مصطفى زين


تسعى الإدارة الأميركية الى تشكيل تحالف جديد في العراق، معترفة ضمناً بالأخطاء الفادحة التي ارتكبتها، منذ الغزو حتى الآن، آملة في وضع حد للنفوذ الايراني، بعدما سهلت وصول حلفاء طهران الى السلطة، وتغاضت عن دمج ميليشياتهم التي دربها laquo;الحرس الثوريraquo; في أجهزة الأمن والشرطة.

التحالف الجديد الذي تباركه واشنطن يضم laquo;المجلس الأعلى للثورة الاسلاميةraquo; بزعامة عبدالعزيز الحكيم، وجبهة laquo;التوافقraquo; السنية والحزبين الكرديين، بزعامة طالباني وبارزاني. ولم يبق خارج التحالف سوى تيار مقتدى الصدر (جيش المهدي) وتنظيم laquo;القاعدةraquo;، وجماعات مسلحة أخرى تسيطر على محافظة الأنبار وتنفذ عمليات عسكرية ضد laquo;قوات التحالفraquo;.

لم يكن الحكيم، في يوم من الأيام، أقل ارتباطاً بطهران من الصدر، والعكس صحيح، إذ أنه أمضى في ايران ما يزيد عن 25 سنة. وشكل laquo;فيلق بدرraquo;، ونفذ عمليات مسلحة ضد نظام صدام حسين، انطلاقاً من الأراضي الايرانية. ثم دخل الى العراق، على رأس ميليشياته. أما الصدر فشكل laquo;جيش المهديraquo; من عراقيي الداخل. وبقي خارج اللعبة السياسية، حتى الانتخابات الماضية، يقاتل الأميركيين حيناً، بالتعاون مع السنة، و laquo;بدرraquo; حيناً آخر لاستعادة زعامة والده.

تستغل واشنطن الخلاف بين آل الصدر وآل الحكيم لشق الصف الشيعي، كما تستغل الخلاف بين laquo;الحزب الاسلاميraquo; وتنظيم laquo;القاعدةraquo; لشق الصف السني. وتدعم تحالف الطرفين مع الأكراد.

ان الاستراتيجية الأميركية الجديدة في العراق جزء من استراتيجية أكبر، عنوانها laquo;الاعتدالraquo; مقابل laquo;التطرفraquo;، وتشمل المنطقة كلها. والهدف تطويق ايران، من خلال إضعاف حلفائها.

في هذا الاطار يمكن فهم الدعم الدولي والعربي للحكومة اللبنانية في مواجهة laquo;حزب اللهraquo; وسورية. والسلطة الفلسطينية في مواجهة حركة laquo;حماسraquo; والمالكي في مواجهة الصدر.

ولاستكمال هذه الاستراتيجية الجديدة تخلت واشنطن عن تصلبها وتفردها. وبدأت تعتمد laquo;الشرعية الدوليةraquo; لمواجهة طهران. فبعد أكثر من ثلاثة أشهر تراجعت عن تصلبها في مجلس الأمن، مقابل قرار ضعيف قابل للمراجعة، خلال ستين يوماً، ولا ينص على استخدام القوة.

بهذا التراجع استطاعت ادارة بوش أن تتجنب الفيتو الروسي، مراهنة على تشدد أحمدي نجاد لخرق القرار الجديد. وهو لن يستطيع إلا خرقه، أولاً لأنه يعتبر من حقه المضي في برنامجه النووي السلمي، يدعمه القانون الدولي في ذلك، وثانياً لأنه يراهن على أن الولايات المتحدة بدأت مرحلة التراجع، عسكرياً على الأقل، ولن تستطيع خوض حرب ثالثة.

تحالف الحكيم والهاشمي والأكراد يخوض الآن معركة شرسة ضد الصدر في العراق. وليس مستبعداً تعميم التجربة في دول أخرى في مقدمها لبنان.