السبت: 2006.09.23


هيلين كوبر


في نهاية المطاف، خسر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد quot;الحرب الكلاميةquot; المعلنة على الرئيس الأميركي جورج بوش في الجمعية العامة، إذ جاء خصم آخر وسرق الأضواء. فقد قال الرئيس الفنزويلي يوم الأربعاء الماضي، من على نفس المنبر الذي شغله الرئيس بوش قبله بيوم: quot;لقد جاء الشيطان إلى هنا أمس، هنا بالضبطquot;، مثيراً ضحك في أوساط الحاضرين.

سويعات قبل ذلك، كان أحمدي نجاد قد أعلن عن اختلافه الكبير مع quot;الشيطان الأكبرquot; أيضاً. ولكن يا له من فرق! ففي حين بدا شافيز أشبه بالزعيم السوفييتي خورشوف، ملوحاً بالكتب، بدا أحمدي نجاد وديعاً وشبيهاً بسقراط، حيث قال أحمدي نجاد: quot;عبر التسبب في الحروب والصراعات، يعمل البعض على توسيع هيمنتهم، وحشد الثروات الطائلة، في حين يعاني آخرون الفقرquot;، وأضاف قائلاً: quot;يسعى البعض إلى حكم العالم بالاعتماد على الأسلحة والتهديدات، في حين يعيش آخرون في الفقر. البعض يحتل بلدان آخرين، ويتدخل في شؤونهم، ويراقب نفطهم وثرواتهم، في حين يتعرض آخرون للقصف في منازلهم، وأطفالهم للموت في الشوارعquot;.

اللافت أن أحمدي نجاد المعروف بخطاباته النارية، والذي سبق له أن أشار إلى ضرورة محو إسرائيل وأنكر المحرقة، لم يكن مباشراً أثناء حديثه في الأمم المتحدة مقارنة مع خطابات سابقة له، مكتفياً بإثارة السؤال وراء الآخر.

وكان خطاب أحمدي نجاد قد حظي بإعلانات كثيرة قبل إلقائه، وخصوصاً أنه تمت جدولة خطابه ليوم الثلاثاء، أي في اليوم نفسه الذي ألقى فيه الرئيس بوش كلمته. وفي ختام خطابه، تلقى أحمدي نجاد، شأنه في ذلك شأن بوش، تصفيقات مهذبة دبلوماسية من قبل المسؤولين الحاضرين ومحرري المحاضر وموظفي الأمم المتحدة.

ولكن ماذا عن شافيز؟

الضحكات والقهقهات والتصفيقات الحارة التي استمرت طويلاً جداً إلى درجة أن مسؤولي المنظمة اضطروا إلى أن يطلبوا من المصفقين أن يكفوا.

أما المدافعون عن بوش، فقد أشاروا إلى أن الولايات المتحدة سمحت على الأقل لشافيز وأحمدي نجاد بالقدوم إلى نيويورك، وقول ما يحلو لهما دون أن يودعا السجن. وفي هذا الإطار، قال جون بولتون، السفير الأميركي في الأمم المتحدة: quot;إنها ميزة تتميز بها الولايات المتحدة، فهو لا يستطيع قول تلك الأشياء في الجمعية العامة فحسب، وإنما يمكنه أيضاً الذهاب إلى حديقة سانترال بارك أيضاً وقول ما يحلو له. لكن للأسف أن الرئيس شافيز لا يمنح الشعب الفنزويلي الحرية نفسهاquot;. ومن جانبها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية كندوليزا رايس إن تصريحات شافيز quot;لا تليق برئيس دولةquot;.

غير أنه مقارنة مع أحمدي نجاد، بدا شافيز أكثر إثارة للاهتمام، حيث رفع نسخة من كتاب quot;الهيمنة أو الصراع من أجل الحياة: سعي أميركا إلى الهيمنة العالميةquot; لكاتبه نعوم تشومسكي، وأوصى أعضاء الجمعية العامة بقراءته. وفي وقت لاحق، قال في أحد المؤتمرات الصحافية إن أكثر ما يأسف له هو عدم تمكنه من الالتقاء بتشومسكي قبل وفاته (ولكن تشومسكي 77 سنة وما زال على قيد الحياة). كما دعا شافيز، في نفس المؤتمر الصحافي، الأميركيين إلى قراءة كتاب تشومسكي بدلاً من إمضاء كل وقتهم في quot;مشاهدة أفلام سوبرمان وباتمانquot;.

وبعد ذلك بدقائق، عرض شافيز مضاعفة كمية النفط المخصص للتدفئة الذي تتبرع به فنزويلا للفقراء في الولايات المتحدة. وذكّر الصحافيين بأن quot;سيتغوquot;، التي تملكها شركة quot;بيتروليوسquot; الفنزويلية، وزعت نفطاً بالمجان أو بأسعار مخفضة على المحميات القبلية الهندية وأحياء الأميركيين منخفضي الدخل مثل حي quot;البرونكسquot; في نيويورك. وفي هذا الإطار، قال الرئيس الفنزويلي quot;إننا مستعدون لمضاعفة تبرعاتنا من النفطquot;، مضيفا quot;إنها لفتة مسيحيةquot;.

أما أحمدي نجاد، فلم يعرض أي نفط إيراني على أحياء الولايات المتحدة الفقيرة.