الأحد:08. 01. 2006
د. محمد السعيد إدريس
بتلخيص شديد أوجز الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله موقف الحزب من الأزمة الحكومية اللبنانية الراهنة التي من شأن استمرارها ان تضع لبنان كله أمام أزمة الارتداد الى ما قبل ldquo;اتفاق الطائفrdquo; وفتح الأبواب لتسويات جديدة على أسس من معادلات جديدة ايضاً لتوازن القوى ليس فقط بين اللبنانيين، ولكن ايضاً مع الأطراف الخارجية المتورطة في الصراع اللبناني الداخلي لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، بما يعني العودة الى تدويل أزمة لبنان مرة أخرى، في وقت يتسم فيه ما هو دولي بدرجة عالية من السيولة في التوازنات والمواقف والتحالفات يستحيل معها امكانية فرض حسم قريب لأزمة لبنان.
ففي معرض رده على سؤال حول الموقف المتردد لحزب الله في العودة بوزرائه الى الحكومة اللبنانية اجاب بسؤال آخر نصه: ldquo;هل المطلوب ان نعتاد ان هناك في مجلس الوزراء من يقرر، وعلينا ان نلحق به وافقنا أم لم نوافق؟ إذاً ما معنى وجودنا كشركاء في داخل مجلس الوزراء؟rdquo;. هنا حاول الشيخ نعيم قاسم ان يلخص الموقف ويحدد نقطة البداية الحقيقية لعلاج الأزمة فقال: ldquo;كل شيء طلبناه بالنسبة للمقاومة هو ان يقول مجلس الوزراء كلمة واحدة هي: المقاومة ليست ميليشيا ولا نريد اضافة أخرى على ما ورد في البيان الوزاريrdquo;.
كلمة ldquo;المقاومة ليست ميليشياrdquo; التي يريدها حزب الله هي ليست كلمة بالمفهوم التقليدي ولكنها موقف واسع قادر على استعادة لبنان الى نفسه، بمعنى العودة الى التفاعلات الداخلية بين اللبنانيين لحل مشكلاتهم وأزماتهم وتحديد اختياراتهم، فقبول مجلس الوزراء بعبارة ldquo;المقاومة ليست ميليشياrdquo; يعني ان هناك مدلولاً واحداً هو ان مجلس الوزراء، اي لبنان بكل قواه السياسية، يقف ضد الشق الثاني من القرار ،1559 الخاص بنزع أسلحة الميليشيات، والمقصود بذلك هو نزع سلاح المقاومة.
هل مجلس الوزراء قادر على اتخاذ هذا الموقف؟ بمعنى أوضح هل القوى الأساسية داخل المجلس وبالذات تحالف الحريري جنبلاط قادر على ان يتراجع عن قبوله ldquo;الصفقةrdquo; التي تضمنها القرار ،1559 الذي قايض الخروج السوري من لبنان بتصفية حزب الله؟
قراءة تطورات الأوضاع في لبنان بعد اعترافات عبدالحليم خدام ضد سوريا والرئيس الحريري التي تزامنت مع تعهدات فرنسية صريحة بدعم لبنان دعماً كاملاً ضد من يحاول الاعتداء على سيادته الوطنية تشير إلى أن هناك حالة استقواء ملحوظة طرأت على تحالف الحريري جنبلاط، عبر عنها جنبلاط الذي كان قد طلب منذ اسابيع قليلة حماية من السيد حسن نصر الله خاصة عقب اغتيال جبران تويني فإذا به يتحدث الآن بلغة قوية ضد سوريا والرئيس لحود، ويطرح منطقاً آخر بديلاً بشأن المقاومة يمكن اعتباره رداً على مطلب الشيخ نعيم قاسم.
ففي كلام موجه الى حزب الله قال جنبلاط: ldquo;آن الأوان للبندقية التي حررت بالأمس الجنوب، بفضل تضحيات الذين سقطوا في الماضي، ان تكون بندقية لبنانية، وان ترفض الدفاع عن نظام الإرهاب في سوريا، ولا عيب أبداً ان يكون المرء لبنانياً، عربياً، ديمقراطياً، لا عيب أبداً، وأخيراً أذكركم دائماً برفع العلم اللبناني شامخاً أولاً.
واضح أيضاً ان توازنات القوى قد تبدلت وأن الخارج اصبح أكثر وضوحاً في الداخل اللبناني، وأن أبواب لبنان باتت مفتوحة على مصاريعها أمام تدويل واسع المدى.
التعليقات