22 يناير 2007

صالح القلاب


أليس غريباً.. فالذين يعيشون عُرسَ فرح عارم يزنرونهُ بالزغاريد لاستقالة رئيس الأركان الإسرائيلي دان حالوتس وربما استقالة وزير الدفاع وأيضاً رئيس الوزراء يهودا اولميرت لا يدركون ان هذه الاستقالات هي شهادة تقدير للدولة الاسرائيلية وهي اثبات على ان هذه الدولة دولة مؤسسات ودولة تكافؤ فرص فالمُقصِّرُ يجب ان يتنحى بارادة الرأي العام والأجدر والأكفأ يجب ان يأخذ مكانه لأن المصالح العليا للدولة تقتضي ذلك.

ولهذا فان الذين ملأت استقالة دان حالوتس صدورهم غبطة عارمة، وفي مقدمتهم حسن نصر الله، الذي نقل ببركات الإنتصار الالهي قوات حزبه ومقاومته من الجنوب إلى ساحة رياض الصلح لِتُعَسكِرَ هناك وتحاصر مبنى رئاسة الوزراء، اذ هم يزغردون الآن ابتهاجاً فكأنهم يرجون بمن هو أفضل على رأس المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

ان اهم ما في اسرائيل، وهذا هو الذي حققت كل انتصاراتها على كل العرب من خلاله، هو أنها دولة، ما عندها لحية مُمشَّطة وان الحساب والعقاب فيها لا يوفر احداً من ديفيد بن غوريون وحتى اولميرت وان مراكز القوى تتحول الى اصفار مربعة عندما يتعلق الأمر بالقضايا المصيرية... ولذلك أليس هذه الاستقالات التي تلهج بها ألسنة المبتهجين بنتائج الانتصار الالهي هي شهادة تقدير لهذه الدولة..؟! رغم كل الانتصارات الكاسحة التي حققها الجيش الاسرائيلي ضد كل الجيوش العربية في حرب حزيران (يونيو) العام 1967 فانه ما ان انتهت هذه الحرب حتى تم عزل رئيس اركانه اسحق رابين، الذي كان اول جنرال اسرائيلي يدخل ساحة المسجد الاقصى، وأُرسل سفيرا لدولته في الولايات المتحدة الاميركية حيث كاد بعد ذلك ان يفقد مستقبله السياسي لان زوجته اودعت بنكا هناك مبلغا لا يتجاوز الالف دولار بدون اشعار وزارة الخارجية الاسرائيلية.

وبالمقارنة فان وزير الدفاع العربي الذي اسقط اهم مدينة (حدودية) قبل اربع وعشرين ساعة من وصول القوات الاسرائيلية اليها كافأ نفسه بازاحة زملائه من سدة الحكم والسيطرة على مقاليد الامور، ولأن شيئا لم يكن وكأن كارثة لم تقع ثم توريث ما انتهى اليه الى عائلته وابنائه.

.. ويا ترى ألم يرتكب حزب الله ولو خطأ واحدا يستحق المراجعة والتدقيق والتحقيق.. ألم يقل حسن نصرالله بعد الحرب مباشرة انه لو كان يعلم ان ما حصل سيحصل فانه ما كان سيقدِمُ على خطوة اختطاف الجنود الاسرائيليين وما كان قد ذهب الى حرب الحقت بلبنان كل الدمار والخراب الذي الحقته به..؟! عندما يستقيل دان حالوتس وربما وزير الدفاع ورئيس الوزراء فان الذي من حقه ان يفرح هو الشعب الاسرائيلي وان الذي من حقه ان يحزن ويغضب هو العرب الذين خاضوا معركة الانتصار الالهي الى جانب حسن نصر الله بحناجرهم وألسنتهم وأقلامهم والسبب هو ان اسرائيل وكالعادة بادرت الى الاستفادة من دروس ما جرى وذلك في حين ان زعيم حزب الله بدل ان يفعل ما فعله الاسرائيليون ارتد الى الخلف وافتعل مشكلة داخلية قد تنتهي الى حرب اهلية مدمرة ونقل قواته المنتصرة!! من جبهة المواجهة في الجنوب الى بيروت ليحاصر بها السنيورة ومعه كل الذين تمسكوا بموضوع المحكمة الدولية وابدوا ممانعة شديدة ل فسطاط الممانعة!!.