سردار عبدالله

مهما حاولت تفسير سلوك الدكتور الجعفري, وخصوصا اثناء الازمة التي خلقها نتيجة تشبثه بكرسي رئاسة الوزراء مهما كان الثمن, لااجد الا سببين اثنين. واذا حدث وكان ظني في محله, فإن النتيجة ستكون واحدة وفي كلتا الحالتين. فالسبب الاول الذي يمكن ان يكون وراء اصرار الجعفري على كرسي رئاسة الوزراء, قد يكون تورطه في تحالفات تحتم عليه الاستمرار حتى الآن على موقفه. مما يعني ان الرجل قد فقد الكثير من هامش حرية الحركة, وأنه قد سلم الكثير من مفاتيحه الى الآخرين, سواء في الداخل او الخارج. اما السبب الثاني فقد يكون هو عشق الدكتور الجعفري لكرسي السلطة واصراره على الاحتفاظ به حتى لو ادى ذلك الى احتراق العراق بأكمله.
ايا تكون الاسباب, وسواء أكان السبب هو التورط في تحالفات, او التعطش الى السلطة, فإن النتيجة كما اسلفنا واحدة, وهي ان الدكتور الجعفري سيخرج خاسرا من اللعبة في كلتا الحالتين, وانه يتجه الآن وبعناد غريب الى خسارة المخرج الذي يمكن ان يأمن له الحد الادنى من ماء الوجه. من الواضح ان العراقيين لن يرضخوا ولن يسمحوا بأن تكون الخطوات التأسيسية لنظامهم الجديد خاضعة لمعايير حب الذات التي ستفضي بكل تأكيد الى الديكتاتورية, العراقيون وباختلاف الوانهم القومية والطائفية وصلوا الى حالة الاحباط من الجعفري لأنهم يرون فيه رجلا يختزل الانتماءات الكبيرة الى انتماءات ضيقة تأتي على حسابهم. فهم يرون حكمه طائفيا حيال غير الشيعة, وحزبيا ضيق الافق حيال الغالبية الشيعية, وفرديا داخل الحزب, مما يعني اختزال كل مفاهيم الوطنية والدين والحزب الى شخصية القائد الذي يتحدث باسم الكل وله ان يحكم الكل. وهذه الكارثة بعينها والشعب العراقي وبقية قواه لايمكنهم القبول به.
اما اذا كان السبب هو ان الرجل ربما يكون عالقا في حبال تحالفات اكبر منه, فإن هذا لن يغير من النتيجة في شئ. اذ ان الدخول في تحالفات الامر الواقع سلاح ذو حدين, فبقدر مايمكن ان يمنح من اوراق قوة, فهو يسلبنا الكثيرمن اوراقنا, لاسيما الورقة الاهم على الاطلاق والتي هي حرية اتخاذ القرار النهائي. الاطراف الداخلية والدولية المتصارعة في الملف العراقي موجودة اليوم وبقوة, وهي تجرب حظوظها الاخيرة, قبل ان تحين لحظة الحسم التي يبدو انها لن تكون في صالح الجعفري, عندها لن يضحي المتحالفون بمصالحهم من اجل مصالح من يحكم العراق.

[email protected]