الخميس 14 ديسمبر2006
محمد عبد الجبار الشبوط
يرتبط الحديث عن تولي القوات العراقية مسؤوليات الامن في بلادها، بالحديث عن انسحاب القوات الامريكية منها، وبالعكس، حيث غدا الامران مترابطين.
صحيفة raquo;نيويورك تايمزlaquo; الامريكية نقلت عن مستشار الامن الوطني العراقي موفق الربيعي قوله ان حكومته قدمت للولايات المتحدة خطة تتولى بمقتضاها قوات الجيش العراقي المسؤولية الرئيسية عن الامن في بغداد أوائل العام المقبل.
وبموجب هذه الخطة، سيعاد نشر القوات الامريكية لتتمركز حول بغداد وستركز على مواجهة المسلحين الذين يقال انهم مدعومون من قبل تنظيم القاعدة وكذلك الجماعات السنية المسلحة.
وهذا تطور جيد اذا كان جادا، فوصول القوات العراقية الى درجة القدرة على ضبط الامن في بغداد وغيرها، سوف يقلل من اعتماد العراق على القوات الامريكية. وهذا امر يحل الكثير من المشكلات داخل العراق وفي الولايات المتحدة ايضا.
لكن هامش التساؤل عن القدرة الفعلية للقوات العراقية على تحقيق ذلك يبقى كبيرا، خاصة اذا تمت ملاحظة امرين، الاول: التصاعد الدراماتيكي في العنف الطائفي (وهذا غير العنف المسمى مقاومة والذي يستهدف القوات الامريكية) في الفترة الاخيرة الى درجة صار يصعب معها تصور كيف تتمكن القوات العراقية من لجمه، وهو هدف مرتبط مباشرة بالقضاء على الميليشيات الطائفية، الامر الذي لا يبدو ان الحكومة العراقية قادرة على تحقيقه. والثاني: الفترة الزمنية القليلة التي اقترحها مشروع الحكومة لنقل المسؤولية الامنية في بغداد، وهو مطلع عام 2007، أي الاشهر الاربعة الاولى من العام، على ابعد التقادير. وهذا موعد يبدو متفائلا بصورة كبيرة، ما يخشى معه ان يكون الاعلان تمهيدا لاعلان آخر بانسحاب مبكر للقوات الامريكية. وكلمة raquo;مبكرlaquo; تعني فترة زمنية تسبق امتلاك العراقيين المستلزمات الضرورية الذاتية لحفظ الامن.
لا يخفي الكثير من المسؤولين في الدول ذات العلاقة تخوفهم من أي انسحاب مبكر للقوات الامريكية، ومن هؤلاء على سبيل المثال وزير الخارجية الاسترالي الكساندر داونر الذي قال ان انسحاب القوات الامريكية من العراق سيؤدي الى raquo;كارثةlaquo; ما دعاه الى ان يطلب رسميا من الادارة الامريكية عدم الانسحاب من العراق بصورة سريعة. ويرى الوزير الاسترالي raquo;ان عواقب الانسحاب لن تكون كارثة للعراقيين فقط لكنه سيجر الدول المجاورة الى نزاعات عسكرية من اجل السيطرة على العراق وسيجعل محاربة الارهاب الدولي كارثة ايضاlaquo;.
لا ينسجم هذا التصور مع مواقف بعض القوى السياسية في العراق، فضلا عن الجماعات المسلحة التي تعلن صراحة مقاومتها للوجود الامريكي. فالتيار الصدري يتزعم حملة لجمع التوقيعات في مجلس النواب للمطالبة بانسحاب القوات الامريكية، فيما تواصل هيئة علماء المسلمين مطالبتها بالامر نفسه. لكن القوى الكردية، والكثير من القوى الشيعية، فضلا عن الحكومة نفسها، طالبت ببقاء القوات الامريكية لعام اخر على الاقل.
وهذا الاختلاف حول انسحاب القوات الامريكية يعقد من المشهد السياسي العراقي، في وقت تبحث فيه الكتل والتيارات السياسية عن امكانية انشاء تحالفات جديدة على أسس سياسية وليس على اسس الانتماءات الطائفية او العرقية.
فاذا كان انسحاب القوات الامريكية كارثة حسب المسؤول الاسترالي، فان بقاءها مشكلة بحسب المواقف السياسية العراقية الداخلية.
التعليقات