الثلاثاء 13 فبراير 2007
د. عصام عبداللطيف الفليج
لقد حذر العديد من القادة والساسة والمثقفين من خطورة الحفريات التي تقوم بها السلطات الصهيونية في فلسطين حول laquo;المسجد الأقصىraquo; أولى القبلتين وثالث الحرمين منذ سنوات، حتى وصل الحال بها إلى أن منطقة laquo;المسجد الأقصىraquo; لو تعرضت لأي هزة أرضية بسيطة طبيعية أو مفتعلة بفعل متفجرات أو قنابل عنقودية أو فراغية أو حتى من خلال مجموعة طائرات خارقة لسرعة الصوت، فسيتعرض laquo;المسجد الأقصىraquo; للانهيار، وهذا ما يهدف اليه الكيان الصهيوني ليبتعد عن تهمة الهدم المباشر له، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالكل أصم أذنه، نعم.. أقول الكل فأصبحنا نستجدي بيانات الشجب والاستنكار استجداء، والتي باتت تظهر متأخرة.. ضعيفة.. باهتة.. مهلهلة، ليس لها أي أثر في العالم المسيطر على العالم!
ولا شك أن الكيان الصهيوني يسير حسب خطة واضحة المعالم، وإن اعترتها بعض العراقيل الزمنية أو التمثيليات المفتعلة، التي قد تؤخر الخطة، الا انه استبطأ النتيجة، فاستعجل الحفر المباشر أسفل أساسات المسجد الأقصى ضاربا بعرض الحائط كل المواثيق والعهود التي تنص على احترام الأديان وأماكن العبادة، رغم عضويته في هيئة الأمم المتحدة وانتسابه للكيان الأوروبي والفكر الغربي، الا انه محمي بغطاء laquo;الفيتوraquo; الأمريكي.
إن laquo;المسجد الأقصىraquo; هو رمز للمسلمين شئنا أم أبينا، اقتنعنا أم لم نقتنع، ووروده في القرآن الكريم يلزم المسلمين بمسؤولية كبرى laquo;.. المسجد الأقصى الذي باركنا حوله..raquo; وسقوطه هو سقوط متوال لكرامة المسلمين التي تفتت بعد سقوط الخلافة الاسلامية، تلك الخلافة التي قد لا يحترمها البعض ـ وللأسف ـ لكنها هي التي حفظت وحدة المسلمين وعزتهم قرونا عديدة، وهي التي نشرت الاسلام في أقصى المشرق حتى أندونيسيا والفلبين وجزر الملايو، وفي أقصى الغرب الأوروبي حتى البوسنة والهرسك والأندلس، وفي أقصى الغرب الأفريقي حتى المغرب وموريتانيا.
وبعد سقوط الكرامة العربية والاسلامية على التوالي، والنجاح الصهيوني الساحق في إشعال الفتن بين المسلمين في فلسطين (فتح وحماس) وفي لبنان (حزب الله وباقي الشلة) وفي العراق (السنة والشيعة) وسيطرة الأحزاب العسكرية على مقدرات الشعوب المسلمة، وانتشار المعتقلات والاعتقالات العشوائية في كل يوم وفي كل زمان وبشكل علني، مما جعل المسلمين يستعينون بالغرب لنجدتهم، كما حصل في تحرير الكويت من الاحتلال العراقي، وكما هو حاصل الآن في العراق!
كل ذلك جعل الساحة متأججة ومهيأة للمزيد من الخنوع العربي والصمت الاسلامي، مما فتح الطريق أمام الكيان الصهيوني بعد نجاحه في اختبار ضرب laquo;حزب اللهraquo; في لبنان وسط أفواه فاغرة في الوطن العربي والاسلامي، فأكمل المسير نحو الهدف الأصلي وهو هدم laquo;المسجد الأقصىraquo; بين اقتتال الفلسطينيين، واقتتال العراقيين، وتناحر اللبنانيين، واعتقالات عشوائية بين المسلمين ـ دون المسيحيين ـ وضمان الحدود البرية والجوية والبحرية من الاختراق للمجاهدين والفدائيين كما كان قبل خمسين عاما!!
هل آن أوان سقوط laquo;المسجد الأقصى؟!raquo; هل دنت ساعة سقوط المسلمين شر سقطة؟! هل اقتربت نهاية هذا العهد وقدوم عهد جديد، ويعود الاسلام كما كان ليقاتل المسلمون اليهود في فلسطين كما جاء في السنة النبوية؟! هل نستعجل ذلك العهد كما استعجل اليهود عهدهم المنشود بعد فواته، كما ظنوه في عام 2000، واستعجالهم لهدم laquo;المسجد الأقصىraquo; لإعلان laquo;اسرائيل الكبرىraquo; وظهور laquo;المسيحraquo; ـ اليهودي ـ ليجمع شتات اليهود على أرض الميعاد laquo;فلسطينraquo; كما يعتقدون أو يظنون أو يقولون؟!
نحن كمسلمين نعتقد اعتقادا جازما بأن ما يقوم به الكيان الصهيوني ممثلا عن اليهود إنما هي مزاعم وأكاذيب، لأن التوراة قد حرفت عندهم بما فيه الكفاية لإنشاء دين جديد، وبالتالي فقد استغلوا الدين للصعود على أكتافه لتحقيق مآربهم الاستعمارية والاقتصادية والعسكرية، وكبارهم متيقنون من ذلك التحريف، كما هم كبار النصارى وكبار الـ... فالغرب العلماني يستغل الدين مستنجدا بالفاتيكان عند الضرورة، وكذا بعض زعماء المسلمين العلمانيين يستنجدون بالعلماء المسلمين عند الحاجة، والكيان الصهيوني يسير على النهج نفسه.
وما دامت لدينا تلك القناعات، والايمان بما أنزله الله من الآيات، فعليا ان نستعد ليوم الميعاد.. ويوم الممات، ولننصر ديننا laquo;بصدقraquo; بالعمل والحركة والدعاء والتنسيق تبرئة لله عز وجل على أقل تقدير، وإلا فقد ضاعت النفوس وهلك المسلمون.
لقد آن الأوان لنصرة هذا الدين مهما كانت المقاصد.. جاه.. سلطان.. دنيا، فقد سبقنا العديد من الخلفاء والولاة المسلمين ممن انحرفت عقيدتهم وأفكارهم وممارساتهم، الا انهم نصروا الدين وانتشرت في عهدهم الفتوحات، فقد فرقوا بين الممارسات الشخصية ـ الفاسدة ـ والآراء الذاتية المنحرفة التي يعيشها بعضهم، وبين نصرة الدين وتحقيق الانتشار له حتى وصلوا الى أقاصي الأرض، ولسنا بأحسن حال منهم، فلنعمل شيئا لله، ولا أعني هنا حفر بئر أو بناء مسجد بقدر ما أعني نصرة حقيقية لهذا الدين.
ألا هل بلغت... اللهم فاشهد.
***
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
التعليقات