة ماجد تقول ندى إنها فهمت لماذا منحها الله هذا الطفل. lt;lt;كان ماجد وأمثاله هم الهدف لحياتيgt;gt; فوضعت مشروعا لانشاء مركز تأهيل للأولاد ذوي الاحتياجات الخاصة على أرض نملكها في الصحراء قرب الاسكندرية. وتهدف الجمعية التي أنشأتها في العام 2000 باسم lt;lt;قرية الأملgt;gt; إلى تقديم خدمات الرعاية والتأهيل للبالغين من الجنسين من ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم حتى تحولت القرية من مجرد ورش بسيطة للتأهيل إلى جمعية ينتج فيها هؤلاء الأطفال بعد أن تم تأهيلهم مخبوزات وخضروات يتم توضيبها وبيعها في الاسكندرية، ليستفيد الأولاد من مدخولها.
حضر عدد من الأولاد الخمسة والأربعين الذين تضمهم الجمعية اليوم مع ندى، فكانوا يتبارون في إلقاء التحية على الحاضرين الذين دمعت عيونهم وهم يستمعون إلى قصة ندى. أما ماجد فلم يتوقف عن الغناء وهو يستمع إلى والدته تتكلم عنه وعن أترابه. هو فهم أنها اليوم محط أنظار الكاميرات فقد رشحتها جمعية سويسرية من ضمن 1000 امرأة حول العالم لنيل جائزة نوبل للسلام من ضمن حملة تهدف إلى تسليط الضوء على الأعمال القيمة التي تقوم بها نساء حول العالم للتغلب على النزاعات والترويج للسلام بإيجابية.
ومنذ العام 1901، مع بدء منح جوائز نوبل، لم تحصل سوى 12 سيدة على نوبل للسلام في مقابل 80 رجلا و20 جمعية. ومن بين المرشحين للجائزة هذا العام المغني البريطاني lt;lt;بونوgt;gt; والبابا الراحل يوحنا بولس الثاني ووزير الخارجية الأميركية السابق كولن باول.