هواجس
(5)
عقيل سوار
ثمة إضافة ، جديرة بتعميق فهم شخصية علي سيار، إنصافاً له ولتاريخ الصحافة في هذا البلد، فصدى الأسبوع في عهدة علي سيار، كانت تقاوم الموت في زمن كان موتها مطلوباً، بعد انحسارالعمل السياسي العلني، في أعقاب حل المجلس الوطني، منتصف السبعينيات، وخلو البلد من أي صوت مناوئ، وقد كان علي سيار يقاوم هذا الموت وحده ومن ماله مما قد يبطل (مقالة بخله)، بإصراره وحرصه على استمرا صدورها، برغم الحصار المضروب عليها، من قبل بعض متنفذين، كانت صدى الأسبوع توجعهم ، وسمى بعضهم علي سيار في ندوة مسرح الجزيرة، بالاسم واضعاً على رأسهم المرحوم طارق المؤيد، وزير الإعلام الأسبق، مختصراً بهذا ليس شكل علاقة صدى الأسبوع مع السلطة التي ينتمي لها وزير الإعلام وينفذ سياستها الإعلامية، فحسب، بل أيضا نوع العلاقة التي تربط السلطة بالصحافة بوصفها سلطة رابعة!
من هنا فإن هذه الإضافة، التي استنفرتها أسئلة الدارسة (زهراء)، بقدر أهميتها في تدوين سيرة علي سيار، تدويناً رشيداً، فهي أيضاً مهمة لتدوين تاريخ صحافتنا وبلدنا الذي شيّد في الكثير من مدوناته على مغالطة موضوعية غير حصيفة، يسعى أصحابها لأسباب لا نراها رشيدة رغم تسليمنا بحسن نوايا أصحابها، للمقارنة بين الصحافة المرخصة الخاضعة لسطوة القانون ولآليات الضغط الرسمي ، وبين صحافة الجدران والمنشورات الحزبية، الفالتة من أي عقال.
دونت في أكثر من مناسبة، أن الفيصل في هذا الشأن، ليس ما كان يكتب في صحافتنا إبان حقبة أمن الدولة، بل ما كانت صحافتنا تتمنع عن كتابته نكاية بالناس استجابة لهوس أمن الدولة، وأحسب أن في انقطاع علي سيار عن الكتابة منذ توقفت صدى الأسبوع عن الصدور، وعودته للكتابة على مشارف المشروع الإصلاحي المبارك، دليل إضافي يدعم هذا التدوين.
علي سيار لم يكن ملاكاً، فالملائكة لا يخطئون وعلي سيار إنسان خطّاء، لكن ارتكاب الأخطاء بالنسبة له، لم يكن تمريناً مجانياً، بل مثابرة لبحث مستمر عن الأفضل، والدليل على ذلك أنه لم يكن يكل أسبوعيا عن تثمين صدى الأسبوع حرفاً، حرفاً، مما يجعل أخطاء علي سيار وذنوبه الصغيرة والكبيرة على حد سواء، مدرسة، تعلمنا فيها كيف نكون خطائين بهذا المعنى الإنساني الأصيل للخطأ، وبما يعنيه هذا من جسارة تسمية الأشياء بأسمائها، وفي هذا الصدد أحسب أنني لم أكن ذنب علي سيار الوحيد، فكل الصحافيين المخضرمين في البحرين، وفي بعض صحف مصر، هم ذنوب علي سيار، وبحساب أعداد هؤلاء ومكانتهم في الصحف سنجد أن علي سيار أكبر من أي تكريم، تغيب عنه الدولة وجمعياتنا السياسية، والصحافة البحرينية فهذا الغياب لا يفضح فقط، تقصير هؤلاء حيال علي سيار ومدرسته، لكنه يفضح بشكل فاجع، تدني مستوى الاهتمام بذاكرة البحرين، ومتعلقاتها، والانشغال عن هذا، بحوارية الملائكة والشياطين، المستحكمة اليوم في حياتنا البحرينية!
التعليقات