باريس - بشير البكر
هل تسير باريس على طريق لندن وتسور نفسها بترسانة من كاميرات المراقبة؟ لم يعد هذا السؤال يقابل بهزة رأس سريعة وابتسامة سخرية، فالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي كشف اخيرا في حديث صحافي، عن انه كلف وزيرة الداخلية ميشيل اليو ماري، بالتفكير في ldquo;خطة كبيرة لنصب كاميرات مراقبة في شبكات المواصلات العامةrdquo;، من اجل مواجهة التهديد الارهابي.
وقال ldquo;هناك 25 مليون كاميرا للمراقبة في بريطانيا،ومليون في فرنسا.وانا معجب جدا بفعالية الشرطة البريطانية، التي يعود الفضل فيها الى شبكة الكاميراتrdquo;.
أخذ ساركوزي من لندن مثالا، وهو رجل أمن قبل كل شيء، ويمتلك خبرات واسعة في هذا الميدان اكتسبها على نحو خاص، خلال فترة وجوده على رأس وزارة الداخلية الفرنسية، وهذا المثال ليس بعيدا عن الصحة، فالأيام الأخيرة كشفت عن قدرة فائقة من الاحتراف، أبدتها أجهزة الامن البريطانية لجهة سرعة التحقيق الذي قامت به، في كشف ملابسات التفجيرات التي كانت تستهدف لندن وجلاسكو، ويعزى الفضل الأساسي في ذلك الى المعلومات، التي وفرتها كاميرات المراقبة المنصوبة في الاماكن العامة، لايقاف المشتبه فيهم.
يعتبر الشعب البريطاني اكثر شعوب العالم تعرضا للمراقبة،وتفيد الاحصائيات بأن هناك كاميرا واحدة لمراقبة كل 14 شخصا،ويمكن للشخص ان يتم تصويره في حدود 300 مرة في اليوم الواحد. ومع ذلك لايحتج البريطانيون ولايبدون أي تذمر، بل ان هناك شبه اجماع في الوقت الحالي في الثناء على هذه الطريقة في حفظ الأمن، وتنتشر هذا الكاميرات في كافة الامكنة في الشوارع،وعلى الطرقات العامة.. في القطارات، في مترو الانفاق، والمراكز التجارية،والملاعب، وهي تنقسم الى قسمين،بعضها تصور وتبث مباشرة الى مراكز خاصة يتم فيها تحليل الصور مباشرة، والنوع الثاني هو الذي يسجل كل شيء ويقوم بتخزينه في جهاز خاص.
إن المأخذ الوحيد على هذا النظام بالنسبة للهيئات المعنية بحقوق الانسان في بريطانيا، هو انها تعتبره بمثابة الواجهة لنظام بوليسي، بدأ يتدخل في الشاردة والواردة التي تخص حياة الانسان البريطاني، وهذا أمر لم يكن قائما قبل استفحال الارهاب، واستهداف بريطانيا في صورة واضحة.
وعلى غرار هيئات حقوق الانسان البريطانية، أبدت بعض الهيئات الفرنسية المعنية قلقها من ارتفاع وتيرة المراقبة الامنية، ووجهت ldquo;اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريةrdquo;، تحذيرا الى ما سمته ldquo;مؤسسة المراقبةrdquo;، التي تهدد ldquo;حماية معطيات حرياتناrdquo;.
وقالت في تقريرها ان ldquo;الاختراعات التكنولوجية تحمل في الوقت نفسه، التقدم والمخاطرrdquo;. وأشار رئيس اللجنة ldquo;اليكس توركrdquo; إلى ان الأفراد العاديين مرتاحون للأمان الذي يوفره لهم هذا النظام، وواعون للمخاطر التي يحملها، ولكنهم لم يعودوا منشغلين بمراقبة تحركاتهم، وتحليل سلوكياتهم وعلاقاتهم واذواقهمrdquo;.
على العموم لاتعتبر فرنسا جديدة على هذا النظام،الذي تمت اجازته رسميا سنة ،1995 ومنذ ذلك الحين باتت كافة الاماكن العامة، ومباني الدولة والطرقات العامة مزودة بكاميرات مراقبة، إلا أن نصب كاميرات مراقبة داخل المباني العامة والسكنية وتصوير البشر، أمر لايلقى الاقبال في فرنسا، وذلك من منطلق حماية الجوانب الحميمية في الحياة الشخصية، ولاسيما ان بعض الكاميرات تستطيع التركيز على شخص بعينه ومراقبة ونقل حركته طيلة رحلة في مترو او قطار او باص،أو خلال وجوده في مكان عام.
التعليقات