عبد الرحمن الراشد
يشتكي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من أن الاميركيين باتوا يسلحون الجماعات السنية وأن ذلك سيحتم بحرب شيعية سنية. أي أننا امام تصور أوضح حيال مستقبل أكثر عراكا في العراق وكل المؤشرات تقود اليه. ومنعه يبقى مسؤولية الحكومة، والاميركيين، والايرانيين، والقيادات العراقية المحلية. المالكي يشتكي من ان القوات الاميركية تسلح الجماعات السنية من اجل محاربة كل من القاعدة والميلشيات الصدرية، وان كان ذلك صحيحا فهي خطوة سيئة بالفعل، لكن الاسوأ سكوت حكومته على ايران لسنوات رغم تسليحها الميلشيات السنية والشيعية. فما فعله تنظيم القاعدة بهدم ضريح الامامين العسكريين عمل ينسجم مع ممارسة جماعة مجرمة مثل القاعدة سبق أن فعلت مثله في الرياض ومكة المكرمة والدار البيضاء والقاهرة وغيرها من المدن laquo;السنيةraquo; وبالتالي لا يجوز للحكومة العراقية أن تصنفه عملا سنيا، بل جريمة من فعل مجرمين. اما ما يفعله الصدريون، وأمثالهم، من جرائم فهو محسوب على الحكومة لأنهم جزء من الدولة، سمحت لهم بالترشح والعمل البرلماني ودخول الحكومة. ما الفارق بين تنظيم مجرم وفريق سياسي طالما يرتكب جرائم مماثلة.
المالكي من جانب آخر يدرك أن ايران مسؤولة عن تدمير العراق وقتل آلاف الناس وتخريب حكومته. مع هذا لم يقف موقفا حازما ضد طهران فيرسل من خلالها رسالة لكل العراقيين، ودول المنطقة، تثبت انه يدافع عن كل العراق وكل العراقيين. والمالكي يرى بأم عينيه كيف ان ايران تريد محاربة الولايات المتحدة على أرضه وعلى حسابه، والمسؤولون الايرانيون يقولونها صريحة إن الحكومة الاميركية تعرف أن لنا اليد الطولى في العراق اليوم وعليها ان تتفاوض معنا، وهكذا عقد اجتماع بغداد أخيرا. طهران تعتقد انها كسبت الحرب في العراق من خلال تسليح المتمردين الشيعة والسنة معا، وهي لعبة سهلة لمن لا يحمل في نفسه إلا رغبة التدمير. الخشية أن تصريحات طهران وأفعالها اوصلت الامور حد دفع الاطراف الداخلية والخارجية الى ممارسة الخطيئة نفسها التي ستحيل العراق الى ساحة حرب ضروس بالوكالة الى عشر سنين اخرى، معارك نعرف سلفا ان أحدا لن ينتصر فيها. هنا مسؤولية المالكي كبيرة، ان يطالب طهران بان تتوقف عن مشروعها، خاصة ان الذين يحكمون بغداد هم اصدقاؤها مثل المالكي. وإذا ارادت ان تحارب الاميركيين من اجل ملف نووي او غيره، فعلى ايران ان تقاتل الاميركيين مباشرة وليس عبر ارض العراقيين وبدم العراقيين. امام المالكي ان يكسب ثقة الجميع بانه، كما أعلن بالفعل، عراقي اولا واخيرا. عليه ألا يرتكب غلطة زميله في غزة اسماعيل هنية بدفع الجميع للاعتقاد بأنه يريد الحكومة على حساب الدولة، او خدمة الحزب على حساب البلد، او انه رجل دوغمائي لا يرى العراق سوى من خلال عيون من حوله. وأعظم مهمة يمكن أن يقوم بها المالكي هي توحيد العراقيين لا زيادة تفككهم. لكنه بكل أسف عجز حتى في كسب تأييد موظفيه مثل طارق الهاشمي الذي ضحى بنصف عائلته من اجل أن يعمل معه. فاذا عجز عن إقناع الهاشمي فكيف سيقنع من هم خارج المنطقة الخضراء؟
التعليقات