سمير عطا الله
قبل أن يصبح وزيرا للإعلام كان الدكتور محمد عبد الغفار سفير البحرين في واشنطن. وقبلها كان سفيرا في الأمم المتحدة. وخلال عقد أو أكثر تابع تطورات وتحولات السياسة الأميركية، ووجد نفسه أحيانا يفاجأ بما هو غير متوقع. وأحيانا بما هو أبعد من ذلك. كيف؟ متى تكون الأشياء أكثر من مفاجئة؟ مثلا، عندما سعت واشنطن لدى الدول الإسلامية من أجل الاعتراف بحكومة laquo;طالبانraquo;. وكانت دعوتها يومها تقوم على أساس أن laquo;طالبانraquo; استطاعت السيطرة على الوضع الأمني في أفغانستان. ولا بد من تشجيعها ودعمها. ثم فوجئ الدكتور عبد الغفار عندما أعلنت أميركا الحرب على laquo;طالبانraquo;.
كان موضوع الحديث، هل أميركا أخطأت في العراق، أم تعمدت ما حدث؟ جواب الوزير، الاثنان معا. مثل آخر. قبل أن يأتي المستر بريمر إلى بغداد التقى الديبلوماسي البحريني. وسأله الدكتور عبد الغفار: laquo;هل قرأت شيئا عن تاريخ العراق؟raquo; لا. هل قرأت كتاب الدكتور حنا بطاطو، الأستاذ في جامعة بيروت الأميركية، والذي يعتبر أهم المراجع عن تاريخ ومجتمع العراق؟ لا. ومع ذلك عندما غادر المستر بريمر بغداد وضع مجلدا عن.. العراق. لكن هذا المثال ليس معبرا. يعتقد الدكتور عبد الغفار أن الأميركيين يجرون الدراسات والأبحاث حول أي قضية بسيطة، فهل يعقل أنهم ذهبوا إلى الحرب في العراق من دون أي إعداد؟ هل يعقل أنهم لا يعرفون طبيعة التركيبة السكانية والنسيج العراقي؟ هل يعقل أنهم لا يعرفون ماذا سيحدث إذا أقدموا على حل الجيش العراقي؟ ماذا تفعل كل تلك المؤسسات والأجهزة التي تصرف عليها مئات الملايين من أجل وضع دراسات وتقارير خاصة للبيت الأبيض ومجلس الأمن القومي ووزراء الدفاع والخارجية والاستخبارات؟
هل كان هناك، إذن، قرار في التدمير؟ هل هذا ما قصد تماما laquo;بالفوضى الخلاقةraquo; التي تحدث عنها الأميركيون في المرحلة الأولى من الحرب؟ هل هو مجرد تخبط آخر، كمثل الانتقال من المطالبة بدعم laquo;طالبانraquo; إلى إعلان الحرب عليها؟
يقول الدكتور عبد الغفار إنه لا يمكن أن تكون أميركا قد تعاونت مع رجال المعارضة العراقية من دون أن تدرس كل شيء عنهم: ماذا ومن يمثلون؟ ما هي قوتهم على الأرض؟ هل يستطيعون الصمود وإلى متى؟ إن أي دولة صغيرة تقوم بهذه الدراسات عن خصومها وحلفائها حتى لو لم تكن ذاهبة إلى الحرب، فكيف إذا كانت مقبلة على حرب سوف تغير صورة بلد بأكمله؟
التعليقات