علـي الــرز من مسقط: أم الصبيان لمن لا يدري، أشهر امرأة في عمان، فائقة الجمال ساحرة، لا يمكنك مقاومتها أوصدها لانها لا تعتمد على حلاوة شكلها فقط بل على حلاوة روحها. إن كنت تبحث عن الجمال الهادئ أو المتوحش فستجده عندها، وان كنت تبحث عن خفة الدم والظل فهي الملكة بلا منازع، وان كنت تبحث عن الاسرار والاثارة وlaquo;ليلة حب حلوة بألف ليلة وليلةraquo; فستفاجئك بأنها تقدم لك اكثر مما وصل اليه خيالك، وان خطرت على بالك وانت تحتسي القهوة معها بروك شيلدز أو ميشال فايفر أو شارون ستون أو نانسي عجرم أو هيفاء وهبي أو كلوديا شيفر أو حتى اي امرأة بدينة (ان كنت من اتباع طرفة بن العبد)... فستكتشف في لحظات انك تجلس مع من خطرت على بالك لانها تقرأ احلامك وتحققها لك بغض النظر عن قناعاتها في الموضوع. المهم ان تأسرك أم الصبيان وتشبعك وتحول دون شرود عينيك أو قلبك إلى اي امرأة أخرى سواء بقصد الحب أو الزواج.

ومع ذلك، فرأس ام الصبيان مطلوب بعنف في عُمان. ملاحقة هي ومحاربة ومطاردة، ولو قيض لملاحقيها سحقها وحرقها لما قصروا بعدما سحقت احلام الفتيات الوردية وحرقت قلوبهن وابعدت عنهن اجمل شباب السلطنة. هل تحتاج الصورة إلى توضيح؟ ربما.

البداية في متحف الزبير في العاصمة مسقط، أو النافذة الجميلة المطلة على تاريخ السلطنة، ليس من باب الحجر وعهوده وانما من باب البشر وتراثه. هناك، وبعد صور القلاع والحصون والاسلحة والمقتنيات واللباس وكل لوازم البيت العماني القديم، تستوقفك عند قسم الحلي والمجوهرات قلادات مشهورة تراها حتى الان تزين العمانيات والعمانيين. تقرأ عند المرجان حرفيا: laquo;يستخدم في الحلي العمانية كتعاويذ شعبية للاعتقاد السائد من قبل البعض بأنها تحميهم وتجلب الحظraquo;.

تصل إلى laquo;الحرزraquo; وهو قطع فضية مختلفة التصاميم على شكل كف اسمه laquo;كف فاطمةraquo; تيمنا بابنة الرسول الكريم، ثم تقف امام حجاب فضي فيه طلاسم وحروف ورموز laquo;تحمي من المرض والعلةraquo;، وبعده laquo;عظم الغلبraquo; وهو حجاب للاطفال مكون من اسنان الحيوانات وقرونها ومخالبها، فـ laquo;خاتم زارraquo; المربع الشكل laquo;للحماية من الارواح الشريرةraquo;.

لكن القلادة الاشهر اسمها laquo;قرش كتابraquo; ومكتوب تحتها في المتحف: laquo;يعتقد معظم مالكيها بأنها مصدر حماية لهم من الشرور والأذىraquo;. وخلف القلادة نقش لرمز laquo;سجن ام الصبيانraquo;، أي سجن روح امرأة شريرة جنية اسمها أم الصبيان.

ماذا فعلت أم الصبيان لتكتب فيها الطلاسم والرموز والادعية والحجابات؟ laquo;فعلت الكثيرraquo; يقول مرافقي العماني المبتسم دائما، ويضيف: laquo;هناك اعتقاد سائد في عمان ان هذه الجنية من الاسباب الرئيسية لتعطيل الزواج وكسر القلوب، فهي تظهر بكل الاشكال على الشاب العماني في منامه وخياله وأحاسيسه وتربطه بها وتحول دونه ودون اي ارتباط عاطفي آخر لانها - والعياذ بالله- خبيثة إلى الدرجة التي تعرف متطلبات الشاب الجسدية والنفسية والروحية وتحققها له.

هل تستطيع ان تكون راقصة؟ ممثلة؟ كبيرة؟ صغيرة؟ نحيفة؟ متينة؟ حنونة؟ سادية؟ يستمر مرافقي بالابتسام لكنه يحذرني: laquo;عليك دائما ان تستعيذ من الشيطان وانت تتحدث عنها، الأمر ليس مزاحا عند الذين يعتقدون بوجودها. هي تجسد للشاب احلامه مهما كانت فقط كي تحرمه من شريكة حياة، ولذلك يلجأ المتضررون منها (والمتضررات تحديدا) إلى المشايخ لفك الربط وطردها وملاحقتها إذا انتقلت إلى منطقة أخرى، فكما للجن الشرير عالمه المترابط فللجن الخيّر عالمه ايضا وطرق اتصاله الخاصةraquo;.

ومعلوم ان العماني ممنوع من الزواج من امرأة عربية أو اجنبية الا باذن حكومي، فقد صدرت الاوامر بذلك منذ نحو عشر سنوات لتشجيع العماني على الزواج من ابنة بلده في مقابل ان تخفض العائلات العمانية من المهور الكبيرة التي كانت تفرضها على طالبي الزواج. لكن استثناءات تحصل في هذا الاطار إذا ما قدم laquo;المعرسraquo; حججا قوية تثبت ضرورة زواجه من خارج عمان، كأن تكون له جذور عائلية مع العروس التي سيقترن بها.

هل لذلك علاقة بـ laquo;الشريرة الخبيثة خرابة البيوت العامرة أم الصبيانraquo;، يجيب مرافقي: laquo;لا بالطبع، لذلك علاقة بتصويب مسار اجتماعي نتيجة خطأ مشترك في التقاليد أدى إلى ارتفاع المهور من جهة وعزوف الشباب من جهة أخرى وتفضيلهم زوجات اقل كلفةraquo;. ومع ذلك يتمنى عليّ مرافقي ان انسى موضوع ام الصبيان فهي laquo;خرافة واشاعة وتقليد مضى ولم يعد له وجود... ثم ان استهزاءك بها قد يدفعها، لا سمح الله إلى اللحاق بك إلى اي مكان وتُلبسك، خصوصا انها ليست جنية موجودة في منطقة واحدة أو تحمل جنسية ما، هي جنية موجودة في كل مكان في الخليج وخارج الخليجraquo;.

إما انه موضوع خرافي فعلا وإما ان المرافق بدأ يخاف، لكن ذلك لن يمنعك من الخوف ايضا. ترى لو تلبستك أم الصبيان بشكل كاترين زيتا جونز، ماذا سيكون موقف.... مايكل دوغلاس؟