الجمعة: 2006.08.11
عمار الجنيدي
مخطئ من يظن أن سلسلة الجلطات الدماغية التي أدت إلى تعطيل الناحية اليسرى من شارون وقصقصة أمعائه التالفة وجزء من معدته وكبده وغيابه عن الوعي منذ أكثر من ثمانية أشهر قد أدت إلى موته، فها هو أيهود أولمرت يكمل مسيرة صاحبه ؛ سائرا على نفس المنهج، فقبل اجتياحه لقطاع غزة وضربه بالنار والحديد للبنان حاول أن يضع حدودا لدولته، وان يضفي جوا من الأمان على المستوطنات المتناثرة بتجميعها وقبل ذلك زرع روح الفرقة والتناحر بين الفلسطينيين أنفسهم والتفريق بين السلطة والحكومة والتعامل بينهما بندية الخصومة، والعمل على إرساء حالة البغض والتفرقة بينهم وإشاعة الفلتان الأمني، في محاولة للنيل من إرادة وصمود الشعب الفلسطيني.
لكن الضربات المتتالية التي وجهت لمشروع أولمرت الأحادي إنما يعني عدم قناعة مؤيديه بفكرته الأحادية وتجاهله للشريك الفلسطيني وعدم قدرته على إقناع خصومه بمشروعية فكرته.
ووفرت العملية العسكرية التي قام بتنفيذها ميليشيا حزب الله غطاء لشن حربه على لبنان وليكتسب بذلك دعما سياسيا تأييدا من الشارع الإسرائيلي ، بعدما كثرت بحقه الانتقادات محليا ودوليا، وعليه فان حزب الله أعطى أولمرت قرارا كان معدا له وجاهز للتطبيق منذ زمن،وأتاح له فرصة أن يشن سلاحه الجوي غارات لم يسبق لها مثيل في تاريخه الحربي.
وشكل تكاتف ولحمة الشعبين اللبناني والفلسطيني وصمود المقاومة هناك ضربة أخرى ل أولمرت ومشروعه ولهيبته وأسطورة الجيش الذي لا يقهر وأصبح يواجه أزمة داخلية وضغوطات خاصة لحل الورطة التي أوقع حكومته وشعبه بها، لدرجة أن نتنياهو يتربص له أن يخطئ أو أن تتضاءل شعبيته حتى يعود إلى سدة الحكم، ليتراجع بعدها عن تخفيض سقف مطالبه التي شن الحرب من اجلها، فغدت مطالبه بدحر حزب الله ونزع سلاحه ثم دفعه عن الجنوب اللبناني إلى ما وراء نهر الليطاني
خصوصا بعد مساع دولية حثيثة لإقرار مشروع أميركي ـ فرنسي يقضي بحل الأزمة تحت إلحاح إسرائيلي وكما تريدها إسرائيل تماما، وبعدما شلت الآلة العسكرية، وأوقعت إسرائيل كلها تحت رحمة صواريخ الكاتيوشا ورعد وزلزال وخيبر وما لم يظهر بعد من صواريخ وأسلحة مخبأة، وبعدما لحقت بجيشه ودولته الخسائر على مختلف المستويات المادية والبشرية والاقتصادية وعلى المستوى العسكري أيضا، فلا الطائرات والبوارج والجنود والدبابات كانت بمنأى عن متناول المقاومة.
إن جردة الحساب التي ارتكبها أولمرت بحق الفلسطينيين واللبنانيين كبيرة، وهي تضاهي في بشاعتها ما كان صديقه ومعلمه شارون يقوم به، مرتكبا جرائم حرب بحق الإنسان العربي الفلسطيني واللبناني وضربه القانون الدولي عرض الحائط باستهدافه المدنيين العزل وارتكابه بحقم مجازر همجية بشعة يندى لها جبين الإنسانية، وبعدما صار استهداف سيارات الإسعاف وقصف البلدات والمدارس والمستشفيات والجسور والطرق والكهرباء وحملات عقاب جماعية بحق المدنيين العزل أهم ما اجترحته هذه العقلية البغيضة.
وحتى بعد غيابه الجسدي عن الساحة، فما دامت العقلية الشارونية تأخذ نصيبها من تصرفات وأفعال تلاميذه واصدقائه ومحبيه، فلا يمكن الحديث بعدها عن موت شارون!!.
maktoobblog.com/amrjndi
التعليقات