الأربعاء: 2006.11.15

رؤية عراقية
محمد عبد الجبار الشبوط

كم تجربة فاشلة تحتاج إليها الطبقة السياسية الحاكمة في العراق لتكتشف ان العلة في تفاقم ازمة العراق تكمن في المنهج اكثر مما تكمن في الاشخاص؟ يطرح السؤال نفسه بعد ان اكتسبت الدعوات الى اجراء تعديل وزاري شامل بعدا جديدا بطرحها داخل مجلس النواب ومن قبل رئيس الوزراء نوري المالكي نفسه. و لم تعد مجرد طلبات يقدمها نواب في المجلس، او يقترحها كتاب اعمدة يومية في الصحف.
وهذه الدعوة التي تأتي على لسان رئيس الوزراء مؤيدة من قبل كتل سياسية مهمة، تمثل اعترافا ضمنيا بالفشل. وهذا جيد، لأن رؤية الفشل والاعتراف به تخلق دوافع للبحث عن طرق اخرى للنجاح.
والتعديل الوزاري الشامل عنوان عريض للفشل، تندرج تحته عناوين اخرى لتجارب فاشلة شهدها العراق ودفع ثمنها الناس الابرياء. فهناك فشل لخطة بغداد الامنية في مراحلها المختلفة التي اجهضها العنف الطائفي والقتل الارهابي بكل قسوة وشدة. وهناك فشل مشروع المصالحة الوطنية الذي اودع الثلاجة بعد ان اتضح ان الاطراف المعنية للمصالحة مازالت بعيدة جدا عن دائرة التوافق على تسوية سياسية تاريخية تنطوي على الكثير من التنازلات والثقة المتبادلة. وهناك الفشل في حل مشكلة الميليشيات التي تشكل عنصرا اساسيا من عناصر الازمة العراقية.
فشل التجارب المتكرر تعبير عن فشل المنهج وانسداد افقه. والمنهج هو المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية لتقاسم السلطة، الذي أُريد له ان يكون بديلا عن منهج بناء الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة، التي تتحق في اطارها الشراكة السياسية في السلطة، والتوزيع العادل للثروة، ما يساعد على خلق بيئة مناسبة لحسم النزاعات على الاراضي سلميا وديموقراطيا.
الناطقون باسم الطبقة السياسية الحاكمة يتحدثون عن التعديل الوزاري الشامل، لكنهم مازالوا صامتين عن فشل المنهج السياسي المعتمد وانسداد افقه. ما يوحي باحد امرين، اما انهم مازالوا متمسكين بهذا المنهج رغم اخفاقاته، او انهم لم يكتشفوا بعد ان العلة بالمنهج وليس بالاشخاص.
في الحالة الاخيرة يعود السؤال مرة اخرى: كم تجربة فاشلة يحتاجون إليها ليحصلوا على العلم بفشل المنهج؟