سحر بعاصيري
ماذا لو كانت لحظة التعقّل الاميركية التي تجلت في اعتراف وزير الدفاع المعين روبرت غيتس بأن اميركا لا تربح الحرب في العراق وإن تكن لم تخسرها بعد، عارضا او حالة معدية تصيب الممسكين بأزمات المنطقة بما فيها لبنان؟
لا نعلم بعد ما سيكون مفعول هذا الاعتراف وانعكاساته على سياسات ادارة بوش. لكننا نعلم انه سيتكرس نقطة تحوّل في الحرب اهم بكثير من تقرير لجنة بايكر- هاميلتون، وستكون له تأثيراته في ازمات المنطقة مثلما كان للحرب تأثيراتها في اشعال الازمات، ومساهماتها في ايجاد الظروف الملائمة لفتنة سنية شيعية تمددت بوقاحة او بخجل وبدأ يصيبنا منها في لبنان ما يصيبنا.
مغزى موقف غيتس انه يفضل الحلول السياسية للازمات وان اي خيار عسكري يبقى الخيار الاخير. وهذا تطور نوعي في عقلنة البحث عن حلول يستحق التعميم سريعا.
فلنتصور ان ايهود اولمرت اعترف ان اسرائيل لا تربح حربها على الفلسطينيين ولا تفرض حلها للصراع العربي - الاسرائيلي بتجاهل ضرورة الانسحاب الكامل مثلا من الجولان.
ولنتصور ان ايران اعترفت بأنها على رغم كل تحديها للغرب في الملف النووي او في العراق او في مفاعيل تحالفها مع سوريا وquot;حزب اللهquot; وquot;حماسquot; لا تربح حربها لفرض شروطها على اميركا من دون اية تنازلات.
ولنتصور ان سوريا اعترفت بأنها على رغم كل معاندتها للغرب ان في لبنان او في العراق او في فلسطين لا تربح الحرب على كل الجبهات التي تخوضها بما فيها اللبنانية، وكذلك لا تفرض شروطها.
ولنتصور ان quot;حماسquot; اعترفت بأنها لا تستطيع ان تزيل اسرائيل من الوجود على الاقل في المستقبل المنظور وان سياساتها فرّطت في المكتسبات التي حققتها الثورة الفلسطينية منذ نشأتها - بمعزل عن اختلاف الاراء في حجم المكتسبات - وتسببت لشعبها بالحصار والجوع وربما اليأس.
ولنتصور ان quot;حزب اللهquot; اعترف بأنه لن يحقق طموحاته اللبنانية ولن يتمكن من البقاء مجاهدا أبديا في الصراع ضد اسرائيل والاستكبار العالمي لمصلحة المستضعفين.
ليت حالة غيتس كانت معدية لأمكن التفكير في مساحة للتعقل. ولكن مما نسمعه اليوم يصعب حتى التكهن بما اذا كانت العدوى ستنتشر في الادارة الاميركية نفسها فكيف بالممسكين بأزمات المنطقة؟
الرئيس جورج بوش لا يزال حتى اللحظة يتحدث عن التقدم في العراق وعن اصراره على quot;انجاز المهمةquot; وينتظر تقرير اجهزة الامن الاميركية عن العراق علّه يسعفه من تقرير بايكر - هاميلتون.
والرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لا يزال حتى اللحظة يتحدى quot;الدول الجائرةquot; بأنها quot;ما لم تهتد بالله فان مصيرها الهلاكquot; وبثقته من quot;انه كلما دخلنا الساحة بروح ايمانية وإلهية سنخرج منتصرينquot;.
ونائب الرئيس السوري فاروق الشرع لا يزال حتى اللحظة يقول quot;لو اردنا التدخل في لبنان لحسمنا الموضوع منذ اليوم الاول للتظاهراتquot; التي تنفذها المعارضة لاسقاط الحكومة.
التعليقات