الثلاثاء: 2006.11.07

اليوم، غداً
سعد محيو


آخر الاستطلاعات المستقبلية:

1- عدد المفاعلات النووية العاملة في العالم سيقفز قريباً من 443 إلى الرقم الفلكي الخطر 5000.

2- ثمة سباق ذري قيد العمل الآن. وهذا ليس فقط على المستوى المدني بل العسكري أيضاً. كل التوقعات تؤكد ان عدد الدول التي تمتلك أسلحة نووية، وهي حالياً تسعة بلدان (أمريكا، بريطانيا، فرنسا، الصين، الهند، باكستان، روسيا، كوريا الشمالية، ldquo;إسرائيلrdquo;) سيصبح خلال سنوات قليلة 40 بلداً.

3- بسبب الطلب الهائل الجديد على المعرفة النووية، انضمت مئات الشركات إلى ldquo;الاقتصاد الذريrdquo; سعياً وراء منجم الذهب الجديد. الشرق الأوسط وآسيا تتقدمان الصفوف كونهما السوق الاهم والرئيسي لهذه الشركات، خاصة مصر والسعودية وتركيا ودول آسيان.

ما هذا الذي يجري؟ لماذا هذا الانفجار الكبير في طلب حيازة الطاقة النووية؟ ثم: إلى أين من هنا، وهل سيعني ذلك أن الجنس البشري اقترب بالفعل من لحظة ldquo;التدمير الذاتيrdquo; التي طالما حذّر منها علماء الحياة والسلوكيات؟

السؤال الأول له إجابتان:

الأولى، إن اقتراب النفط من لحظة ذروة الإنتاج (العام 2015 كما يقال)، وبالتالي من مرحلة الندرة، خلق حالة هستيريا جماعية في العالم، ودفع كل الدول صغيرها والكبير إلى حروب موارد جديدة، وأيضاً إلى البحث عن بدائل لهذه الطاقة. ولأن التكنولوجيا النووية هي الوحيدة القادرة على توفير الطاقة والكهرباء بأسعار تجارية، تم تغليب المصالح الآنية على المخاطر الكارثية الأبعد المرتبطة بالطاقة النووية، والتي كانت كارثة تشيرنوبيل مجرد عينة عنها.

والثانية، أن السلوكيات الأمريكية المستندة إلى مبدأ تغيير الأنظمة وإلى تسييد القوة على مبادئ القانون الدولي، دفعت العديد من الدول، وليس فقط كوريا الشمالية وإيران، إلى البحث عن رادع جديد يقيها من هذا الخطر. والسلاح النووي هو الآن أرخص وأعتى انواع الردع.

أما السؤال الثاني فيحتاج إلى بعض الخيال.

تصوّروا، مثلاً، ماذا يعني وجود 5 آلاف مفاعل نووي على سطح الأرض، بكل ما يتضمنه ذلك ليس فقط من احتمالات وقوع ldquo;الحوادث الأمنيةrdquo;، خاصة لدى دول العالم الثالث كإيران وكوريا الشمالية وباكستان، بل أيضاً من حتمية تراكم النفايات النووية التي تدمر بيئة الأرض لمئات وآلاف السنين. الدول الصناعية الغربية نفسها لا تعرف بعد كيفية حل مشكلة النفايات هذه، فكيف سيكون الحال مع الدول الأقل تطوراً بكثير؟

ثم: لندفع الخيال خطوة أخرى إلى الامام لنرى كيف يمكن أن يكون عليه مشهد العالم مع وجود 40 دولة نووية. ألن يبدو كوكب الأرض حينها كملعب كرة قدم كبير واحد، مع فارق كبير وحيد: الكرة فيه لن تكون مصنوعة من المطاط بل من النوى والذرات المتفجرة؟ إضافة، ألن يتوقف عبور العتبة النووية، أي وضع القنابل الذرية قيد الاستخدام، عن كونه من المحرمات ليصبح أمراً طبيعياً لدى كل من الدول الكبرى والصغرى على حد سواء؟

المنطق هنا بسيط: طالما أن أمن الأنظمة السياسية والأمم القومية لا يتحقق إلا بالعنف وموازين القوى، وطالما أن العنف النووي لا يختلف عن العنف التقليدي سوى في الدرجة، يصبح من البديهي وضع العنفين على مستوى واحد او في سلة واحدة.

لكن مهلاً. إذا ما حدث ذلك، والأرجح أنه سيحدث، هل سيبقى كوكب الأرض قابلاً الحياة؟ ألن تكون هذه بداية نهاية ldquo;الحضارةrdquo; البشرية؟

الأرجح أن الأمر كذلك. لكن كيف؟