عبدالرحمن الراشد


ما الفارق بين قمة الدول الخليجية الست هذه المرة والمرات الـ15 الماضية؟

القضايا متشابهة من العملة المالية المشتركة، إلى البطاقة، فالرسوم الموحدة، والاستهداف الإعلامي. المطروح على الطاولة يكاد يكون متكررا، اللهم إلا من ثلاث. واحدة هي تضخم خطر الأزمة في العراق، والثانية الهجمة الإيرانية سياسيا وعسكريا، التي تقدمت مسافة تنذر بالخطر، والثالثة لحسن الحظ ايجابية، وهي تراكم عوائد المداخيل النفطية.

أما الأخيرة فأهميتها أنها سكبت ماء على نار الأزمات الداخلية، التي أوقدها عجز الحكومات عن تمويل الحاجات الداخلية الملحة. الدول الست حصدت في هذا العام نحو اربعمائة مليار دولار، ستمكنها من تخفيض الديون، وإنفاق الفائض على مشاريعها الجديدة. وأهمية المال إنه يعزز ثقة الحكومات في نفسها، ربما إلى درجة أنها تتباطأ، بل قد تتوقف عن إكمال الإصلاحات السياسية الداخلية.

الخوف من فتنة في العراق والزحف الإيراني، كان في الماضي مجرد فرضية، وصار الآن أقرب إلى الحقيقة. الخليج اقرب اليوم إلى الحرب من أي وقت مضى في عقد كامل. الوضع في العراق لم يتحسن والحكم فيه يترنح. إرهاب القاعدة ومتطرفو السنة يزداد. وإيران صارت عمليا منتشرة في الجوار، في العراق وسورية ولبنان وفلسطين. وهي منذ سقوط نظام صدام العدواني لا تخفي رغبتها في أن تحل محله في العراق، مستفيدة من الأخطاء الاميركية الكثيرة.

قادة الخليج يعون جيدا إن معظم الصراع الدولي والإقليمي يدور عليهم، على اعتبار أنه اكبر منطقة تمول العالم بالنفط، ويدر اكبر مداخيل مالية في الشرق الأوسط.

ومع أن القادة يعلمون أهمية الخليج، تاريخيا منذ الحرب العالمية الثانية، فإنهم لا يملكون الكثير لردع الآتي الإيراني أو الإرهاب العالمي.

يواجهون في العراق أسوأ احتمالين، هما انهيار النظام المركزي في بغداد لتصبح البلاد ساحة للحرب الأهلية، يشارك فيها تنظيم القاعدة، والثاني نجاة النظام المركزي، لكنه مع الوقت سيتحول إلى حصان طروادة بسبب تسلل الإيرانيين إليه.

لذا فان خلافات دول مجلس التعاون بينها لا تقلل من أهمية الدور الذي تلعبه كل واحدة لصالح المنظومة، سواء في الاتفاقيات الدفاعية الخارجية، أو القواعد العسكرية الاميركية، أو الاتصالات السياسية الإقليمية. ومع الإقرار بأهمية الأدوار الفردية إلا أن الاشتباكات السياسية تضعف حظوظ الخليج في كبح الخطر الخارجي المتزايد. فالخلافات ترسل إشارات تستضيف إدخال أطراف خارجية في النزاعات الداخلية وتحول المجلس إلى محاور متنافسة.

لكن تدهور الوضع في العراق وجسارة إيران على استهداف المنطقة، يعنيان أمرا واحدا، وهو إن الخليجيين يواجهون احتمال حرب خليجية ثالثة، ستكون أعظم من سابقتيها. ولا يمكن أن نتخيل طرفا خليجيا واحدا قادرا على إنكار أهمية دور المجلس كمجموعة في مواجهة الخطر، كما حدث في زمني الحرب العراقية مع إيران والغزو العراقي للكويت.

هذه هي القضية المصيرية التي تواجههم جميعا، بغض النظر عمن يقف مع حزب الله ومن يقف ضده.

[email protected]