السبت: 2006.05.27

ما من شيء هزلي ومضحك أكثر من التراجيديا


تقديم وترجمة:
كوليت مرشليان

عام 1953، كان المسرحي الفرنسي روجيه بلين أول من أخرج مسرحية quot;بانتظار غودوquot; على الخشبة قبل أن تصير هذه المسرحية لصاموئيل بيكيت رمزاً من رموز الخشبة المسرحية في العالم. كان العرض الأول في الثالث من كانون الثاني 1953، على quot;مسرح بابليونquot; بولفار راسبايل، في باريس.
كان بيكيت يحضر الى المكان لمراقبة التمارين لكنه لم يحضر ليل الافتتاح، بل أرسل زوجته سوزان لتنقل له التفاصيل وفاجأ الجميع بعدم حضوره وكان قد انتقل قبل أسابيع الى منطقة quot;أوسيquot; للراحة وسط الطبيعة. وكان اعتراضه الوحيد حول تفصيل صغير لم يخطر ببال أحد أن بيكيت سيتأثر به الى هذا الحد، حتى انه وجه رسالة الى روجيه بيلين في التاسع من كانون الأول تحدث فيها عن معطف أو مشلح استراغون الشخصية الأساسية في المسرحية الى جانب شخصية فلاديمير. ننقل هذه الرسالة الى العربية وهي بالمناسبة غير منشورة:

أوسي: 9/11/53
عزيزي روجيه
أقول quot;براوquot; الى الجميع. أنا سعيد بنجاحكم جميعاً. لا تلوموني على انسحابي، لم أعد أستطيع التحمل أكثر. ثمة تفصيل يزعجني، إنه مشلح استراغون. ومن الطبيعي أن أكون قد سألت سوزان إذا كان قد وقع عن ظهره بشكل جيد. وذكرت لي أنه بقي ممسكاً به حتى وصل الى منتصف الطريق. وأنا أقول انه لا يجب أن يحصل ذلك على الاطلاق لأنه يغير المعنى. ومن المفروض أن يكون هو ضائعاً الى حد ما في هذه اللحظة ولا يلاحظ وقوع المشلح عن كتفيه.
أما بالنسبة الى الضحك الذي يمكن أن يحصل لدى المشاهدين في حال وقع المشلح بالكامل، فهذا من ضمن المشهد النهائي المؤثر ولا يمكن أن تكون ردود الفعل عليه في هذا المنطق. وبالنهاية، فإن الفكرة الأساسية في العمل هي أنه ما من شيء هزلي ومضحك أكثر من التراجيديا، ويجب أن نُظهر هذه الفكرة الى أقصى حد والى آخر العرض. ثمة أمور أخرى أود أن أقولها لأجعل هذا العرض أكثر تماسكاً، لكنني سوف أعفيك منها. وهنا أطلب منك فقط أن تكون لطيفاً وأن تنفذ التعليمات الواردة في النص الأساسي كذلك خلال التمارين الأولية وأن تجعل بنطال الممثل يسقط أيضاً الى حدود منتصف فخذيه. قد يبدو لك الأمر سخيفاً لكنه في غاية الأهمية بالنسبة إليّ. وكنت ظننت أثناء التمارين أنكما أنتما (أي أنت والممثل في دور استراغون) قد وافقتها على ذلك حين رأيتكما للمرة الأخيرة يوم السبت بعد حادثة الخياطة وكنت قد شعرت بالاطمئنان أن ذلك المشهد سوف ينفذ تماماً كما رأيناه في التمارين.
أتمنى لكم استمراراً جيداً وتحياتي إليكم جميعاً.