أنباء عن مخاوف أمريكية من فوضى وصفير يؤيد حكومة وحدة وطنية

بيروت - الخليج

تعرضت المبادرة التي أطلقها الرئيس اللبناني إميل لحود أمس، والتي تقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة إنقاذ من ستة وزراء، لإطلاق نار سياسي من فريق الأكثرية الذي شكك في خلفياتها وتوقيتها، فيما دعا لحود معارضي مبادرته التي رآها مخرجا للأزمة السياسية المستمرة في لبنان منذ شهور، إلى تقديم بديل بدلاً من رشق مبادرته بالاتهامات. وأفيد أن لحود صدر في إعلانه مبادرته ولديه معلومات عن مخاوف أمريكية من فوضى كبيرة في لبنان، وقال البطريرك الماروني نصر الله صفير لصحيفة فرنسية إنه لا بد من حكومة وحدة وطنية في لبنان تساعد على تجاوز ما سماها المرحلة الصعبة.
وعلى الرغم من حدة مواقف فريق الأكثرية ضد طرح لحود، إلا أن مصادر مطلعة أشارت إلى تباين بين الأكثرية والبطريرك الماروني نصر الله صفير لجهة الموقف من حكومة إنقاذ وطنية. ونقلت عن صفير أنه كان مرتاحاً لمبادرة لحود، وينظر بجدية إليها بهدف ضرورة إخراج لبنان من المأزق المستعصي الراهن، وخصوصا بعد التدهور الأمني في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في الشمال، والتداعيات التي يتخوف من أن يجرها على الوضع الداخلي اللبناني.
وكان صفير قد دعا في حديث إلى صحيفة ldquo;لاكرواrdquo; الفرنسية، للمرة الأولى منذ بدء الأزمة السياسية اللبنانية، إلى إنشاء حكومة وحدة وطنية، ولمح إلى أن النصاب الدستوري لانتخاب رئيس الجمهورية هو ldquo;الثلثانrdquo; من أعضاء البرلمان اللبناني، في تباين مع مواقف أقطاب في الأكثرية ممن يدعون إلى انتخاب الرئيس بrdquo;النصف زائداً واحداًrdquo; من أعضاء مجلس النواب. وقال إن ldquo;الحل السليم يكون في حكومة جديدة، حيث تتعرض الحكومة الحالية لهجوم قاس، وتقوم بما تستطيع للحفاظ على الأمن قدر الإمكان، ولا بد من حكومة وحدة وطنية تساعدنا على تجاوز هذه المرحلة الصعبةrdquo;.
واعتبر الرئيس إميل لحود أن المبادرة التي طرحها لتشكيل حكومة وحدة وطنية إنقاذية تضم ممثلين عن الطوائف الرئيسية الست في لبنان تشكل ldquo;المخرج الواقعي للأزمة السياسية التي تعصف بلبنانrdquo;، وأعرب بحسب بيان صدر عن مكتبه الإعلامي عن أمله في أن تجد مبادرته صداها لدى القيادات السياسية، فيتحقق تلاقي اللبنانيين على تعزيز وحدتهم وترسيخ وفاقهم. وقال إن تشكيل حكومة إنقاذية ldquo;تمثل جميع الأطراف اللبنانيين على نحو متساو، بعيدا عن المحاصصة ومعادلة الأكثرية والأقلية، يعطي فرصة جديدة لتحصين لبنان الواحد القوي، لأن الأحداث أثبتت أنه ليس في مقدور أي فريق إقصاء فريق آخر أساسي وفاعل على الساحة السياسية عن المشاركة في المسؤولية الوطنيةrdquo;.
وشدد على أن ldquo;اللبنانيين باتوا مقتنعين بأن الحوار المتكافئ هو الطريق الأسلم للوصول إلى حلول للمسائل التي تتباين وجهات النظر حولها، بعدما اختبروا عقم استمرار الخلافات والتباعد في ما بينهمrdquo;. وأضاف ldquo;تقدمت بمبادرة متكاملة لإخراج البلاد من أزمة متعددة الوجوه، فإذا كان لدى الرافضين بديل عنها يحظى بإجماع اللبنانيين فليتقدموا به، لأن أي صيغة مبتورة لن تحقق الحل المنشودrdquo;.
وقالت مصادر مقربة من الرئيس اللبناني إن لقاء ثلاثياً قد يجمعه مع رئيسي الحكومة والبرلمان فؤاد السنيورة ونبيه بري، إذا تجاوب رئيس الحكومة مع فكرة إقامة حكومة إنقاذ وطني تأخذ على عاتقها حل أزمة مخيم نهر البارد وتمهد للاستحقاق الرئاسي في أجواء هادئة، غير أن مصادر قريبة من بري قالت إنه يشترط قبل أي لقاء كهذا استقالة السنيورة، وبعدها تبحث كل الأمور من البيان الوزاري للحكومة الجديدة ومضمونه قبل أن يدعو رئيس الجمهورية إلى استشارات التكليف ويسمي في ضوئها من يفوز بتأييد الأكثرية النيابية، السنيورة أو غيره.
وقالت مصادر لحود إنه لن يسلم صلاحياته إلى حكومة السنيورة عند انتهاء ولايته، في حال لم يُصَر إلى إقامة حكومة جدية، إنقاذية أم حكومة وحدة وطنية، وجددت وصف لحود لحكومة السنيورة بأنها غير شرعية وغير دستورية، وأضافت أن عند الرئيس اللبناني مخارج قانونية أخرى يكشف عنها في الوقت الملائم، إذا لم تتشكل حكومة جديدة.
وذكرت مصادر مطلعة على خلفيات إطلاق لحود مبادرته أنه استند إلى معطيات ومعلومات عن قلق أمريكي عبّر عنه مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية ديفيد ولش في زيارته الأخيرة إلى لبنان من قيام حكومتين وتعطل الانتخابات الرئاسية، ما يدخل لبنان في فوضى تضاف إلى فوضى العراق وأفغانستان وغيرهما، ما يعطي سوريا حافزاً إضافياً للتدخل في شؤون لبنان الذي سيكون معرضاً لاحتمالات خطيرة. وقالت إن هذا القلق الأمريكي يتقاطع مع رغبة قوى المعارضة في التخلص من حكومة السنيورة، وفي قيام حكومة إنقاذ طالب بها علناً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وعليه فإن لحود متفائل بإحداث اختراق ما يجعل قوى الموالاة تقبل بمبادرته، لا سيما أن البطريرك صفير لا يتحرك عادة في فراغ إن لم يكن مستنداً إلى جو أمريكي إيجابي.
واتهم نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم فريق الأكثرية بتعطيل إمكان إقرار المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وفق الآليات الدستورية اللبنانية، وبرفض البحث في الحلول السياسية التي يمكنها إنقاذ لبنان من أزماته الراهنة. ودعا في احتفال حزبي أول أمس الأغلبية إلى البحث عن صيغة اتفاق، بدلاً من التأسيس لحالة من الفراغ الدستوري ستعرض لبنان لنكسات كثيرة.
ورأت مصادر فريق الأكثرية أن لحود يحاول أن يستغل الأحداث الأمنية في الشمال سياسياً لتسويق مبادرته التي ldquo;تأتي كمن يحاول تسديد هدف في الوقت الضائعrdquo;، ووصفت المبادرة بأنها هروب إلى الأمام، والتفاف على قرار مجلس الأمن 1701 والنقاط السبع للحكومة، وعلى مقررات مؤتمر الحوار الوطني، والقرارات التي تم الإجماع عليها. وأفادت أن الأكثرية لن تبادر إلى البحث في أي حل سياسي للأزمة قبل إقرار نظام المحكمة الدولية، ولفتت إلى أنه لدى الأكثرية مشروع حل سياسي سوف يتم الكشف عنه بعد الانتهاء من ملف إقرار المحكمة.
وأعلن رئيس الهيئة التنفيذية لrdquo;القوات اللبنانيةrdquo; سمير جعجع رفضه للطرح الذي حمله لحود إلى البطريرك صفير، واعتبره يدل على أن لحود هو من أرسل منظمة ldquo;فتح الإسلامrdquo; لافتعال الأزمة القائمة، بغية الضغط على الأغلبية لحصول المعارضة على الحكومة التي تبتغيها.
ووصف وزير الاتصالات مروان حمادة طرح لحود بrdquo;المشبوهrdquo; والمتأخر، وشدد في المقابل على أولوية التفاهم على المسلّمات المشتركة لحكومة الوحدة، قبل طرحها، ورأى النائب من ldquo;تيار المستقبلrdquo; وليد عيدو أنه طرح جاد لتحويل الأنظار عن المحكمة الدولية وتأخير إقرارها، بهدف التسويف في طلب مهل إضافية من مجلس الأمن لإقرارها ضمن التوافق اللبناني الداخلي.
كما شن رئيس تيار المستقبل في لبنان النائب سعد الحريري هجوماً عنيفاً على سوريا، واتهمها بالعمل على تحريك ldquo;طابور خامسrdquo; في لبنان سيقوم بrdquo;محاولات استفزازrdquo; فور إقرار المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة والده في مجلس الأمن الدولي.
ودعا الحريري أنصار تيار المستقبل ldquo;وكل من يريد الاحتفال بالمحكمة الدولية لحظة إقرارها الى التزام أقصى درجات الهدوء والاكتفاء بالتزام المنازل ورفع الأعلام اللبنانية على الشرفات واضاءة الشموعrdquo;.
وفي المواقف المعلنة أمس، قال العلامة السيد محمد حسين فضل الله، ldquo;إن الإدارة الأمريكية لا تزال تمارس دورا تعطيليا يمنع حل الأزمة اللبنانية، وأفسدت في السابق أكثر من فرصة للحلrdquo;، كما أنها ليست جادة عندما تتحدث عن أنها تدافع عن المظلومين كما هو الحال في مسألة إقليم دارفور في السودان، لأنها إذا كانت جادة فلماذا لا تمنع حرب الإبادة التي تشنها ldquo;إسرائيلrdquo; ضد الفلسطينيينrdquo;.