الأربعاء 29 نوفمبر 2006
مايكل غوردون وديكستار فيلكينز
قبل يومين، أعلن مسؤول استخباراتي أميركي كبير أن quot;حزب اللهquot; قام بتدريب أعضاء من quot;جيش المهديquot;، الميليشيا الشيعية العراقية التي يتزعمها مقتدى الصدر. وحسب المسؤول الأميركي، فإن ما بين ألف وألفي مقاتل من quot;جيش المهديquot; تلقوا تدريباً على يد quot;حزب اللهquot; في لبنان، وأن عدداً صغيراً من أعضاء quot;حزب اللهquot; قام أيضاً بزيارة العراق بهدف تدريب مقاتلي quot;جيش المهديquot;، وأن إيران سهلت الاتصال بين quot;حزب اللهquot; والميليشيات الشيعية في العراق، وأن المسؤولين السوريين ساهموا أيضاً في العملية، رغم أن ثمة جدلاً حول ما إن كان ذلك تم بمباركة من القادة الكبار في سوريا.
وقد تحدث المسؤول الاستخباراتي، شريطة عدم ذكر اسمه، انسجاما مع قوانين الوكالة التي يعمل فيها. الحديث جرى في وقت يتميز بنقاش حاد حول ما إن كان ينبغي على الولايات المتحدة اللجوء إلى مساعدة إيران من أجل إرساء الاستقرار في العراق. وفي هذا الإطار، من المتوقع أن تدعو quot;مجموعة دراسات العراقquot;، التي يرأسها جيمس بيكر وزير الخارجية quot;الجمهوريquot; السابق؛ والمشرع quot;الديمقراطيquot; السابق، quot;لي هاملتونquot;، إلى محادثات مع إيران. غير أن الحديث عن دور مفترض لـquot;حزب اللهquot; في تدريب الميليشيات الشيعية من شأنه أن يقوي موقف المعارضين داخل إدارة بوش لتعاون دبلوماسي مع إيران.
وتنسجم الرواية الأميركية الجديدة مع حديث أحد قادة quot;جيش المهديquot; في العراق هذا الشهر عن إرسال 300 مقاتل إلى لبنان من أجل القتال إلى جانب quot;حزب اللهquot; فيما يبدو، والذي قال quot;إنهم اختيروا من بين أقوى المقاتلين في جيش المهدي وأفضلهم تدريباًquot;.
وقد استندت المعلومات الاستخبارية المستقاة إلى موارد بشرية ووسائل إلكترونية واستجوابات مع المعتقلين في العراق. ويقول المسؤولون الأميركيون إن الإيرانيين وفروا دعماً مباشرا للميليشيات الشيعية في العراق، من قبيل مدهم بالمتفجرات وأجهزة التفجير الخاصة بالقنابل التي تزرع على حافة الطريق، وتدريب آلاف المقاتلين، وأن التدريب تم تحت إشراف quot;الحرس الثوري الإيرانيquot; ووزارة الاستخبارات والأمن.
وخلال الحديث الصحفي الذي جرى يوم الاثنين، طُلب من المسؤول الاستخباراتي تقديم تفاصيل أوفى حول الدور الإيراني، فقال quot;لقد شكلوا حلقة وصل مع quot;حزب اللهquot; اللبناني، وساعدوا على تسهيل إجراء التدريب الذي قدمه quot;حزب اللهquot; داخل العراق، ولعل الأهم من ذلك كله هو مساهمتهم في تسهيل ذهاب أعضاء من quot;جيش المهديquot; إلى لبنانquot;، مضيفا أن التدريب الذي وفره quot;حزب اللهquot; تم بعلم مقتدى الصدر، الذي يعد أكثر رجال الدين الشيعة نفوذاً في العراق.
ورأى المسؤول أنه لئن كانت إيران ترغب في عراق مستقر، فإنها ترى في الآن نفسه مصلحة في quot;زعزعة مُسيرة للاستقرار على المدى القريبquot; حتى تُحبط أهداف إدارة بوش في المنطقة، مضيفاً: quot;يبدو أن قراراً استراتيجياً اتُّخذ خلال أواخر الشتاء المنصرم أو أوائل الربيع من قبل دمشق وطهران إضافة إلى شركائهم في (حزب الله) اللبناني ويقضي بمد (الصدر) بالمزيد من الدعم بهدف زيادة الضغط على الولايات المتحدةquot;.
والحقيقة أن بعض خبراء الشرق الأوسط يشككون في تقييم الدور الذي قد يكون quot;حزب اللهquot; لعبه على صعيد التدريب. وفي هذا الإطار، يقول quot;فيلنت ليفريتquot;، زميل مؤسسة quot;نيو أميركا فاونديشينquot; والخبير السابق في شؤون الشرق الأوسط quot;يبدو لي ذلك مختلَقا نوعا ما؛ إذ يصعب علي التفكير في أنها جزء فعلاً من التطورات التي نراها على الميدانquot;. غير أن خبراء آخرين يرون أن التقييم وارد. وفي هذا السياق، تقول quot;جوديث كيبارquot; من quot;مجلس العلاقات الخارجيةquot; الأميركيquot; quot;أعتقد أنه أمر وارد لأن quot;حزب اللهquot; هو الأفضل في هذا المجال، كما أن ذلك يقوي علاقاته مع إيران وسوريا والعراقquot;.
ويقول المسؤول الاستخباراتي الأميركي إن quot;جيش المهديquot; ومقاتلي ميليشيات أخرى سافروا إلى لبنان في مجموعات من 15 و20 فرداً ، وأن بعضهم كان حاضراً خلال الحرب التي دارت رحاها بين quot;حزب اللهquot; وإسرائيل الصيف المنصرم، وإن لم يكن ثمة مؤشر على أنهم شاركوا في القتال. وجوابا على سؤال حول الأمور التي تعلمها أعضاء الميليشيات، أجاب المسؤول قائلاً quot;إنها شملت الأسلحة، وصنع القنابل، والاستخبارات، والاغتيالاتquot;.
ويقول المسؤولون الأميركيون إن ثمة معلومات استخباراتية تفيد بأن إيران قامت بشحن معدات إلى لبنان يمكن استعمالها في صنع متفجرات متطورة قادرة على اختراق المدرعات، مضيفين أنه مادام أن أعضاء الميليشيا العراقية ذهبوا عبر الأراضي السورية، فإن بعض المسؤولين السوريين على الأقل متواطئون. وعلاوة على ذلك، فقد وردت تقارير تفيد بانعقاد اجتماعات بين عماد مغنية، وهو أحد أعضاء quot;حزب اللهquot; الكبار، وقاسم سليماني من quot;الحرس الثوري الإيرانيquot;؛ وممثلين سوريين قصد مناقشة سبل زيادة الضغط على الولايات المتحدة في العراق.
وإلى ذلك، قال القائد من quot;جيش المهديquot; الذي جرى استجوابه الصيف الماضي إن المجموعة التي أُرسلت إلى لبنان تسمى quot;كتيبة علي الهاديquot;، نسبة إلى واحد من الإمامين اللذين يوجد ضريحاهما بمسجد العسكرية في سامراء، والذي أدى تفجيرُه في فبراير المنصرم إلى غضب واسع بين الميليشيات الشيعية وزاد من حدة الاقتتال الطائفي.
وحسب نفس المصدر، فإن الكتيبة جرى تنظيمها وإرسالها من قبل عضو كبير في quot;جيش المهديquot; يعرف باسم أبي مُجتبى، وقد سافرت إلى سوريا عبر الحافة في يوليو الماضي، ومن ثم عبرت إلى لبنان. وأضاف أن المقاتلين كانوا من الديوانية والبصرة إضافة إلى أحياء شيعية مثل حي الشعلة ومدينة الصدر في بغداد.
والواقع أن قلق المسؤولين الأميركيين إزاء دور إيران أو سوريا أو quot;حزب اللهquot; المزعوم زاد مؤخراً بعد استعمال سلاح متطور مضاد للدبابات من طراز quot;آر بي جي 29quot; ضد دبابة أميركية. وفي هذا السياق، قال الجنرال جون أبي زيد، قائد القيادة الأميركية المركزية، للصحافيين في سبتمبر الماضي quot;إن المرة الأولى التي رأينا فيها هذا السلاح لم تكن في العراق، وإنما في لبنان. وبالتالي، فهي تشير في نظري إلى حلقة إيرانيةquot;.
الإتحاد
التعليقات