الخميس: 2006.11.16

أبو خلدون


مارجيت ميتشل مؤلفة قصة ldquo;ذهب مع الريحrdquo; التي تحولت إلى فيلم سينمائي حصد العديد من جوائز الأوسكار كانت تقول: ldquo;إن العقلية الذكورية الغريبة، والمخيبة للأمل، لم تصل بعد إلى مرحلة من التطور بحيث تكتشف أن للمرأة عقلاrdquo;، أما الأديب الروسي لافرنييف فإنه يقول إن المرأة نفسها لم تصدق حتى الآن أن لها عقلا، وعندما تكتشف ذلك تهبه لمن تحب، وفي قصته ldquo;الواحدة والأربعونrdquo; التي تحولت إلى فيلم سينمائي تتمكن مجندة شابة من الجيش الأحمر من أسر ضابط وسيم من الأعداء، وتحتجزه في كوخ صغير في الصحراء بانتظار وصول وحدتها العسكرية، ومع توالي الأحداث تغرم المجندة بأسيرها الضابط، وعندما ينفد ورق سجائره تقدم له دفتراً صغيراً تكتب فيه قصائدها لكي يستخدمه بدلا من ورق التبغ. ولو كانت هذه المرأة تدرك أن لها عقلا، وأن هذا العقل أثمن بكثير من نزوة عاطفية لها مع أسيرها الضابط لما تخلت عن عقلها من أجل عواطفها.

وقبل أسابيع صدر كتاب بعنوان ldquo;نساء يعشقن القراءة كثيراrdquo; هو في الواقع دائرة معارف تضم سير المبدعات منذ بدء التاريخ إلى يومنا هذا، من ldquo;العرافة انخيدواناrdquo; وrdquo;أفرا بنrdquo; أول سيدة بريطانية احترفت الكتابة رسميا، بعد انهيار زواجها، وكانت قد عملت في التجسس فدخلت السجن عام 1668 ثم كتبت في المسرح والأدب المكشوف، وكتبت سيرتها الذاتية التي تعتبر أول رواية في الأدب الانجليزي، وبعدها بثلاثمائة سنة جاءت فرجينيا وولف لتقول: ldquo;جميع نساء العالم يتوجب عليهن وضع الورود على ضريح افرا بن لأنها هي التي أخذت لهن الحق في التعبير عما يجول في أذهانهن.

وأوائل بين النساء اللواتي يعشقن الكتابة كثيرات، فهنالك ماريا كيمب أول من تركت وثيقة أوتوبيوجرافية عن حياتها، وفيليس ويتلي، أول زنجية أمريكية تحترف الكتابة بعد أن بيعت كعبدة واشتراها رجل أبيض عام ،1761 فلقنها أصول القراءة والكتابة، فكتبت الشعر ونشرته، وهنالك بيرك بوك أول أمريكية تفوز بجائزة نوبل عام ،1938 وجرازيا ديليدا أول إيطالية تفوز بالجائزة، وجابرييلا ميسترالف من أمريكا اللاتينية التي عاشت الفقر والفشل العاطفي والحياة الأسرية الممزقة لتحصل في النهاية على لقب ldquo;استاذة الأمةrdquo;. وهناك عبقريات اتهمن بالجنون لأنهن تعلقت بالكتاب، وأخريات اعتقلن ودخلن السجن وأمضين فيه فترات طالت أو قصرت لأن حرفة الأدب أدركتهن، وسيدات صالونات، مثل سيمون دو بوفوار، والشاعرة الروائية مايا أنجلو التي تعرضت للاغتصاب وهي طفلة، مما أدى إلى فقدانها النطق سنوات، ثم نطقت، وكتبت فأبدعت.

ويتحدث الكتاب عن اليهودية آنا فرانك التي أثيرت ضجة حول مذكراتها التي نشرتها قبل وفاتها في الخامسة عشرة من العمر، باعتبارها من النساء الخالدات، وأنا لا أشك أن مؤلفة الكتاب برندا رايت تعرف تماماً أن مذكرات آنا فرانك مزيفة، ولكن يبدو أنها استعرضت أسماء العبقريات التي جمعتها فلم تجد بينهن اسما يهوديا، وحيث أنه لا يجوز الحديث عن العبقرية من دون التطرق إلى ذكر اليهود فقد غضت النظر عن كون المذكرات مزيفة وأفردت لصاحبتها فصلاً خاصاً في كتابها.

ويظل لنا نحن الفخر في أن سيدة الحروف الأولى هي الآشورية ldquo;انخيدواناrdquo; التي خطت أول حرف في أول الرقم الطينية في تاريخ التدوين.