تركي السديري

أن يوجد هناك من يتكسبون بأقلامهم فالأمر معروف.. ولم يخدع العالم العربي بمظاهر براءة متناقضة مع حقيقة الباطن مثلما خدع ببعض مواقع الصحافة العربية تلك التي انطلقت في مرحلة المراهقة السياسية قبل نصف قرن لكي تبشر بديموقراطية ونبل وعدالة واشتراكية الضباط الأحرار.. حتى إذا اكتوى العالم العربي بحرائق الهزائم الاقتصادية أولاً ثم السياسية والعسكرية انكفأت تلك الصحف عن ممارسة دورها السابق وبحثت عن دور جديد يوفر شعارات معينة تصرف الأتاوات.. ويوجد في لندن وبيروت شواهد صارخة البحث عن زبون التأجير.. الأمر لا يستحق أي عناية بل لم يعد يلتفت إليه أحد..
كل ما سبق لا يثير زوبعة غضب..

بل لم يعد هناك ما يغضب ما دام الإنسان داخل المملكة يعرف حقيقة إمكانياته وامتيازات أدواره وبروزه ليس خصماً وإنما مصالحاً وحكماً بين فرقاء أجمعوا على احترامه..

ما يثير السخرية وليس الغضب ألا يكون ابن عمك من يحاول أن يسيء إليك ولكنه الأقرب إليك في أخوة الانتماء أو التصاق الجوار..

قبل بضعة أشهر بعث لي زميل هناك في الكويت بصورة من حوار دار بين رئيس تحرير جريدة يومية ووفد أمريكي ولم يكن يعلم بتسجيله، حيث نشر هناك بعد سفر الوفد.. من طرائف ما قال فيه هو أن الكويتيين لم يعانوا أي مشاكل بعد احتلال صدام حسين للكويت، فالذي حدث هو أنهم خرجوا من بيوتهم لكي يسكنوا في فنادق خمس نجوم حتى انتهت مهمة تحرير الكويت.. ربما يكون هو قد حدث له ذلك وغيره من الموسرين لكن ما أعرفه أن الأشقاء الكويتيين كانوا ضيوفاً ليس في السكن فقط ولكن أيضاً في قلوب السعوديين وحازوا على ذات العناية في مصر ودول الخليج.. ثم يضيف: لقد كان الأمريكيون يعتقدون أن صدام حسين هو عدوهم اللدود الذي يكرههم لكنهم بعد الحادي عشر من سبتمبر اكتشفوا أن عدوهم الحقيقي موجود في السعودية..

الطرائف كثيرة..

ففي صحيفة إنكليزية تصدر في الكويت أيضاً كتب شخص غير معروف مقالاً بعنوان: quot;كيف تصمد عشرة أيام في الرياض؟quot;.. وفي المقال سخرية متناهية بمدينة قادت الحرب لتحرير الكويت، وقادت محادثات المصالحات في لبنان، وتلعب مع طهران دوراً مرموقاً لإنهاء محنة العراق، وتستعد لاجتماع الجامعة العربية قريباً للخروج بالقيادات العربية نحو صيغة تفاهم أقوى لحل المشاكل العربية الراهنة..

هذا الرجل لا أتصور أنه يبحث عن شيء يلهيه أو يمتعه في الرياض وبمقدوره أن يجده في الكويت، حيث المحافظة مظهر سائد في الجهتين.. وكان بمقدوره أن يتجاوز الكويت والرياض نحو عواصم تملأ وقته بما يريد..

وأختم موضوعي بهذه العبارة في مقالته:

quot;احرص على الصلاة، فإن كنت ممن لا يصلون ابدأ بالصلاة في الرياض حيث أنك إن لم تتمكن من الصلاة هنا، حيث تختفي كافة مغريات الحياة، فإنك لن تتمكن من الصلاة في أي مكان آخرquot;..

الرجل هنا لجأ للصلاة بسبب اختفاء المغريات التي تنسيه الصلاة.. هنا عليه أن يتأكد بديمومة وجود الصلاة وغياب مغرياته الخاصة..


العنوان الأصلي للمقال : إساءات غير مبررة