دمشق وطهران quot;تغازلانquot; طرابلس وquot;حزب اللهquot; لا يمانع... فماذا عن quot;أملquot;?!



بيروت - صبحي الدبيسي



يعزو مراقبون ضليعون في الملف اللبناني محاولات التحالف السوري macr; الايراني لزج ليبيا في خط الازمة اللبنانية الى هدفين اثنين اولهما فك العزلة العربية عن دمشق المتضامنة مع طهران لقلب المعادلة اللبنانية اذا ان سورية لم تقتنع بعد بخروجها من لبنان وتسعى بكل ما اوتيت لابقائه متفجرا ما قد يؤمن لها عودة اليه مجددا والهدف الثاني إعادة إحياء الدور الليبي في مجريات السياسة اللبنانية كما كان قائماً مع بداية الحرب الأهلية في لبنان سنة 1975, خاصة أن الجماهيرية كانت تدعم بعض الفصائل الفلسطينية التي ما زالت حتى الآن خارج السيطرة السورية..

وهذه الفصائل على ما يبدو بحاجة للدعم المالي بعد أن استأثرت quot;حماسquot; بدعم كبير من إيران استطاعت من خلاله تغيير موازين القوى في هيكلية السلطة الفلسطينية وهذه الاخيرة منشغلة بترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وهي غير قادرة على تأمين الدعم اللازم لفلسطينيي الشتات ما يستوجب وجود دولة راعية والجماهيرية بتقدير التحالف السوري-الإيراني على استعداد للقيام بهذا الدور.

فهل ينجح التحالف الإيراني-السوري باستعادة الحضور الليبي إلى الساحة اللبنانية بعد أن كان النظام الليبي أخرج نفسه منها عندما ايقن أن لا فائدة له من استخدام هذه الورقة, لأن النظام السوري يستأثر بكل شيء وليس من دور يذكر للنظام الليبي سوى تقديم الدعم المالي. خاصة بعد إقرار raquo;وثيقة الوفاق الوطنيlaquo; وتكليف سورية إنهاء الحرب في لبنان وتطبيق اتفاق quot;الطائفquot;, بعد أن استطاعت سورية إنهاء التدخل العراقي في المناطق التي كانت تحت سيطرة ما كان يسمى بالقوات الوطنية.

وبما ان الزعيم معمر القذافي متورط بشكل أو بآخر في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين فان السؤال المطروح تحت أية صيغة يمكن استعادة ليبيا إلى الساحة اللبنانية للوقوف إلى جانب المعارضة المتمثلة أولاً وأخيراً بmacr;quot;حزب اللهquot; وحركة quot;أملquot; اللذين يمثلان أكثر من 90 في المئة من الطائفة الشيعية التي تناصب القذافي العداء الشخصي بتهمة إخفاء الصدر ورفيقيه.

كما أن العلاقات بين الطائفة الشيعية في لبنان والنظام الليبي مقطوعة منذ عملية الاختفاء في اغسطس 1978, وأركان هذه الطائفة لا يفوتون مناسبة إلا ويتهجمون فيها على الجماهيرية ويحملونها مسؤولية اختفاء الإمام الصدر ورفيقيه, حتى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يقاطع السفير الليبي من كل لقاءاته الرسمية وغير الرسمية, ما أثار استياء ليبيا التي سحبت سفيرها من لبنان منذ سنوات. وبما أن النظام السوري الذي كان يسعى لإحداث تغيير في لبنان من خلال عصابة شاكر العبسي التي قامت باعتداء على الجيش وحاولت عزل الشمال عن بقية المناطق اللبنانية, قد فشل, بعد إحكام الجيش سيطرته على هذه العصابة, جعل دمشق تراجع حساباتها وتعيد استحضار ملف الأزمة اللبنانية-الفلسطينية خاصة بعد القطيعة التي بدأت تتوضح معالمها بين السلطة الفلسطينية وحركة quot;حماسquot; التي استولت على غزة في ظاهرة raquo;تقسيميةlaquo; خطيرة.

قد تنعكس على فلسطينيي الشتات لاسيما المخيمات في لبنان التي تدين بأكثريتها بالولاء لمنظمة التحرير. وعليه فإن النظام السوري يتجنب البقاء وحده كمحرك أساسي للملف الفلسطيني من خلال دعم الفصائل الموالية له في لبنان بعد أن اتخذت إيران من جانبها مهمة دعم quot;حماسquot; مع التأكيد ان طهران لا تشجع الحالة الانقلابية التي حصلت أخيراً في غزة.

وعلى هذا الأساس اتفقت القيادتان الإيرانية والسورية على استحضار طرف عربي ثالث فجرى التنسيق مع قطر التي تكتفي بالدعم المالي من دون التدخل العلني في هذا الملف نظراً لكونها دولة صغيرة وفي الوقت نفسه لم تبخل بتقديم ما يطلب منها. ولذلك تم التوافق على إعادة الحضور الليبي إلى المسرح السياسي في المنطقة لا سيما أن للجماهيرية الليبية تاريخا حافلا في دعم من كان يسمى raquo;الحركة الوطنيةlaquo; والمنظمات الفلسطينية على مدى 15 عاماً طوال فترة الأحداث الأهلية فكل اللبنانيين يتذكرون كيف كان السفير الليبي في بيروت يوزع المال آنذاك على قيادة هذه التنظيمات كما كان لوزير الخارجية الليبي انذاك عبد السلام جلود صولات وجولات في إذكاء نار الحرب.

وكان رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط, الذي زار ليبيا قبل اربع سنوات, فاتح القذافي في موضوع اختفاء الصدر, طالباً منه أن يفعل شيئاً ما يكون مقنعاً في توضيح ملابسات هذا الاختفاء macr; اللغز.

وإذا كان بعض قادة ما كان يسمى raquo;الحركة الوطنية اللبنانيةlaquo; يعتقد بأن اختفاء الإمام موسى الصدر على يد النظام الليبي جاء نتيجة إتفاق ضمني بين الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي تكفل إزاحة قائد الحركة الوطنية آنذاك كمال جنبلاط عن المسرح السياسي اللبناني بواسطة كمين نصب له في منطقة دير دوريت الشوفية وجرت تصفيته على أيدي المخابرات السورية, فإن العقيد القذافي من جانبه تكفل هو الآخر إزاحة الإمام الصدر أيضاً عن الساحة, لأنه من خلال إزاحة هذين الرجلين أصبح بالإمكان السيطرة على الوضع في لبنان وهذا ما جرى بالفعل, وإن كان هذا الموضوع يلزمه إثباتات واقعية وحسية لا يمكن أن تستند فقط على التكهنات والتحليلات.

ومن هنا فإن التحالف الإيراني-السوري قد يواجه مشكلة معقدة في موضوع دعوة ليبيا لاستعادة دورها على الساحة اللبنانية لأنه يتطلب قدرة على محو ثلاثين عاما من العداوة الشيعية للجماهيرية على خلفية اختفاء إمام الطائفة وعدم الكشف عن مصيره وهو الذي كان يقوم بزيارة رسمية إلى ليبيا بدعوة خاصة من القذافي للمشاركة في احتفالات الفاتح من سبتمبر 1978.

فإذا كان quot;حزب اللهquot; المتحالف عقائدياً وإيديولوجياً مع الجمهورية الإسلامية وهو جزء لا يتجزأ من raquo;البازدرانlaquo; أي المخابرات الإيرانية لا يرى مشكلة في موضوع المصالحة مع القذافي طالما أن المصلحة الإيرانية تقضي ذلك فإن المشكلة تبدو أكثر تعقيداً بالنسبة لحركة quot;أملquot; ورئيسها نبيه بري, فهذه الحركة أشرف على تأسيسها الإمام الصدر واستمرت من بعده. كذلك فإن raquo;المجلس الإسلامي الشيعي الأعلىlaquo; لا يمكن أن يكون أقل حرصاً بالنسبة لهذه القضية من الرئيس بري نفسه.

فما المبرر الذي سيقدم للطائفة الشيعية عموما وللرئيس بري وحركة quot;أملquot; والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى خصوصا وكذلك لكل المعتدلين الذين يفاخرون بأنهم من تلامذة الإمام الصدر وهم إلى الآن غير مقتنعين بسياسة الرئيس بري وحركة quot;أملquot; التي ذهبت إلى التحالف مع سورية وإيران على حساب طمس قضية الإمام الذي كان إلى جانب كمال جنبلاط وغيره من الزعماء اللبنانيين يطالبون بالدولة اللبنانية العلمانية العادلة ثم جرت إزاحتهم عن المسرح السياسي اللبناني انتقاماً لتمسكهم بهذه الدولة التي أصبحت اليوم على قاب قوسين من تحقيقها ولكن من دون حركة quot;أملquot; التي هي جزء لا يتجزأ من المعارضة المرتبطة بالتحالف السوري-الإيراني.

ويرى بعض المحللين أن إيجاد مخرج لهذه المسألة ليس بالأمر الصعب ومن الخطأ الاعتقاد أن التحالف السوري-الإيراني غير متنبه لهذه المسألة. وإن التوضيحات التي ستقدم إلى الطائفة الشيعية ستكون كافية لإقناعها وإقناع قادتها. ولكن يبقى السؤال على من سيلقي هذا التحالف مسؤولية اختفاء الإمام الصدر إذا تمت تبرئة النظام الليبي وزعيمه القذافي من تهمة إخفاء الإمام ورفيقيه? هل ستوجه التهمة إلى إيطاليا التي كان الإمام متوجهاً إليها عندما حصلت عملية الاختفاء, مع العلم أن السلطات الإيطالية آنذاك أكدت بما لا يقبل الشك من أن الإمام لم يطأ أرضها ولم يصل إلى مطارها.

وعلى هذا يقول أحد القادة الذين كانوا من رفاق الإمام الصدر والمؤمنين برسالته غداً سيقدمون لنا راجح جديداً وقد يصدر في وسائل الإعلام الإيرانية-السورية وفي تلفزيون المنار والجزيرة وغيرها من الوسائل الإعلامية التي تعمل في خدمة التحالف السوري-الإيراني أن إسرائيل هي التي خطفت الإمام الصدر فينتهي بذلك هذا اللغز الذي مضى عليه ثلاثون عاما من العداوة والحقد على نظام لا أحد يستطيع أن يؤكد براءته في هذه القضية وغيرها من القضايا بدءاً من طائرة (لوكربي) التي أجبرت القذافي على دفع 400 مليون دولار أميركي, كما أجبرته على الانصياع للجبروت الأميركي واعلانه واستعداده عشرات المرات لمصالحة إسرائيل على غرار استعداد النظام السوري واستعجاله لإتمام المصالحة وإنهاء هذه الصفقة.

ولكن هل تقبل ليبيا العودة إلى الساحة اللبنانية وإلى التعاطي في الملف الفلسطيني بما لا يوافق سياسة الولايات المتحدة التي وجهت إليها ضربة قاصمة جعلتها تنصاع لمشيئة القرار الدولي وتعترف بمسؤوليتها عن raquo;لوكيربيlaquo;?

يقول أحد قادةraquo; 14 آذارlaquo; إذا كان الخلاف السعودي macr; الليبي والليبي macr; المصري وصل إلى حدود الذروة فإن إمكانية عودة ليبيا إلى الساحة اللبنانية ليست مستبعدة خاصة أن في لبنان جماعات ما زالت تحن إلى المال الليبي وهي مستعدة ليس فقط أن تبيع وطنها من أجل حفنة من الدولارات ولكنها على استعداد توقيع عقد لا يلزمها بهذا الوطن لا من قريب ولا من بعيد وكأن ثلاثين سنة من الحروب والوصاية غير كافية للتعلم من دروس الماضي لأن في لبنان جماعات فقدت ضمائرها ومن يفقد ضميره لا يهمه إن فقد أرضه وعرضه ووطنه.

ويرى أن التفاوض بين التحالف السوري-الإيراني وليبيا بدأ حول كشف الحقيقة عن اختفاء الإمام موسى الصدر وسيكون هذا الاكتشاف ان حصل بداية تعاون وتنسيق ليبي إيراني-سوري, معتبراً هذا الموضوع بالغ الخطورة فهو يوسع رقعة التدخل الخارجي في الشأن اللبناني, بل في كل العالم العربي.. واضاف اذا التحقت ليبيا بالمحور السوري-الإيراني فستتوسع رقعة نفوذ( 8 آذار ) في العالم العربي, يعني أيضاً ستتوسع فكرة استخدام العنف من أجل تحقيق الأهداف.

إلا أنه أكد في المقابل ان ثمة فريقاً اسمه 14 آذار يريد احترام قرارات الشرعية الدولية ومصالحة المجتمعات العربية مع نفسها ومع الخارج وهذا هو خيار اللبنانيين اليوم وخيار العرب اليوم ومستقبلاً.. وليس الموضوع له علاقة بالتعقيدات السياسية اللبنانية وتغيير موازين القوى فإذا كنا كعرب نريد دخولنا في هذا العالم الأوسع علينا أن نقدم أوراق اعتمادنا خارج إطار العنف.