عباس الطرابيلي

هل تصبح أفريقيا قارة المتناقضات السياسية في العالم.. وتتأرجح بين الديمقراطية في منطقة والدكتاتورية في منطقة أخري.. وبين أفكار متقدمة متطورة في منطقة.. والرجعية والتخلف والثورات الانفصالية في أخري؟ هي فعلاً كذلك. مثلاً: موريتانيا التي هي واحدة من أفقر دول القارة تحكمت فيها الدكتاتورية منذ اليوم الأول لاستقلالها عن فرنسا وتولي حكمها مختار ولد داده لمدة 17 عامًا.. ولم يرحل إلا بانقلاب عسكري..

ثم منيت بحكم عسكري آخر كان رجله ولد الطايع الذي لم يرحل هو أيضًا إلا بانقلاب عسكري منذ عام ونصف العام..

** موريتانيا هذه دولة صحراوية رعوية يأكل معظم شعبها وجبة واحدة في اليوم، رغم ظهور البترول فيها مؤخرًا.. ولكنها تعيش الآن ثورة ديمقراطية ربما بسبب الحكم العسكري الدكتاتوري.. ولأنها تحلم بالتغيير فقد نجحت في أن تحصل علي نظام رئاسي ديمقراطي عقب انتخابات نظيفة قل ان تنعم بها أي دولة افريقية أخري.. وسبب ذلك ان حاكمها العسكري ولد فال لم يستسلم لإغراءات كرسي الحكم، وقرر تسليم الحكم لمن يختاره الشعب.. ليصبح بذلك ثاني حاكم افريقي يترك الحكم برغبته بعد الرئيس السوداني ـ الذي لم يتكرر ـ الجنرال سوار الذهب..

** وجرت الانتخابات لتصفية المرشحين.. بين اثنين أحدهما هو سيدي ولد الشيخ عبدالله الذي يرأس تحالف 18 جماعة سياسية وكان وزيرًا سابقًا ولكنه دخل السجن مرتين وأحمد ولد داداه الذي وصفوه بأنه ممثل أو مرشح المعارضة..

وفي انتخابات الاعادة فاز الأول سيد ولد الشيخ عبدالله بمنصب الرئاسة بنسبة 85.52% بينما حصل منافسه أحمد ولد داداه علي 15.47% من الأصوات.. واللافت للنظر أن نسبة الذين خرجوا للتصويت من شعب يرتدي دراعة واحدة لا أكثر هم 48.67% وهذا يعكس رغبة الشعب ـ هناك ـ في التغيير. كل هذا من أجل موريتانيا جديدة.. وهي انتخابات وصفتها السفارة الأمريكية بأنها عادلة وشفافة وذات مصداقية..

** وفي الجانب الآخر من افريقيا نجد حاكمًا آخر هو روبرت موجابي رئيس زيمبابوي الذي يحكم البلاد منذ 21 عامًا.. والذي قرر ترشيح نفسه لفترة حكم أخري.. وموجابي ـ من مواليد 21 فبراير 1924 وهو يحكم بلاده من ديسمبر 1987 وزيمبابوي تقع في جنوب افريقيا جيرانها زامبيا وبوتسوانا وجنوب افريقيا raquo;الدولةlaquo; وموزمبيق في الشرق.. سكانها حوالي 13 مليونًا ومساحتها أكثر من 150 ألف ميل مربع وكانت في الأصل روديسيا الجنوبية. ورغم ثراء زيمبابوي من المناجم والمراعي ومنتجات الأخشاب والقمح والبن مع ثروة من الفحم والكروم والذهب والنيكل والنحاس والحديد والبلاتينيوم الا أن شعبها يعاني.. ومن نتائج المعاناة عدم قدرتهم علي دخول عصر الديمقراطية الحقيقي..

** ونسأل: هل المناخ له دخل في حركة الشعوب.. وهل الفقر يؤدي إلي البحث عن الأفضل كما هو الحال في موريتانيا.. وهل الثراء يؤدي إلي الاسترخاء..

ببساطة هل فقر موريتانيا ـ رغم ظهور البترول مؤخرًا فيها ـ هو الذي يقف وراء رغبة الشعب من أجل تحقيق موريتانيا جديدة..

وهل الثراء النوعي يدفع إلي الكسل وإلي النوم في العسل..

** حقًا من الشعوب من يسعي إلي الأفضل.. ومنها من يفضل النظر إلي الخلف..

ولله في خلقه.. شئون!!