الأثنين 9 أبريل 2007

جيل كارول - كريستيان ساينس مونيتور

بدأت تبرز في الآونة الأخيرة إشارات مقلقة من المغرب تشير إلى إمكانية تحوله إلى أرض خصبة تنشط فيها جماعات إرهابية أكثر تعقيداً من سابقاتها. والمثال الأوضح على ذلك هو محاكمة خمسين إسلامياً وجهت إليهم تهم التخطيط لمهاجمة السفارة الأميركية في العاصمة الرباط، وقاعدة عسكرية، فضلاً عن منشآت سياحية. وخلافاً للجماعات الأخرى التي كانت وراء التفجيرات الإرهابية السابقة في هذا البلد الإسلامي المعتدل، لم تأتِ الجماعات الأخيرة من الأحياء الهامشية لمدينة الدار البيضاء، بل من الشرائح العليا للمجتمع. وتضاف إلى ذلك شواهد متزايدة على وجود تنسيق مشترك بين الجماعات الناشطة في شمال أفريقيا وتنظيم quot;القاعدةquot; في العراق وباكستان، مما يثير مخاوف كبيرة من عودة أعضاء ذلك التنظيم إلى بلدانهم مزودين بمهارات قتالية جديدة. ويعبر عن هذا التخوف quot;إيفان كولمانquot;، وهو مستشار في مكافحة الإرهاب ومتخصص في الجماعات الإسلامية المتشددة بقوله: quot;نحن أمام منعطف خطير، فإذا نظرنا إلى الشريحة الاجتماعية التي تلتحق بالجماعات الإرهابية، سنجد أنها أكثر تعلماً، وازدهاراً من سابقاتهاquot;.

وتضم الجماعة التي تحاكم في المغرب والمسماة quot;أنصار المهديquot;، أشخاصاً ينتمون إلى الطبقة الوسطى المغربية، بينهم أفراد في الجيش، فضلاً عن زوجات لأربعة طيارين في شركة الخطوط الملكية، وذلك حسب التصريحات التي أدلى بها مسؤولون حكوميون إلى وسائل الإعلام. وكان الانتحاريون الذين قتلوا 33 شخصاً في تفجيرات الدار البيضاء عام 2003، والانتحاري الذي فجر نفسه خلال شهر مارس الماضي، إضافة إلى منفذي تفجيرات مدريد عام 2004، من سكان الأحياء الهامشية في مدينتي الدار البيضاء وتطوان. ويوضح quot;كولمانquot; هذا التغيير الذي لحق بالتركيبة الاجتماعية للإرهابيين قائلاً: quot;إن الصورة النمطية للانتحاريين هي أنهم فقراء ومحدودو الذكاءquot;، وهي صورة كانت سائدة في المغرب حتى هذه اللحظة. غير أن حصرهم في هذه الخانة الضيقة quot;على أمل أن يبقى خصومك يصنعون القنابل الصغيرة وغير الفعالةquot;، لن يساعد في القضاء على الإرهاب.

ومن ناحيتها قامت الأجهزة الأمنية في المغرب وفي جارتها الجزائر، بملاحقة الجماعات الإسلامية التي ينظر إليها كتهديد لنظامي البلدين. لكن ذلك لم يفضِ إلى نتائج ملموسة، لاسيما في ظل ما تشير إليه جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان من اعتقال أشخاص أبرياء وإخضاعهم للتعذيب، ما يؤدي إلى خلق مزيد من الإرهابيين. وبخصوص الجهود الأمنية التي تقوم بها بلدان شمال أفريقيا لاستئصال الإرهاب، يقول quot;روهان جارانتاquot;، وهو أستاذ مشارك في كلية العلاقات الدولية بجامعة سنغافورة ومؤلف كتاب حول quot;القاعدةquot;، إن الجماعات الإرهابية في شمال أفريقيا quot;عانت من ملاحقة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي تنسق مع الولايات المتحدةquot;. لكنه يضيف: quot;أثبتت تلك الجماعات قدرتها على البقاء والاستمرارquot;. كما يقول إن quot;الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلةquot; وquot;الجماعة الإسلامية التونسية المقاتلةquot;، فضلاً عن quot;الجماعة الجزائريةquot; التي تحولت إلى quot;تنظيم القاعدة في المغرب الإسلاميquot;، أصبحت كلها quot;تملك حضوراً في المناطق القبلية بباكستان، فضلاً عن تواجدها في العراقquot;.

ومن هنا ينبع الخوف لدى السلطات المغربية من أن quot;الإرهاب الهاويquot; الذي اعتمدت عليه بعض الجماعات الإرهابية قد يتحول، مع عودة المقاتلين من العراق، إلى quot;إرهاب احترافيquot;. وفي هذا الإطار يشير quot;كولمانquot; إلى أن جماعات شمال أفريقيا الإرهابية لديها انتحاريون في العراق، والمشكلة quot;هي رجوع المقاتلين المغاربة من العراق وتنسيقهم مع الجماعات الأخرى في الجزائرquot;. وفي الوقت الذي اعتقد فيه المراقبون أن العناصر الإرهابية في الجزائر وصلت إلى حافة الانقراض، استطاعت تلك العناصر مؤخراً تنفيذ سلسلة من الهجمات ضد العمال الأجانب وأفراد الشرطة والجيش الجزائريين.

وقد صرحت وزارة الداخلية المغربية بأنه لا توجد صلة بين الجماعات المغربية وquot;القاعدةquot;. والواقع أن العملية الانتحارية الأخيرة التي استهدفت، في 11 مارس الماضي، مقهى للإنترنت في أحد الأحياء الهامشية بالدار البيضاء لم تقتل سوى المنتحر نفسه بعدما ارتبك لدى مطالبة صاحب المقهى له بالتوقف عن ارتياد المواقع الجهادية على الإنترنت. لكن الوزارة أضافت أن الجماعات الإرهابية الجزائرية التي أعادت تسمية نفسها بـquot;تنظيم القاعدة في المغرب الإسلاميquot;، قد تشكل مرجعاً يسترشد بها المغاربة الذين يتطلعون إلى ممارسة ما يرونهquot;جهاداًquot;.