السبت 17 فبراير 2007
مكرم محمد أحمد
لا يبدو إن الطرق سوف تكون سالكة إلي تسوية كامل الأزمة اللبنانيةrlm;,rlm; قبل انعقاد القمة العربية المقبلة في الرياض في نهاية مارس المقبلrlm;,rlm; كما كان يأمل الجميعrlm;,rlm; ولا تشير الأوضاع الداخلية في لبنان بعد عامين من اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري أو الأوضاع الاقليمية بأزمة لبنان الراهنة الي انفراجة قريبة في الموقفrlm;,rlm; رغم الجهد المضني الذي بذله أمين عام الجامعة العربية عمرو موسيrlm;,rlm; الذي تنحصر آماله الآن في محاولة منع تدهور الموقفrlm;,rlm; وليس الفوز بتسوية تعيد المياه اللبنانية الي مجاريهاrlm;..rlm; وأظن ان الامين العام للجامعة يأمل في دعم عربي إضافي لمهمتهrlm;,rlm; خصوصا من القاهرة والرياضrlm;,rlm; يتمثل في استئناف حوارهما المباشر مع دمشق علي النحو الذي يجري في حوار الرياض وطهرانrlm;,rlm; لأنه بدون مخاطبة هواجس دمشقrlm;,rlm; وبدون جهود عربية تكسر طوق العزلة الدولية المفروض عليهاrlm;,rlm; وبدون اشعارها أنها مازالت جزءا من عملية التضامن العربي سوف يطول أمد المشكلة اللبنانية وربما تتصاعد الي ذرا خطيرةrlm;,rlm; لأن دمشق مازالت طرفا مؤثرا في الموقف اللبناني يصعب تجاهلهrlm;!rlm;
ولا يبدو ان الظروف الراهنة ملائمة لإمكانية أن يعود الأمين العام للجامعة العربية قريبا الي بيروت في ظل أزمة الثقة التي مازالت تحكم علاقات الاطراف اللبنانيةrlm;,rlm; وإحساس دمشق المتزايد بالعزلةrlm;,rlm; ورغبتها في ان تكون الازمة اللبنانية المدخل الي تصحيح علاقاتها العربية التي تعرضت لحادث مؤلم نتج عن خطاب غير موفق ألقاه الرئيس بشار الاسد خلال الصيف الماضيrlm;,rlm; رغم الآمال الكبيرة التي كانت معلقة علي ان تكون الذكري الثانية لاستشهاد رفيق الحريري موعد محبة يجمع اللبنانيين ولا يفرقهمrlm;,rlm; كما قالت السيدة نازك الحريري في رسالة مؤثرة الي الشيخ حسن نصر الله امين عام حزب الله بعثت بها عشية الذكري تتمني عليه أن يمر يوم الذكري بسلام ولا يعكر صفوه أي صدام بين الاغلبية والمعارضة في الشارع اللبنانيrlm;.rlm;
كان اللبنانيون علي اختلاف انتماءاتهمrlm;,rlm; الذين أرهقهم استمرار الازمة لأكثر من شهرين تعطلت خلالهما وما زالت كل مؤسسات الدولة اللبنانيةrlm;,rlm; الرئاسة والحكومة والمجلس النيابيrlm;,rlm; وداخلهم الخوف والفزع من احتمال تجدد الحرب الأهلية مرة أخري بعد الصدام الدامي الذي وقع نهاية الشهر الماضي في محيط جامعة بيروت العربية بين الطلاب السنة والشيعةrlm;,rlm; يأملون في أن تكون الذكري الثانية لاغتيال الحريري نقطة فارقةrlm;,rlm; تنهي هذه الاوضاع البائسة التي يعيشها لبنان بعودة كل الاطراف الي مائدة الحوارrlm;,rlm; وزاد من هذا الأمل بعض التراكم الايجابي لعدد من الاتصالات الجانبية بين أطراف الأزمةrlm;,rlm; خصوصا بين النائب سعد الحريري رئيس الأغلبية البرلمانية ورئيس مجلس النواب نبيه بري اثارت التفاؤل بإمكانية الوصول الي حل للأزمةrlm;,rlm; فضلا عن اتفاق المعارضة والحكومة علي الحفاظ علي جلال يوم الذكري ومنع أي فرصة للصدام بين جموع اللبنانيين المحتشدين في ميدان الشهداء تحية للراحل الحريري وبين انصار المعارضة وغالبيتهم من جماعة حزب الله الذين لا يزالون يعتصمون في خيامهم في الشوارع اللاصقة بميدان الشهداءrlm;,rlm; اضافة الي تواتر الأنباء عن تقدم حثيث في الحوار الذي يجري بين الرياض وطهران حول الأزمة اللبنانية ومجمل العلاقات الإيرانية العربيةrlm;..rlm; لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفنrlm;,rlm; عندما تم تفجير اوتوبيسين صغيرين في حي المتن في بيروت الذي يشكل معقلا لحزب الكتائبrlm;,rlm; في الوقت الذي لم تحقق فيه مباحثات عمرو موسي في دمشق الاختراق الذي كان يأملهrlm;,rlm; بحيث يصبح السوريون اقرب الي قبول مشروع المحكمة الدوليةrlm;,rlm; التي سوف يمثل امامها المتهمون السوريون واللبنانيون في اغتيال رفيق الحريري وrlm;20rlm; من رفاقهrlm;,rlm; إذا تأكدت دمشق من ان التعديلات التي يمكن ان تجري علي قرار حكومة السنيورة بانشاء المحكمةrlm;,rlm; سوف تضمن علي نحو مؤكد عدم تسييس عمل المحكمةrlm;,rlm; والتزامها القاطع بوجود اتهامات تستند الي أدلة ثبوت جنائية موثقة قبل إدانة أي من المتهمينrlm;,rlm; الامر الذي ادي الي عودة التوتر بين أنصار المعارضة وأنصار الاغلبيةrlm;,rlm; وزاد من تصاعد التوتر اتهام الاغلبية دمشق بالضلوع في حادث التفجير الذي وقع في حي المتنrlm;,rlm; والأوصاف المقذعة التي كالها علنا للرئيس السوري بشار الاسد الزعيم وليد جنبلاط وهو يتهم السوريين بارتكاب سلسلة جرائم الاغتيال الطويلة علي امتداد العقود الاخيرة ابتداء من اغتيال والده كمال جنبلاط الي رفيق الحريري الي بيير الجميل قبل شهرينrlm;.rlm;
وزاد من حجم الاحتقان الداخلي تصريحات السفير الامريكي في لبنان جيفري فيلتمان في ذكري الحريريrlm;,rlm; وهو يشير الي ارتكاب جريمة الاغتيالrlm;,rlm; في الوقت الذي كانت تسيطر فيه القوات والمخابرات السورية علي لبنان ويؤكد ضلوع بعض الشخصيات الرسمية اللبنانية التي حاولت فور وقوع الحادث تدمير وإخفاء الدلائل والادلة علي وقوع الجريمة بتنظيف مسرح العملية ورفع السيارات المحترقة من مكان الجريمة قبل ان يبدأ التحقيقrlm;..rlm; وهكذا عادت الأزمة اللبنانية مرة اخري الي المربع رقم واحد رغم التفاؤل اللبناني الواسع بإمكان حلحلة الموقف في ذكري الحريريrlm;,rlm; ورغم رسائل الامتداح التي نشرها الشيخ حسن نصر الله ونبيه بري في شخص الحريري ورغم تصريحات رئيس الوزراء فؤاد السنيورة بأن اللبنانيين علي طريق الحل الصحيحrlm;,rlm; ورغم الآمال المتزايدة لأمين عام الجامعة العربية في إمكان اتفاق للوصول الي صيغة قانونية تضمن عدم تسييس اعمال المحكمة الدوليةrlm;,rlm; ترضي الاغلبية وتقلل من هواجس المعارضة ويرضي عنها السوريونrlm;.rlm;
لقد وصف عمرو موسي مباحثاته الأخيرة في دمشق بأنها لم تنجح ولم تفشل بما يؤكد ان جولته الاخيرة ليست نهاية المطافrlm;,rlm; وان فرص النجاح مازالت قائمةrlm;,rlm; وان دمشق مازالت تأمل في تصحيح علاقاتها العربية بحيث تصبح مرة اخري جزءا من موقف عربي واحدrlm;,rlm; ومازالت تنتظر ضمانات عربية تنهي عزلتها الدولية رغم تمسكها في مباحثاتها مع الأمين العام للجامعة بالصيغة التقليدية التي درجت علي استخدامهاrlm;,rlm; والتي تؤكد حرصها علي مساندة الموقفrlm;,rlm; وهي صيغة تعني في الحقيقة ان سوريا مازالت رغم تأثيرها الفاعل في لبنان تقبع فوق السورrlm;,rlm; تفضل الفرجة والانتظار علي التحركrlm;.rlm; والمشاركة انتظارا لتواصل حوارها المباشر مع كل من القاهرة والرياضrlm;,rlm; وأملا في ضمانات عربية تجعلها مرة اخري جزءا من الموقف العربيrlm;,rlm; وتدفع عنها شرور الادارة الأمريكية التي تتوق الي كبش فداء يغطي اسباب فشلها في العراقrlm;.!rlm;
وربما يلوم البعض دمشق لأنها لم تبادر بإظهار المزيد من حسن النيات والخروج بموقفها من هذه الصيغة المنفرة التي مازلت تجعلها موضع الشكوك الي موقف اكثر وضوحاrlm;,rlm; لكن السؤال الجوهري هنا هوrlm;,rlm; أين يكون الموقف العربي الرشيد من خيارين واضحين علي الساحة العربيةrlm;,rlm; خيار تريده واشنطن يستهدف عزل دمشق عن محيطها العربي والدخول في مواجهة مع ايران بحجة قسمة المنطقة الي معتدلين ومتطرفينrlm;,rlm; وخيار ثان يحقق المصلحة العربية أولاrlm;,rlm; يكمن في خفض حدة التوتر الإقليميrlm;,rlm; وايجاد فرص تصالح واسع يحقق توازن المصالح بين كل الفرقاء الاقليميين الذين لا تزال تربطهم قواسم مشتركة مهمةrlm;,rlm; ويسد ابواب الفتنة التي تهدف الي قسمة العرب من جديد واذكاء الصراع بين السنة والشيعةrlm;,rlm; وفتح الأبواب علي مصاريعها لفوضي غير خلاقةrlm;,rlm; يصعب علي أحد ان ينجو من مخاطرهاrlm;,rlm; خصوصا ان لبنان لا يستطيع ان يراوغ طويلا في مكانه البائس الراهن الذي يستنزف توافقه الوطنيrlm;,rlm; وليس امامه سوي ان يتصالح او يذهب الي الحرب الاهلية بكل تبعاته الشؤم علي العالم العربيrlm;,rlm; الذي يزداد تكففا وتحللاrlm;,rlm; واخطر ما يحدث الآن علي الساحة العربية هو تشرذم المواقفrlm;,rlm; وغياب الثقة المتبادلةrlm;,rlm; والتسابق علي أدوار وهميةrlm;,rlm; وحرص الجميع علي مطالبة الجميع بضمانات تغني عن حسن النياتrlm;..rlm; وهذا بالضبط هو جوهر الأزمة اللبنانيةrlm;.rlm;
فالجميع في لبنان متفقون علي ضرورة المحكمة الدولية لأن المحكمة الدولية هي صمام الأمانrlm;,rlm; الذي يحفظ لبنان من تكرار العبث بأمنه وأمانه والاغتيال المتواصل لرموزه الثقافية والسياسية التي تصر علي استقلال القرار اللبنانيrlm;..rlm; لكن ماذا يكون العمل إذا انقسمت آراء الفرقاء اللبنانيين حول طريقة عمل المحكمة الدولية التي تهم المجتمع الدولي كما تهم اغلب اللبنانيينrlm;,rlm; أو تساءل البعض عن الضمانات التي تمنع تسييس اعمالها وأحكامهاrlm;,rlm; بينما يتساءل آخرون عن ايهما يسبق الآخرrlm;,rlm; قيام المحكمة أم انجاز لائحة اتهام تقوم علي ثبوت الادلةrlm;,rlm; ثم من الذي يمكن ان يكون مخولا بالفصل في هذه الخلافاتrlm;,rlm; وهل يمكن ان تكون في صيغة لجنة من القضاة يتفق علي تسميتها الاطراف المعنيةrlm;,rlm; كما يقترح عمرو موسيrlm;,rlm; تعيد النظر في قرار انشاء المحكمة الذي وافقت عليه حكومة فؤاد السنيورة وتحاول الوصول الي صيغة يتفق عليها كل الأطراف المعنيةrlm;,rlm; لكن من الذي يقر الصيغة الأخيرة للمحكمة الدولية قبل عرضها علي مجلس النوابrlm;,rlm; الفرقاء المختلفون وهم جلوس علي مائدة الحوار؟rlm;!rlm; وماذا يكون العمل ان غاب حسن النيات وأصر كل فريق علي وجهة نظرهrlm;..rlm; وربما لهذه الأسباب يقول عمرو موسي إن الشياطين تكمن في التفاصيلrlm;.rlm;
وهذا هو نفس ما تواجهه قضية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي يعترف كل الفرقاء اللبنانيين بأحقية المعارضة في أن يكون لها ثلث مقاعد مجلس الوزراء في حكومة للوحدة الوطنيةrlm;,rlm; لكن السؤال هنا من الذي يضمن ألا يكون هذا الثلث هو اداة التعطيل التي تشل قدرة حكومة الوحدة الوطنية عن اتخاذ اي قرار يتعلق بالمحكمة الدولية أو غيرها من المسائل المهمة التي تواجه لبنان ومن الذي يضمن ألا تستخدم المعارضة نصاب الحضور لتعطيل ما تراه من القرارات لتصبح الأغلبية رهنا للأقليةrlm;,rlm; وهل يكون الحل في ضمانات تقدمها المعارضة تمنع الاستقالة المفاجئة لأعضائها من الحكومة ؟rlm;!rlm; أم يكون الحل في اختيار وزير ملك من حصة المعارضة تتفق الاغلبية والمعارضة علي تعيينه يكون رمانة الميزان والصوت المرجحrlm;,rlm; وضمان استمرار الحكومةrlm;.rlm;
وأظن انه مهما حاول الأمين العام للجامعة العربية التفتيش عن حلول لهذه التفاصيل التي تكمن فيها الشياطينrlm;,rlm; فربما لا يستطيع ان يرضي كل الاطراف ما لم تحسن نيات كل الفرقاء اللبنانيينrlm;,rlm; ويغلبون الصالح الوطني اللبنانيrlm;,rlm; وما لم يتم مخاطبة هواجس دمشق التي مازالت تملك قدرة تأثير هائل علي الموقف اللبنانيrlm;..rlm; ولهذه الاسباب ربما يكون مفتاح الحل الصحيح هو وجود حوار مباشر بين دمشق وكل من الرياض والقاهرة وتجاوز فجوة الثقة التي نتجت عن تجاوزات خطاب الرئيس السوري بشار الاسدrlm;,rlm; واظن ان ذلك يحقق صالح اللبنانيين وصالح السوريين وصالح كل العرب بعيدا عن الرهان علي خيارات العزل والمواجهة التي لن تثمر سوي المزيد من التحلل والفوضي في الموقف العربيrlm;.rlm;
التعليقات