سحر بعاصيري

قال الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد فرحاً إن quot; أبناء لبنان وفلسطين ضغطوا زرّ العد التنازلي لتدمير النظام الصهيونيquot; وتركنا في حيرة لا نفهم اذا كنا فعلنا ذلك ومتى فعلناه او اننا مجرد quot;أزرارquot; يضغطها نجاد عندما يريد.

لكن الارجح أن نجاد لا يرى أبناء الشعبين اللبناني والفلسطيني زملاء في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية فحسب بل في اعتبارهم quot;أزراراًquot; في مواجهته مع اميركا.
وليس في هذا افتراء على quot;اندفاعquot; نجاد او انتقاص منه. الكل يعرف ان قضية ايران ليست وجود اسرائيل. ونحن نعرف ان عبارة quot;ازالة اسرائيلquot; سقطت من القاموس العربي عندما فقد العرب او أدركوا ان لا قدرة لديهم على ذلك، وتدريجا فقدوا الحماسة لذلك، وتدريجا ايضا صار همهم ان تقبل اسرئيل بسلام معهم.
أما اذا كان نجاد قادراً على ذلك فليتفضل وهو يستطيع ان يتأكد من الآن من ان العرب سيكونون له من الشاكرين. ولكن ألا يفرض ذلك عليه ان يحافظ على بعض quot;الانسجامquot; في مواقفه؟
نذكر انه دعا ذات لحظة في 2005 الى ازالة اسرائيل عن الخريطة ولا يزال المسؤولون الايرانيون حتى الآن يحرصون كلما سنحت لهم الفرصة في المنتديات العالمية او في لقاءات مع شخصيات غربية على ايضاح ان هذا الموقف لا يمثل سياسة ايران. بل ان نجاد نفسه قال في وقت لاحق إن ايران ليست تهديدا للدول الاجنبية ولا حتى للنظام الصهيوني. فما قصده الآن بعزف النغمة ذاتها ولكن على أوتار اللبنانيين والفلسطينيين؟
اذا كان مجرد كلام عاطفي تعبوي عرضي اطلقه في ذكرى وفاة الخميني فلا يبدو الامر مقنعاً لان نجاد نفسه استخدم لبنان قبل اسبوعين ليعرض عضلاته ويتوعد اسرائيل بأنها quot;اذا اعتدت هذا الصيف على لبنان فسنقتلعها من جذورهاquot;. هكذا. ربما حتى آخر لبناني! ام يكون نجاد quot;يمنحquot; لبنان واللبنانيين افضلية على نفسه وعلى الايرانيين في هذه المهمة لمجرد انه يعتبر quot;لبنان اعز بقعة في العالم الاسلاميquot;؟
واذا كان هدفه تسجيل نقاط في معركته الداخلية وهو الذي يواجه انتقادات بسبب فشل سياساته، فلا يبدو أيضا مقنعا لان التجربة علمتنا ان مايسترو ايران قادر على الاستفادة من خليط التشدد والبراغماتية اقله في اللحظات الحرجة. ألم يقل مرشد الجمهورية على خامنئي في تشرين الثاني من العام الماضي إن هزيمة اميركا ستكون في لبنان؟
لا شيء يفسر كلام نجاد سوى قرار بتصعيد الخطاب الايراني في لحظة بدأت طهران حوارا مع اميركا quot;خاصا بالعراقquot; وتجهد لتبعد عن نفسها قرارا جديدا بتشديد العقوبات بسبب برنامجها النووي. فمثل مرشد الجمهورية يواصل نجاد التحدي بكلام موجه الى الغرب واكثر الى الداخل الايراني فيما المفاوض النووي الايراني لا يخاطب الغرب إلا بلغة quot;الحل ممكنquot;.
لكن المؤسف ان ضغط quot;زرّquot; التلويح quot;بقدرات أبناء الشعبينquot; الفلسطيني واللبناني في تدمير اسرائيل من أجل محاولة تحسين شروط التفاوض او ضمان quot;الزرّquot; النووي، هو مثل التهديد quot;باقتلاع اسرائيل من جذورهاquot; اذا هاجمت لبنان، لا يحمي لبنان وابناءه وابناء حلفاء ايران فيه من محاولة اسرائيل الهروب الى الامام من مشاكلها وquot;اختبارquot; ايران في لبنان مرة جديدة. فهل هذا المطلوب ام ان كل شيء مقبول من أجل الصفقة الكبرى؟