رنده تقي الدين

ما هي الرسائل التي وجهها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الى العماد ميشال عون لدى استقباله له؟

أولاً ألا يتخذ مواقف توحي بأنه تحت تأثير سورية، وثانياً أن يستخدم علاقاته مع laquo;حزب اللهraquo; من أجل إعادة مسار الحوار السياسي ومن أجل الوفاق بين اللبنانيين ومنع التقسيم.

وهذه الرسالة الأخيرة ليست جديدة، فقبل مغادرة عون منفاه الفرنسي، نبه الوزير السابق ميشال بارنييه الى ضرورة تجنب انقسام الصف المسيحي بعد عودته الى لبنان.

وشكل اللقاء فرصة لوزير الخارجية الفرنسي الجديد من اجل القيام بمسعى حميد لحض عون على العمل على وحدة الصف في لبنان بدلاً من المساهمة في تقسيمه.

وفي اطار العرض الذي قدمه الوزير الفرنسي لما جرى في اللقاء قال عون انه يمثل 70 في المئة من مسيحيي لبنان وأنه المرشح الأفضل للرئاسة، إذ انه مرشح السيادة والاستقلال وأن laquo;حزب اللهraquo; حزب لبناني، وليس صحيحاً أنه متأثر بإيران. فلا جديد في مواقف عون المعروفة منذ عودته من منفاه الى بيروت، لكن هذه المواقف تبدو مثيرة للاستغراب بالنسبة للإعلام الفرنسي.

وكانت النجمة التلفزيونية ماري دروكير عرضت مواقفه عندما كان منفياً في فرنسا، وكان يندد بالحكم السوري وسياسة سورية وينتقد حلفاءها مثل laquo;حزب اللهraquo;.

وفي كل الأحوال فالمهم أن عون أعلن أخيراً موقفاً وطنياً ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار، اذا استمر على هذا الموقف ولم يغيره، وهو موقفه من الجيش اللبناني في مواجهته مع مجموعة laquo;فتح الإسلامraquo; الإرهابية التي لا علاقة لها بالشعب الفلسطيني ولا بقضيته.

فعون تبنى موقفاً وطنياً متميزاً عن موقف حليفه laquo;حزب اللهraquo;، وهذا ينبغي أخذه بالاعتبار من قبل مجموعة 14 آذار.

صحيح أن التعامل مع عون محير ولكن على مجموعة 14 آذار الآن أن تتحاور معه من أجل ايجاد مخرج للتعطيل والجمود الخطير في لبنان.

وصحيح أيضاً أن صهر العماد عون جبران باسيل حاول ايجاد مبررات لـ laquo;حزب اللهraquo; على صعيد موقفه إزاء الجيش اللبناني في صراعه مع laquo;فتح الإسلامraquo;. لكن عون عاد وأكد في باريس أنه مع الجيش وأنه يؤيد الحل السياسي، وإن لم يتوفر، فعندها يوافق على الحل العسكري. كما اعتبر عون أن التحقيق من قبل السلطات اللبنانية في قضية laquo; فتح الإسلامraquo; شرعي وضروري.

ومع توقع اقرار المحكمة ذات الطابع الدولي اليوم في مجلس الأمن، المطلوب إخراج لبنان من محنته وتجاوز تعطيل الحياة السياسية. فلا عون امامه فرصة حقيقية ليكون رئيساً للجمهورية، ولا فريق 14 آذار بإمكانه فرض رئيس على الأطراف الآخرين. وأفضل الحلول هو التوصل الى تسوية حول الموضوع الرئاسي، لأن تعطيل انتخابات الرئاسة يعني استمرار المحنة وربما المزيد من التدهور والكوارث.

والمطلوب الآن انقاذ لبنان، والمطلوب مسعى توافقي بعد أن زال هاجس التعطيل الذي كان يتمحور حول المحكمة. وعلى الجميع في لبنان أن يفهموا أن حروب الآخرين على أرض لبنان تشكل خطراً على الجميع. وينبغي التوصل الى اتفاق حول مرشح لبناني للرئاسة، يحمل مشروعاً وخطة قائمة على مبدأ السيادة والاستقلال. فلبنان شبع من التعيين والتمديد لرئيس يعطل الحياة السياسية في البلاد.

ولا بد من جهود محلية كبرى تقاوم مساعي سورية واسرائيل الهادفة الى المزيد من التخريب وتأزيم الأوضاع في لبنان عبر أحداث على الأرض تخدم مصلحة الجيران وتفرغ لبنان من أبنائه.

والأمل كبير في أن يشكل موقف عون من الجيش يقظة دائمة من أجل مصلحة البلد، وليس فقط من أجل الرئاسة. والمرجو أن تعمل قوى 14 آذار على التلاحم والوفاق بعيداً عن تسابق مرشحيها للرئاسة. فقد تعب اللبنانيون من سياسيي بلادهم ويريدون حياة كريمة في بلد آمن!