فيليب بورينغ

من الصعب إيجاد طريقة مرضية لانتشال الفليبين من أزمتها السياسية إذ كل طريق يبدو ملغما ؛ لكن لا تزال هناك فرصة أن التنفيس الحاصل ربما يفضي إلى تغيير في الدستور.
حتى انشقاق معظم وزراء حكومة الرئيسة غلوريا أرويو في الثامن من يوليو الماضي ودعوتها للاستقالة من قبل الرئيسة السابقة كورازون أكينو ورجال الأعمال ، كان الخيار الأقل سوءا للرئيسة هو البقاء في منصبها ، على الأقل ريثما يترجح احتمال محاسبتها أمام الكونغرس أو يظهر دليل أكثر إدماغا على وقوع تزوير في صناديق الاقتراع. ومازال بوسع أرويو أن تقدم حججا معقولة لعدم الانحناء أمام احتجاجات الشوارع أو المزاعم غير المؤيدة بدليل أوالانتهازية السياسية.

بيد أن شبح الإطاحة المريبة بسلفها في المنصب ، جوزيف استرادا ، عام 2001 ، عاد ليلازمها ، ودحضت خسارة دعم قطاعات كبيرة من النخب التي خططت لتبوأها السلطة أكبر ادعاءاتها بقدرتها على تشكيل حكومة مؤهلة وإجراء إصلاح مالي مطلوب بشدة. والآن إذا هي حاولت التشبث بأهداب السلطة ، فالمرجح في أحسن الأحوال أن تتعثر فيما تبقى من ولايتها ، والتي لا يزال فيها خمس سنوات أخرى. قبل ذلك الحين ستكون الإطاحة على الأرجح من نصيب أرويو ، سواء بالمساءلة أو بالتدخل العسكري أو بمزيج من الاحتجاجات الشعبية والنشاط القضائي والكنسي وسحب تأييد الجيش ، وهو مزيج القوى التي أطاحت باسترادا ، على الرغم من رفض مجلس الشيوخ محاسبته. وقد يبدو من الأفضل لها أن تغمد سيفها بالطريقة التي فعلها الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون.

على أن نيكسون كان لديه خلف واضح غير مشكوك فيه ، ولا تملك أرويو هذا الخلف. وبوسع المرء أن ينحي جانبا القلق من أن نائب الرئيسة نولي ديكاسترو لا يتمتع بثقل ، ويبدو مرشحا عازفا يعزو قوة استدراره للأصوات لسابق عمله كمذيع تلفزيوني ؛ وقد يصعد إلى المنصب ؛ وربما يكون شخصية لطيفة يكون لها نفس تأثير محاضرات أرويو في الاقتصاد في كسب التأييد التشريعي للإصلاح ، وهناك تقارير تفيد بوجود صفقة بين ديكاسترو والوزراء الذين استقالوا. والمشكلة أنه إذا كانت هناك شكوك تخيم على قانونية انتخاب أرويو ، فستكون هناك بالتالي شكوك حول قانونية ديكاسترو. وحيث أن القوى المؤيدة لاسترادا مازالت تعبئ جهودها لإعادته للسلطة ، ومع تربص القوى اليسارية والمنظمات غير الحكومية المعادية لديكاسترو والمرشحين المحتملين للرئاسة ، لا تبدو ثم ضمانة بأن تكون هناك خلافة سلسلة محتملة. فمرشحة منصب نائب الرئيس المهزومة لورين ليغاردا عازمة على معارضة هذه الخطوة. وقد تلتف المجموعات النخبوية حول ديكاسترو في الوقت الراهن ، ولكن مازال أمام فترة أرويو خمس سنوات قادمة. فإذا بدا أن هناك انقساما شديدا حول تصعيد ديكاسترو ، فقد يكون هناك مسعى للتحول إلى التالي في الترتيب ، فرانكلين دريلون ، رئيس مجلس الشيوخ وزعيم الحزب الليبرالي ؛ ومن ثم قد يتعين أن تكون هناك انتخابات رئاسية جديدة خلال 60 يوما قد تأتي بنتائج غير متوقعة ، ليس أقلها عودة حلفاء استرادا إلى السلطة.

قد ينحرف الوضع إلى فوضى أكبر أيضا ، وهو ما يثير التساؤل: هل هناك إمكانية لبصيص أمل في هذا النفق؟ نعم هناك بصيص واحد. لقد نصح الرئيس الأسبق فيدل راموس أرويو بألا تتعجل في الاستقالة ولكن تعرض التنحي العام القادم ما أن يتم إدخال التغييرات في الدستور. فراموس يفضل منذ زمن التحول إلى النظام البرلماني ، وتم تحرك في هذا الاتجاه في أواخر فترة رئاسته ولكنه لم يحرز تقدما حيث رؤي على انه وسيلة لإطالة أمد سلطته.
لكن الآن ، وبعد سنوات من الاضطراب السياسي والفساد المغموس في السياسة ، ثمة احتمال بأن يتشكل إجماع من أجل هذا التحول ؛ على الأقل قد تكون هناك خطوة نحو تشكيل مجلس تشريعي أحادي ، وهناك تغييرات أخرى يجري تقديمها مثل النظام الفيدرالي والتمثيل النسبي وتدعيم النظام الحزبي.

من المشكوك فيه ان تتحقق مثل هذه التغيرات الكبرى في واقع اليوم المشحون بدرجة عالية إذ أنها تحد بوجه خاص من سلطة 14 عضوا بمجلس الشيوخ وهم مجموعة انتهازية من الأفراد الأكثر اهتماما على الأغلب بالترويج للذات من الحكم الرشيد. مع ذلك ، هناك طرق لتغيير الدستور ، وإمكانية لعمل الإصلاح بسرعة ، وأقصر الطرق لذلك عبر انتخاب مؤتمر دستوري. بيد أنه من الممكن أيضا أن يشكل مجلسا الكونغرس تجمعا لطرح تغييرات يتم عندها عرضها للاستفتاء.
ومن المعتقد أن معظم الفليبينيين سئموا سياسييهم ، وسيساندون إدخال تغييرات في النظام ؛ لكن هل يستطيع السياسيون أن ينحوا جانبا معاركهم على غنائم المنصب؟ لا يبدو ذلك محتملا ، غير أن ورطة الفليبين اليوم جد خطيرة الأمر الذي يتحتم معه ضرورة اتخاذ خطوات جذرية لتحسين نظام حكم بات يشكل عائقا للديمقراطية.

صحفي آسيوي مخضرم ورئيس تحرير سابق لصحيفة فار ايسترن ايكونوميك ريفيو بهونغ كونغ

خدمة انترناشيونال هيرالد تريبيون - نيويورك تايمز - خاص بالوطن