الخميس: 2006.08.10

سلطان الحطاب

في ظلال التصريحات الملكية المؤيدة للموقف اللبناني حكومة وشعبا أدعو الى تشكيل وفد من المجتمع المدني الاردني على مختلف اطيافه للقيام بزيارة تضامنية فورية الى بيروت لترجمة مشاعر الاردنيين المتدفقة تجاه بلد عزيز يكنون له كل المحبة والتقدير.

لقد قدم لبنان للامة الكثير وكان احد ابنائها الأكثر نباهة ومساهمة في إحياء تراثها والحرص على هويتها وتقديم هذه الهوية بالشكل الحضاري اللائق.. فمن اليازجيين في اللغة وإحياء المعاجم الى جورجي زيدان في كتابة تاريخ التمدن الاسلامي وصولا الى رزمة رائعة من الشعراء والادباء الذين ساهموا بشكل اساسي في احياء النهضة العربية وقدموا من أجلها شهداء أيار 1916 في وجه سياسات الطمس والتتريك.

ليس هذا وقت المداخلات التاريخية العميقة والمعروفة وإنما هو وقت التعبير عن التضامن العملي الملموس مع لبنان والوقوف الى جانبه والدفاع عن وجوده ومصالحه وشعبه.

رغم تقسيمات سايكس بيكو الهشة فإن وجدان الاردنيين قلق وغاضب ولن يتركوا وسيلة او سبيلا لنصرة لبنان وشعبه مجسدين بذلك التوجيه الملكي وموقف الملك الذي عبر عنه ايضا بقلق وغضب ظاهرين وممتدين في عمق صاحب رسالة عربية ممتدة..

الغاضب الذي سمعناه يتحدث امس لمحطة .. ليس شخصا عاديا انه ملك يحمل في سيرته امتداد ب (43) ملكا هاشميا يصلونه بجده صاحب رسالة السماء الذي بارك للأمة كيانها وارسى لها دينا من التسامح والمحبة والاخاء.

لقد صنع الهاشميون من الاردن وعبر ممالكهم المتعاقبة منذ عام 1921 حتى اليوم ملجأ وملاذا وحصنا ونصيرا لكل الباحثين عن الامن والاطمئنان وظل الاردن منفتحا على عروبته ملبيا لندائها.. وظل لبنان في القلب الاردني دائما فليس غريبا ان اول رئيس وزراء اردني منذ تأسيس المملكة كان من اصل لبناني وهو الرجل رشيد طليع.

لم اجد الاردنيين يجمعون على موقف واحد كما هم عليه الآن ازاء موقفهم من لبنان لقد اختلفنا حول العملية السلمية وحول قضايا الحرب والسلام وحول المسألة العراقية ولكن الاردنيين اليوم يعلنون توافقا يصل الى حد الاجماع على تأييد لبنان ويتطابقون معه تماما في الامه واماله.

ما قاله الملك ومارسه ودعا اليه هو موقف كل اردني فالملك يتقدمنا جميعا ويخرج بوقاره ليصل الى الغضب الذي رأيناه على وجهه والقلق على لبنان والامة ولسان حاله في الوقار ما قاله المتبني لسيف الدولة:

وفارس الخيل من خفت فوقرها

في الدرب والدم في اعطافها دفع

نعم عبدالله الثاني يقود حالة laquo;التوقيرraquo; الوقار التي تحفظ له غضبه الملوكي وقلقه الذي يحمله معه الاردنيون جميعا..

لم يسكت.. ولم يجامل ولم يهادن ولم نأخذ مواقف سريعة او ضيقه على حساب لبنان وقتل اطفاله وهدم بيوته وحصار شعبه وحكومته، وها هو الملك عبدالله ينتقد المجتمع الدولي ويحمله المسؤولية ويحذر اولئك الذين يستخفون بهذه الامة وحقوقها من ان كل بلد عربي ان لم يتكامل التضامن سيكون فيه حزب الله جديد وما زال يحذر رغم كل الضغوط من ان عدم حل القضية الفلسطينية هو استثمار في التطرف وصناعة لخدمة العنف وان الدول المعتدلة لن تكون قادرة وقد سحبت القوة الغاشمة المعتدية منها اوراقها قادرة على ابراز مواقفها..

حين يسأل الملك عن ما يحدث في الصومال وغزة ولبنان والعراق من قتل ودمار اذا ما كان هذا هو الشرق الاوسط الجديد فانه بذلك يحمل سؤال كل اردني وعربي مصاب بالحيرة والغضب امام هذا العدوان الاجرامي الذي تشنه اسرائيل بتأييد من اصدقائها..

لن نقبل ما يصيب المصالح اللبنانية بالاذى كما لم نقبل من قبل ما يصيب الحقوق الفلسطينية.. وسنظل دائما كطائر الرعد او طائر الهدهد الذي يحمل للامة اخبارا لمصالحها ومساعدات وتظل نسأل ونحن نميز بين مصالح الامة ومصالح الاخرين..

الملك عبدالله الثاني في تصريحاته وممارساته ولقائه بالاردنيين في منتصف الطريق لمباركة مشاعرهم تجاه بلدهم الثاني لبنان يقطع الطريق على كل مزايدة وعقوق وانكار فمواقفه كالشمس التي لا تغطى بغربال فقد شكل طابور الاردنيين ووقف على رأسه ونادى شعبه وامته ان يتبعوه من اجل تضميد الجرح اللبناني ورفع صوت لبنان المنكوب والجريح عاليا..

منذ قال فيصل الاول عبر تنظيم العربية الفتاة في وجه التتريك والطمس طاب الموت يا عرب كصرخة خلاص.. ظلت اجيالنا تردد هذا النداء مدركة ان خيارنا للسلام لا يعني سكوتنا على الجرائم والعدوان.. نداء الملك عبدالله الثاني اليوم باسم الاردنيين جميعا ان حيا على التضامن العربي.. لا للاحتلال واذ نتعاطف مع حزب الله فلأنه يقاتل ضد قوة محتلة.. والشمس لا تغطى بغربال وصناعة النموذج اللبناني الرائع في السلم والمقاومة لا بد ان يدافع عنه...